فاتح عبد السلام
لنتخيل انّ مواطناً من بين العراقيين دخل الى جلسة البرلمان ونادي بأعلى صوته داعياً البرلمانيين العُتاة الى وضع خطة محكمة وإطلاق البحوث المعمقة وتسخير الإمكانات المالية والمعنوية على نحو عاجل من اجل مواجهة الاجسام الغامضة والصحون الطائرة، والتي قد يكون العراق مسرحاً لحركتها أو غزوها في أي وقت.
طبعاً، أذهان البرلمانيين بحكم تركيبتها «الجينية السياسية»، منصرفة الى مشاغل خاصة، ورؤوسهم محشوة بصفقات انتخاب رئيس جديد لمجلسهم، فضلا عن همومهم الشخصية التقليدية في التفكير بالظفر بالحصص التي تقود الى الغنائم المقبلة، وهي غنائم تحت الشرعية الدستورية لأنّها توافقية أو انفرادية بحسب ظروفها.
بالتأكيد، سيضحك أعضاء البرلمان وتسترخي خدودهم وتنتعش اساريرهم لسماعهم هذه «النكتة الفضائية» التي جاءت في وقتها لتبديد الضجر المتراكم من حالة الركود المتحجر والبطالة المقنعة التي يغرقون في مستنقعاتها منذ زمن. وربما سيطلب أحدهم بصوت جهوري أو ثوري أو مقاوم، تدخلاً فورياً لحرس البرلمان المتخصصين بالفصل بين النوّاب عند المصادمات والاشتباكات بالأيدي والقناني و»الفشار» العراقي الأصيل في المنعطفات التي تواجه ممثلي الشعب.
كنت اتخيل مشهد مجلس النواب العراقي في هذه الحالة التي تنبع من تكوينه ومواقفه وصبغته، فيما يمر أمامي خبر تشكيل مجموعة برلمانية يابانية لمواجهة اخطار الاجسام الطائرة والعمل السريع لفك الغازها وغموضها ورموزها والجهات التي تقف وراءها، فالعالم «خارج» العراق هو قرية عالمية في الاتصالات الوثيقة لتدارس جميع الاخطار المحتملة التي تهدد الكوكب، في حين انّ هناك مجرد قرية «داخل» العراق، وشتان بين الحالين.
لو سئلنا أي مواطن عراقي في الشارع، لماذا نحتاج في بلدنا الى وجود مجلس النواب، لسمعنا إجابات عجيبة. وادعو من يشكك في هذا الكلام ان يجري هذه التجربة بنفسه، محذّراً إياه ان يكون فوق سن الثامنة عشرة من عمره نظراً لإمكانية تعرضه لكلمات» عراقية اصيلة» لا تناسب من هم دون هذه السن، لكي يكون كل شيء قانونياً وشرعياً ، كما هو حال جميع أحوال البلد.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية