الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل السياسة مهنة لمن لا مهنة له ؟

بواسطة azzaman

هل السياسة مهنة لمن لا مهنة له ؟

مزهر الخفاجي

 

عفواً. لماذا كلّما أشتّد عودُ غضبي على حالنا في المنطقة والعراق تذكرت تبرّم أحد الشُعراء المـگـاريد، الذي استغّل بَيت الشِعر العربي القديم ولَعِبَ عليه، مثلما استغل بعض المتنطعين والمتطفلين اللعبة الديمقراطية فلعِبوا بالاحرى... لعبوا علينا.

يقول بَيت الشِعر هذا:

لكُلِّ داءٍ دواءٌ يُستَطابُ بهِ

      إلا السياسة أعيَت مَنْ يداويها!!

لا عليكم أنسَوا ما قُلت.. ودعونا نسترسل، يقول رولان بارت في كتابه السطوريات:

- « لا يوجد شيء أكثر إثارة للسُخط من بطولة بلا موضوع».

إنها بالنسبة الى مجتمع معيّن، أن يَشرَع في أن يطوّر أشكال الغضب بدعوى الإمساك بالفضيلة ؟. وسياسية أو ستراتيجية، التي وصلت الى مصطلح فلسفة اثارة الغضب... هي المهنة التي بات يمارسها بعض الساسة أو الممسكين بالسلطة.

مما جعل أبناء المنطقة العربية يحنّون الى مقولات المفكر الفرنسي ( لوسيان لابوسيه):

- « لا أرى خيرٌ في تعدّد الأسياد. يكفي سيد واحد وملك واحد».

ويعترف لابوســـــــــــــــــــيه من أن ما قاله إنما تكلّم به ( جوليوس)... أمام الملأ في ألياذة ( هوميروس)، وقد غضب الكثير عليه رغم أنه لم يصل الى سوى الجملة التالية:

« لا أرى خير في تعدد الأسياد»

كفى سيدٌ واحد!!!.

  ما سُقناه من مقدمة يطلق عليها أهل بغداد القدامى ( بلتيقه) التي بالانكليزية تــــــــــــعني ( بولوتيك-  polotics) أو باللغة اللاتينية-  polotique) والسياسة عند أهل الخبرة مثل سبينوزا او « ساجت أخرس» أحد أعيان محافظة ميسان.

أن شكلاً من أشكال التعاطي عفواً التعامل مع المشكلات الراهنة، أو كما يسميها ( ساجت الأخرس) الموزمات /او المحن.. التي تواجه ابناء قريته آنذاك وقريته في عالمنا الرقمي المُعاصر...

مؤسسة سياسية

نعم. ان السياسة هي موضوعها اظهار الكيفية التي ينبغي أن تكون عليها المؤسسة السياسية في المجتمع. حكومة / برلمان / قضاء. وهي تشمل بعض القرارات أو السياسات التي ينتهجها اصحاب الحل والعقِد ( النُخبة).

هذا إذا ما رغِبنا في أن لا يتحوّل نظام الحكم الى نظام مُستبد، وفي أن يتحول الحوار الى اكسير يساهم في ان يكون السلم الأهلي هو المكافأة التي ينعم بها المواطئون، الذي هو أعلى مَن سقف اعلى الديمقراطية واهم من البطاقة التموينية ويوازي شفرة العالم فسقطوا ) ماسلو ) في ثلاثية ( الامن، الغذاء، والسكن).

نعم. أقولها بضرس قاطع، أنه هل السياسة من أور نمو.. وتحتومس وصولون ويوليوس قيصر حتى عبد الحميد الثاني مروراً بمحمد علي باشا وفاروق وفيصل الاول حتى جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم.

على الرغم مما جبلوا عليه من شجاعة وموهبة وسِعَة أفق لأنهم كانوا يستشيرون وفقاً لقاعدة سيد الكائنات:

وأستعينوا بكل قضية بصالح أهلها»

أو كما قال علي بن ابي طالب ( ع):

« مَنْ شاوَر الناس... شاركَهَمْ في عقولهم»

   طيب لماذا سياسيونا في العراق والمنطقة العربية يغضون أبصارهم، ويطبقون على اسماعهم أمام موروثنا الدِيني والفكري والتراثي... وهو يقول:

« ما خابَ مَنْ أستَشار»

حين يتجاوز أهل السياسة ومتعاطيها هذا المبدأ يجانبون حقيقة أفرزتها الحرية واللعبة الديمقراطية، التي تدعو في أبسط مبادئها الى الفصل بين السلطات، ورفض القبول من حكم الواحد

الى حكم الواحد المُكلّف وفق ( العقد الاجتماعي) الدستور بكافة هذه الصلاحيات... فلماذا نقبل في أن يتحدث رجل الدِين بقضايا الدولة. ويترك وزير الصحة مسؤولياته ليتحدث عن مساوىء استيراد الطماطة من الخارج.ويتكلم وزير الدفاع باستحقاقات فلاحي نينوى، ويُغرّد وزير التجارة، ان محاسن الادخار الاجباري قد تُقلّل من مساوىء تهريب العمالة الأجنبية، وتسارع وزيرة الهجرة والمهجرين للحديث عن تطوير الدخل للفرد العراقي.

وعندما دخلت اسواق الكرادة استعرضت أناقتها. نعم. قد يكون هذا الأمر مقبولاً وفق نظام المؤسسات. نعم. قد يكون الأمر كما قُلتُ مقبولاً حين نناقش هذا الأمر داخل اجتماعات الحكومة.

أو حين ينحصر الأمر في مجمعاتنا المحلية أو عوائلنا، والأمَرْ والأدهى: أن أعضاء مجلس النواب... مُمثلي الشعب... الذين يفترض انهم تخطوا عتبات ثلاث:

- بيوت طابت ثم طهرت فكان العيب ناموسها.

- مدارس ومعاهد وجامعات.. علّمت احترام التخصص، حدّ أنها ربّت ثم علّمت.

- جوامع تصدح في الغدي والعشاء ( بسم الله الرحمن الرحيم).

( والعصر ان الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر).

أظن أن العاملين في السياسة او ممارسيها او زبانيتها قد نسوا أو تناسوا ان السياسة هي ( عملية المشاركة في صنع القرار). وهي احد عمليات التفاعل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

وان السياسة ظهرت من اجل ظهور النظام السياسي، وانها انعكاساً لها، وإن أحد شروطها، السعي لبناء مؤسسات الدولة، وليس اللعب عليها أو توسيع هوتها، وان السياسي اول ما تربطه بالرنامج الحكومي للدولة وسقف العمل فيها.

وان تكون وفق مبادىء لدستور والقوانين المرعية وليس العكس!؟.

لا أدري. هل أقترنت ذاكرة العاملين في السياسة في العراق أو المنطقة بقراءة بسيطة لمرجعياتها؟.

فالعالِم جاك اتالي يقول:

- « ان السياسة هي عِلم العمل ضمن نظام سياسي، فلا يجوز أن تؤمن ببعضها وتكفر ببعض، إلا إذا كان الأمر يتعلّق بمصالح الشعب والخرق الحاصل في مبادئها». 

والبعض عن المفكر الفونسوا مارسيل:

- « هي العمل على فض النزاعات والأزمات قبل وقوعها، لأنها الضمانة الوحيدة لنجاح نظام الحكم وتجربته الديمقراطية، وانه لا يجوز أن تتحوّل العملية السياسية الى حلبة      انتخابات مستمرة».

احترام الفاعلين

والسياسية عن المؤرخ جودي:

- « هي ارتباط الجماعة الصحيحة بمصالح شعبها، واحترام الفاعلين بها لقاعدة الحاكم والمحكوم».

وان السياسة عند العالِم رد كليف:

- « ان جوهرها يكمن في تعاهد العاملين والممارسين لها لحفظ الأمن والسِلم الأهلي لأنها المساحة الحقيقية لتثبيت الحرية واستمرار نظام التبادل السلمي للسلطة، الذي هو هدف الممارسة الديمقراطية».

لكن الممتهنين للسياسة عندنا لا يفرقون بين الدولة وعناصرها ومؤسساتها والسلطة ومفاهيمها، حيث نجد البعض يمارس فعلاً دكتاتورية مشينة من خلال تصدير رغباته ومصالحه هو وجماعته، مُتناسياً من أنه يجب ان يحترم قوانين اللعبة الديمقراطية ومبدأ الفصل بين السلطات و واجبات كل من الموسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية .

وان كان لا يفهم مقدراتها،،، لكنه يستعين بشعارات ( مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا الأهلية ( أدفع نقداً تنجح سَلفاً)، لذلك لم يميز العاملين في الساحة السياسية بين قدراتهم ورغباتهم بين احلامهم واهدافهم، فصارت مجتمعاتنا ودولتنا... بفضل اخطار الفاعلين فيها سواءاً أدركوا ذلك أم لم يدركوا، ينطبق عليهم قوله تعالى:

« الذين يخربون بيوتهم بأنفسهم»

عَوداً على بدء، ان ما نجح به الممسكون بالسلطة أيّاً كانوا التنفيذيه أم تشريعه، فهم يقومون بــــتصرفات مشينة مِن مثل:

- يُراهنون بغواية مستحدثي النعمة على الاستمرار بالغي.

- الاستخدام السيء للمال في تصدير جماعاتهم الفاشلين والفاسدين.

- السعي الى المغامرة بمقدرات تجربة كلفت العراقيين ( دماً ومالاً وتضحيات).

- نشر ثقافة غريبة على مجتمعنا تبدأ بالكراهية وتنتهي بالرغبة في تأسيس امارات

  وكانتونات طائفية وعرقية.

هذه التصرفات المشينة انعكست على مزاج الشارع الشعبي!!. بحيث اصبح:

- بعض الناس عازفين عن التجربة الديمقراطية وبعضهم مشككاً فيهاً.

- الاساءة الى مفهوم اللعبة الديمقراطية من خلال التزوير في نتائجها على الرغم من ان كل  السوء الذي فيها كان هو الشر الذي اثر على صاحبه.

- تجذير ظاهرة الانقسام الطائفي والعِرقي والطائفي والانتقال الى ظاهرة الانقسام المجتمعي، وهي تزيد المخاطر على العملية السياسية، ومن العوامل التي تساهم في تحفيز عملية

  الصراع والنزاع المجتمعي. والأدلة عديدة بهذا الشأن

- قديماً كان أهلنا فقيرهم وغنيهم شيبهم وشيخهم مدنيهم ومتدينيهم يوصي اولاده: أن كل شيء مقبول في الحياة، لكن أهلنا ظلوا يوصونا بضرورة الامساك  بــ ( السِتِرْ والعافية) وهما نِعمَتان مفقودتان عند الذين لا يمتهنون عمل الا السياسة.

 


مشاهدات 335
الكاتب مزهر الخفاجي
أضيف 2024/06/01 - 12:33 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 2:17 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 296 الشهر 11420 الكلي 9361957
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير