الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الإغتراب بين الجواهري وشرابي وإبن الوزّان

بواسطة azzaman

الإغتراب بين الجواهري وشرابي وإبن الوزّان

عكاب سالم الطاهر

 

هشام شرابي، مثقف عربي من أصل فلسطيني، غادر بلده: فلسطين، قبل نكبة عام 1948. درس في الجامعة الامريكية ببيروت، ثم أكمل دراسته في شيكاغو، بالولايات المتحدة الأمريكية. إنتمى الى الحزب القومي السوري، وكان مقرباً من زعيمه إنطوان سعادة. وواكب المحاولة المسلحة التي نسبت للحزب لتسلم السلطة في لبنان. وهي محاولة فشلتْ، وحكم على زعيم الحزب بالاعدام، ونفذ فيه الحكم خلال أقل من (48) ساعة.

الدكتور شرابي، ألف كتاباً حمل عنوان: الجمر والرماد، وقد صدر ببيروت في مايس (أيار)، عام 1978. وبنفس العام حصلت عليه اهداءً، من المثقف اللبناني الصديق عماد شبارو.

في نهاية الكتاب، يصف المؤلف مغادرته، (بالأصح هربه) إلى أمريكا، من خلال العاصمة الأردنية، عَمّان، حيثُ يقول: الطائرة تعلو رويداً.. رويداً، فوق عمّان، متجهةً جنوباً. لقد نبذتني يا وطني، لن أرجع إليك.. لن أرجع أبداً.

وعاش الأكاديمي الفلسطيني، هُشام شرابي في ديار الغربة، ومات فيها. والذي يهمنا من سيرته ومن كتابه، رؤيته لحالةِ الاغتراب، ويرى فيها شيئين:

الاول: أنها قسرية، إضطرارية.

والثاني: انها غربة لا رجعة عنها.

ابن الوزان

ذلك فهم معاصر لحالة الاغتراب. ولكن دعونا نعود الى الوراء خمسة قرون، لنكون أمام شخصية مهاجرة على الدوام. إنه (يوحنا لِيون)، الملقب (ابن الوزّان)، وهو غرناطي (نسبة الى غرناطة الاندلسية).  حيث وُلد في غرناطة، ورحل الى مدينة فاس المغربية، ومنها الى روما. الوزّان يقول: وطني هو القافلة الراحلة. نحن هنا أم شخصية لا تقف على أرض. إنها شخصية أممية، إن لم نقل غجرية، إن صح التعبير.

الجواهري الكبير

وهناك مثل آخر للاغتراب. إنه الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري. عاش حياة الاغتراب. وعاد الى بغداد عام 1969. وحين وطأت قدماه أرض بغداد، قال:

أَرِح ركابَك من أينٍ ومن سفر

كفاك جيلان محمولاً على خطرِ

ورغم أن شاعرا  ومسؤولاً عراقياً أجابه شعراً:

ما في ركابك بعد اليوم من سفرِ

كفاك جيلان محمولاً على خطر

فان الاستقرار كان وهماً، ومجرد حلم في ذهن الشاعرين: الجواهري والمسؤول العراقي آنذاك. إذ أن الجواهري امتطى صهوة الغربة مجدداً، ليصحبه (الزائر الأخير) إلى مقبرة السيدة زينب، في العاصمة السورية دمشق. حيثُ دُفِن هناك.

لكن الجواهري، يمتطي صهوة الغربة بشجاعة الفارس المتحدي. وفي (الكاسيت) الذي وُزَّع في العراق قبل الاحتلال، بسنوات قليلة، نستمع للجواهري يقول:

كمْ مأزقٍ بك خضتُه   في البحر حين يعُربدُ

يترددُ التمساحُ يخشاهُ   ولا أترددُ.

 


مشاهدات 279
الكاتب عكاب سالم الطاهر
أضيف 2024/06/07 - 8:04 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:32 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 320 الشهر 11444 الكلي 9361981
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير