الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مجزرة الطحين في موسم الديمقراطية

بواسطة azzaman

مجزرة الطحين في موسم الديمقراطية

جاسم مراد

 

ثمة مفارقة في الزمن الذي تختفي تحته مئات جثث الصبية والامهات لمجرد انهم يريدون طحيناً ، وبين أطنان من كتب ومقالات واحاديث حقوق الانسان المتكدسة في رفوف الأمم المتحدة وفي صالات واشنطن وتل ابيب ودول الغرب ، انها مفارقة لم تحدث حتى في تاريخ المغول وفي زمن الاجتياحات البشرية البدائية وفي الامبراطوريات الغربية والاسيوية الزاحفة نحو شعوب الشرق ، نعم لم يحدث ذلك إلا في هذا الزمن الذي طغت فيه فلسفة السيطرة والالغاء والاجتياحات ضد حقوق الشعوب باسم الديمقراطية .

في غزة تلك المدينة الفلسطينية المستقرة على اكتاف البحر المكتظة بالسكان الذي بلغ عددهم اكثر من مليوني ونصف المليون انسان بمساحة صغيرة اثقل ظهرها بهذا العدد من البشر ، كان هناك جيشاً اسرائيلياً مشحون بالعنصرية وبالضد من كل انسان في غزة طفلاً كان أو أمرأة حامل بطفل جديد ، وبالمقابل عبر الأطلسي دولة عظمى بحت أصوات قادتها في الحديث عن حقوق الانسان والديمقراطية ، لكنها أرسلت الى إسرائيل من قنابل وصواريخ التدمير يتفوق في تدميرها ماسقط على مدينتي نكاسكي وهوروشيما من القنابل الذرية ، وعلى من تسقط ، إنها تسقط على الأطفال والنساء والأطفال الخدج وكبار السن ، بزعم مقاتلة حماس ، إنه بحق زمن التناقض بين الادعاءات وبين الممارسات .

كتب سماوية

نحن الان في زمن القحط في الاخلاق ، والسمنة الفكرية في الادعاءات والكذب ، نحن في زمن التخلي عن كل الآيات في الكتب السماوية وسيادة القوة والعنف والقتل الجماعي لكل ماهو فلسطيني في غزة ، اليس هم قادة إسرائيل القائلين في مناشدة الجيش ، اقتلوا الأطفال قبل ان يكبروا ويصبحوا فدائيين وخطرا على إسرائيل ، احرثوا الأرض واقيموا فوقها مستعمراتكم قبل عودة اهل غزة لديارهم .

في ظل هذا الوضع الدموي ، وفي وقت نهضت فيه شعوب الغرب انتصارا لغزة ودفاعا عن الطفولة ، تصل الى مطارات إسرائيل الاف من أسلحة الدمار الشامل من أمريكا والغرب لإسرائيل لتواصل عمليات القتل بدون رادع من ضمير او شعور بحق الانسان في العيش ، انهم لايقاتلون الرجال بالرجال أو المقاتلين من أبناء المقاومة والجيش الإسرائيلي ، بل انهم يدمرون البيوت فوق رؤوس ساكنيها ولايهم من فيها من أطفال وعجزة ونساء ، المهم هو القتل ، ورغم رؤية العالم لكل ذلك يبقى موسم الديمقراطية المغمس بدماء الأبرياء هو اللغة السائدة بي المتخاطبين الإسرائيليين وعتاة السياسة .

لوقف الحرب المجنونة معادلتها بسيطة ، وهي وقف تسيير مئات البواخر والطائرات المحملة باحدث أسلحة الدمار لمدة أسبوع فقط او حتى التلويح بذلك ، تقف الحرب ، أو اطلاق الحرية لقرارات وقف اطلاق النار في مجلس الامن ، تقف الحرب ، إذا هذا وذاك لم يحدث فان الجميع شركاء بابادة الشعب الفلسطيني .

يبدو إن الجميع الشركاء في موسم القتل ، لم يحفظوا لأت الشعوب المصممة على حرب التحرير ، فهي لآت الرفض لكل السياسات الاحتلالية والقمع والاستيطان والغزو ، وقد حدث ذلك في القرن الماضي في الجزائر وفيتنام ، وحدث في قرننا هذا في العراق وأفغانستان ويحدث في فلسطين ، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتراجع الشعوب عن النضال لنيل حريتها واستقلال اوطانها ، فهناك امبراطوريات سقطت رغم ضخامتها وقوة اجتياحاتها وهناك دول سقطت كونها كانت دليلاً للغزاة ، وها هي معركة طوفان الأقصى التي جاءت بعد سنوات القتل والحصار اثبتت بأن الجيش الذي لا يقهر أندحر فعلاً وأصبحت نيران أسلحته المختلفة صوب العزل من المواطنين الأبرياء فيما المقاومون يقاتلون فوق الأرض وتحتها في معركة لم تنتهي إلا بوقف الحرب ، أما الانتصار فقد تحقق يوم السابع من أكتوبر ومابعده ترسيخ لهذا النصر .

يوم مذبحة الطحين في دوار نابلس بغزة ، حينما وصل الجوع لقتل (13) طفلا سمع الناس الغزاويين بوصل شاحنات الطحين الى دوار نابلس فذهب اعداد هائلة منهم الى المكان وفي تلك اللحظات التي تجمع فيها الاف الرجال والشبان والنساء علهم يحثلون على حفنة طحين وإلا بطائرات ودبابات إسرائيل تصب فوق رؤوسهم احزمة نارية راح ضحيتها اكثر من ( 1008) اشخاص جميعهم مدنيون جوعا ، فأن اين كان العالم الديمقراطي المتقدم من ذلك ، وأين هم المسلمون من تجويع الأطفال وموتهم جوعاً ، فلا غرابة من ذلك فنحن في موسم الديمقراطية في زمن التجويع ..

 


مشاهدات 376
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2024/03/22 - 10:16 PM
آخر تحديث 2024/06/29 - 8:11 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 321 الشهر 11445 الكلي 9361982
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير