المسؤولية القانونية عن جرائم الشذوذ الجنسي
كاظم عبد جاسم الزيدي
مع تطور الحياة في المجتمعات الحديثة و تنوع وسائل الإعلام و الاتصال وتبادل الثقافات ظهرت نماذج جديدة من السلوكيات لم تعرفها المجتمعات التقليدية فالتركيبة النفسية للفرد تأثرت بالثقافة المادية الحديثة القائمة على الاستهلاك والتقليد الثقافي والتجرد من القيم الأخلاقية وانسجاما مع الفطرة الإنسانية والطبيعة البشرية التي خلق الله تعالى الانسان عليها من ذكر و أنثى وحفاظا على كيان المجتمع من الانحلال الخلقي ودعوات الشذوذ الجنسي التي غزت العالم و لخلو التشريعات من العقاب الرادع لأفعال الشذوذ الجنسي و من يروج لها صوت مجلس النواب العراقي على مشروع قانون التعديل الأول لقانون مكافحة البغاء رقم (8 ) لسنة 1988حيث أطلق تسمية جديدة على القانون وهو ( قانون مكافحة البغاء و الشذوذ الجنسي ) وبالرجوع إلى قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل فان المشرع العراقي لم ينظم احكام المسؤولية الجزائية للمجرمين الشواذ ووفقا للمشروع الجديد فان المشرع العراقي قد أورد تعريفات للبغاء والشذوذ الجنسي والسمسرة وبيت الدعارة حيث عرف البغاء بانه : تكرار ممارسة الزنا مع أكثر من شخص بأجر أو من دون أجر وما يؤخذ على هذا التعريف انه تطلب التكرار فهل ان ممارسة الزنا لمرة واحدة أو مع نفس الشخص لمرة واحدة يعتبر مباح قانونا و خصوصا ما يتعلق بممارسة الزنا في منزل الزوجية وكان الأجدر تعريف البغاء بانه احتراف المرأة ممارسة العلاقة الجنسية مع الرجال مقابل اجر أو بدون اجر إما بخصوص الشذوذ الجنسي فان المشرع لم يعرفه و إنما أورد صور للشذوذ الجنسي ومنها الشذوذ الجنسي المثلي وهي العلاقة بين شخصين من جنس واحد ذكر وذكر أو أنثى وأنثى وتبادل الزوجات لأغراض جنسية .
ممارسة مقصودة
واعتبر التخنث بانه كل ممارسة مقصودة للتشبه بالنساء إما السمسرة فهي الوساطة بين شخصين بقصد تسهيل البغاء أو الشذوذ الجنسي بأية طريقة كانت ويشمل ذلك التحريض و لو بموافقة احد الشخصين أو طلبه كما يشمل استغلال بغاء الشخص بالرضا أو بالإكراه و لم يعرف المشرع العراقي الدعارة و إنما عرف بيت الدعارة بانه المحل المخصص لفعل البغاء أو الشذوذ الجنسي وتسهيل ممارستهما وقد منع المشرع العراقي البغاء و السمسرة و التخنث و منع الشذوذ الجنسي بجميع صوره و كذلك حظر الترويج له باي وسيلة كانت ويعاقب عليه وفقا لاحكام هذا القانون كما منع تغيير الجنس البيولوجي بناءا على الرغبات و الميول الشخصية مع استثناء حالة التداخل الجراحي لمعالجة التشوهات الخلقية لتأكيد جنس الشخص ذكرا كان ام أنثى بعد صدور قرار قضائي وهي عملية التحول الجنسي حيث ان عملية التحول الجنسي تثير إشكالات قانونية و خصوصا في مسائل الأحوال الشخصية كما أنها تشكل خطرا على السلامة الجسدية ويشكل خطرا على المجتمع اذا كان استخدامه غير مشروع و انتشار بعض حالات الميول والاضطرابات في الهوية الجنسية عند الأشخاص المكتملين من ناحية البنية الجسدية و التكوين البايولوجي والذي تولد لديهم أفكار ومعتقدات تسيطر على عقولهم بأنهم ولدوا في الجنس الخطى و جعلهم يشعرون بان هذا الجنس ليس جنسهم الحقيقي و مما يجعلهم يقومون بإجراء عملية التحول الجنسي ويحظر نشاط أي منظمة تروج للبغاء أو الشذوذ الجنسي في العراق كما ألزم المشرع كل من هيئة الإعلام والاتصالات ووزارة الاتصالات باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الترويج للشذوذ الجنسي أو نشر المواد الإباحية أو المخلة بالحياء و الأخلاق و الآداب العامة مع ان مكافحة البغاء هي مسؤولية مشتركة لجميع السلطات المختصة واعتبر المشرع ممارسة البغاء من الجنايات حيث عاقب عليها بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار و لا تزيد على عشرة ملايين دينار كما عاقب بنفس العقوبة كل مستغل أو مدير لمحل عام يسمح لدخول الجمهور فيه استخدم أشخاصا يمارسون البغاء أو الشذوذ الجنسي ومن يمتلك أو يدير بيت الدعارة.
وما يؤخذ على هذا النص انه قد يكون من يمتلك البيت أو المحل لاعلاقه له بالأشخاص الذين يمارسون البغاء و من العقوبات التي فرضها المشرع العراقي عقوبة مصادرة المال المخصص لأغراض السمسرة منقولا كان ام غير منقول و يعاقب من يتعاطى البغاء بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد على خمسة ملايين دينار و يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من استبقى شخص للبغاء أو الشذوذ الجنسي في محل ما بالخداع أو بالإكراه أو بالتهديد وكان عمر المجني عليه اكثر من ثمانية عشر سنة وتكون العقوبة بالسجن مدة لا تزيد على خمسة عشر سنة في حالة كون المجني عليه دون الثامنة عشر سنة و على المحكمة الحكم بالتعويض العادل للمجني عليه أو عليها كما عاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات ولا تزيد على خمسة عشر سنه كل من أقام علاقة شذوذ جنسي كما عاقب كل من روج للبغاء أو الشذوذ الجنسي باي وسيلة كانت أو ساعد على ذلك ولا تسري احكام الأعذار القانونية والظروف القضائية المخففة المنصوص عليها في احكام المواد (130 ،131،132 ) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل بحق كل من ارتكب جريمة الشذوذ الجنسي أو الترويج لها كما اعتبر المشرع العراقي حالة التخنث أو الترويج لها جنحة حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد على عشرة ملايين دينار كل من ارتكب ممارسة مقصود للتخنث أو الترويج له و يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة و لا تزيد على ثلاث سنوات كل من غير جنسه بايولوجيا أو شرع في ذلك و يعاقب بالعقوبة كل طبيب أو جراح أجرى العملية خلافا لما ورد في احكام هذا القانون حيث ساوى المشرع في العقوبة بين ارتكاب الجريمة والشروع فيها خلافا للقواعد العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات كما ان العملية الجراحية قد تجرى من قبل شخص غير طبيب خصوصا مع انتشار ظاهرة مراكز التجميل.
جرائم البغاء
كما اعتبر المشرع العراقي جرائم البغاء والشذوذ الجنسي وجريمة تغيير الجنس والترويج لتلك الجرائم من الجرائم المخلة بالشرف و كل حكم يصدر فيها بحق موظف أو مكلف بخدمة عامة يستتبعه بحكم القانون عزله من الوظيفة و ان ذلك يتماشى مع القواعد العامة المتعلقة الجرائم المخلة بالشرف و العقوبات التبعية والتكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي كما ان المشرع العراقي الغي المواد (10، 12،11،13) من قانون مكافحة البغاء المتعلقة بإعداد دور الإصلاح وتوجيه النساء في وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية و تفردي قسم خاص في دوائر الإصلاح و الإحداث لإيداع الذكور المحكوم عليهم بسبب ممارسة البغاء كما انه وفقا للتعديل الجديد في القانون فقد تم إلغاء القرار 234 لسنة 2001 المتعلقة بإدارة شبكات الدعارة والذي كان يعاقب بالإعدام كل يرتكب جريمة اللواط بذكر أو أنثى أو يعتدي على عرض شخص ذكرا أو أنثى بدون رضاه أو رضاها وتحت تهديد السلاح أو باستخدام القوة بشكل يخشى معه على حياة المجني عليه أو المجني عليها أو يزني بإحدى محارمه وكان وقت ارتكاب الجريمة قد أكمل الثامنة عشرة من عمره ويثبت تعاطيها البغاء ومن يثبت ارتكابه جريمة السمسرة رجلا كان ام امرأة ويعاقب بالعقوبة ذاتها من يشاركه في الجريمة ويستغل أو يدير محلا عاما أو أي محلا عاما أو أي محل أخر يسمح بدخول الجمهور فيه أو يمارسون البغاء لغرض استغلالهم في التشويق لمحله أو من يملك أو يدير منزلا أو غرفا أو فندقا يسمح للغير بتعاطي البغاء فيه أو يسهل ذلك أو يساعد عليه وان صياغة السياسة الجزائية التي تهدف إلى مكافحة جريمة الشذوذ الجنسي تؤكد على تبني نهج الدفاع الاجتماعي الحديث تصطدم بالشخصية غير الاعتيادية مما ينبغي ضبط مفهوم المجرم الشاذ جنسيا وتمييزه عن بقية أصناف المجرمين للتوصل إلى معاملة جزائية تلاءم شخصيته الإجرامية على أساس حقائق ووقائع ذات طابع نفسي الأمر الذي يتطلب استحداث نظام جزائي خاص الغرض منه مواجهة الخطورة الإجرامية للمجرمين الشواذ بمختلف فئاتهم مما يساهم في حماية المجتمع و الإفراد من خطر الجريمة ووقاية المجرم الشاذ من الانحراف أو العود إلى الجريمة .