الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
محاولة في الكشف عن زمن الشعر
مهند الياس

بواسطة azzaman

محاولة في الكشف عن زمن الشعر

مهند الياس

 

- زمن الشعر .. هو زمن الشاعر ذاته -

.. وبهذا التقييم الذي لايقبل الجدل ، يدفعنا الفضول الى التوقف ازاء موقف الشاعر - اي شاعر - من المرحلة التي تنتصب فيها قامته ، وبحاول صوته

 ان يتغلغل عبر المدارج ليكون (صداه) مؤثرا وفاعلا ، بالقدر الذي يؤرخ له ، والذي يسجل له في ذات الوقت احقية الاحتواء لزمنه الذي تحدده معاييره واحكام ابعاده .

.. فعندما ظهرت ( الارض الخراب) ل(ت.س.اليوت) عام 1922 ـ سرعان ما اعطته الزعامة كشاعر وقوبلت من قبل معاصريه بالتهليل بوصفها قصيدة الجيل الذي اضنته الحرب، وبذلك خلع عنه ثوب (النقد)

 الذي عرف به ومارسه ، فكانت - قصيدته - الصورة التي لاتفارق فاصلة الزمن الذي احدثته ، وما ترك وقعها على معاصريه من النقاد ، اذ كان لتصويب مؤشرات مرحلته قتاعة لازمة لتحديثها و استكشاف لزمن واقع لها لابد منه ، وكذلك عندما كتب - ارشيبالد مكليش - قصيدته الشهيرة في ( فن الشعر) والتي اعلن فيها وبمواجهة عنيفة لنقاد عصره بان ( حسب القصيدة ان تكون .. لا ان تعني) .. حيث  حاو ل فيها ان يؤكد بان مرحلته قد بأت فعلا على انقاض افكار المتقدمين من رواد جيله ، وترك الحوار قائما لخيارات الاخرين من بعده..!

.. ان حالة كهذه ، دفعتني للولوج الى مرحلة الزمن الذي اثارت فيه جموده وحركت صورته البطيئة قصيدة - انشودة المطر - لشاعرنا السياب ، وفي الوقت المحدد لها ان تكون ( نشرت عام 1954 في مجلة الاداب البيروتية) .. فغيرت مسارا باكمله ، بل احتكرت مرحلة بصوتها المتميز المعلن ، ودارت حولها حركة شعرية ذات خصوصية متفردة ، وكذلك وضعت حدا لااسئلة الشعر العربي المعاصر ، حيث دخلت ضمن المنهج الجدلي النقدي الحديث ، وتوقفت ازاء شرط تأريخي حاسم.

 ان مقياس ما ا احدثته ( انشودة المطر) .. هو مقياس زمني اعطى للقصيدة العربية الجديدة ولادتها في النموذج المتكيف لاختزال تخوم اللغة  (الجامدة) ، والخروج منها نحو تفاصيل تقنيتها المرنة والواسعة ، وكذلك تفجير حالات الاستيعاب الضيقة التي اصابها ومن خلال حماقة المتزمتين لعا ..!

* ياترى ، كيف وثقت ( انشودة المطرالسيابية) زمنها شعريا فحسب ،، ام كونها احتفلت بكسرطوق المألوف الشعري ..؟

 يقول الناقد الياس خوري عن القصيدة الزمن (( انها قصيدة نموذجية للدراسة ، فهي تشكل نموذجا لبدايات الشكل الشعري الجديد ، تزاوج بين الغنائية والابعاد المتعددة ، نموذج الرمز في قالب اصطلاحي - اساسي - الرمز التموزي ، ثم تقوم في الوقت نفسه بحمل ابعاد الحركة الاجتماعية على كل المستويات ، والسياسية وبخاصة ، انها ليست قصيدة واقعية بمعنى

 بروز المصطلح السياسي وتغليبه على جميع عناصر القصيدة في علاقة احادية الجانب تتركب في معادلة بسيطة من طرفين ، لكنها في الوقت نفسه ، تبرر سمات ( واقعية) ، عبر دمج الرمز التموزي بالحياة المعاصرة ).... ان ما يكشفه الخوري ضمن تحديد ( قيمة) القصيدة ، وبالشكل الموجز هنا ، بوصفها - نموذجا لبدايات الشكل الشعري - هو ما نود البحث فيه ، واستدراك معطياته .. فالقصيدة كشفت عن موقعها الزمني الذي لم يتجاوزه حدث شعري معين ، فرسمت بذلك وضعها الختامي كبداية لمنطلق تنظيري

 جديد اغفله معظم الشعراء المحدثون ، فولادتها جاءت معبرة عن فك الحصار عن تخالطات الاصوات الشعرية التي اهتمت بالنسق الشعري الذي خضع  لعامل التأثر والتأثير دون تحديد الى مستوى ( الانشودة) ذاتها ..! لقد حاول السياب في هذه القصيدة ، ان يعطي الزمن حيويته القصوى ، وان يتشبث بتلابيبه منطلقا من مرحلته وهي مرحلة عصيبة اذا ما قيست مع غيرها ، لذلك جاء صوته مستغرقا متحديا يحمل عبر كشفه ، زمنه الشعري الذي ارتضاه هو .. فكانت (الانشودة) ، الزمن الذي احتاطه واحتفل به يعد ان احسه تماما وحين (- يبدأ الاحساس بالزمن في اعماق الشاعر منبثقا من اللحظة الجضارية التي يحياها مدركا وواعيا .. يثير تجارب الواقع مواقف لابد منها بكل ابعادها واشكالها فتصبح القضية ، قضية التزام بمشكلة مصيرية تحدد وجوده مع الاخرين.

 


مشاهدات 141
الكاتب مهند الياس
أضيف 2024/06/24 - 4:37 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 7:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 265 الشهر 10933 الكلي 9361470
الوقت الآن
السبت 2024/6/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير