الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الزعيم عبد الكريم قاسم .. ذكرى وذاكرة 

بواسطة azzaman

الزعيم عبد الكريم قاسم .. ذكرى وذاكرة 

عبد الرضا محسن الملا

 

عاش بسيطاً متواضعاً, بغدادي المولد والنشأة ترعرع في مناطق شعبية من محلته التي ولد فيها (المهدية) صوب الرصافة ببغداد انتقل بعدها مع عائلته الى محلة قنبر علي القريبة منها, وهذه المحلة تضم اجناساً وطوائف مختلفة غالبية سكنتها من يهود العراق الوطنيين تجهز العاصمة بغداد بالدجاج والبيض باسعار مناسبة, والبغداديون طيبون بطبعهم متحابون بينهم, كرماء, نسيجهم الاجتماعي متماسك لا يفرقهم دين او مذهب او قومية وانسحب كل ذلك على العراق ايجاباً بعد الثورة المباركة متمثلاً بقائدها الزعيم قاسم فتراه يزور المناطق الشعبية باستمرار متفقداً اهلها خصوصاً  الفقراء منهم لانه عاش حياة الفقر ايام طفولته, وحتى اليهود احبوه ومما قاله فيه الشاعر اليهودي العراقي انور شاؤول:

يا كريما  قلما جادت به امهات

                    تنجب الصيد العظاما

دمت للشعب زعيما ملهما

                   وبصدر المجد خلدت وساما

جسد شعاره (ان لنا في كل يوم ثورة ) بمنجزات لا تعد ولا تحصى لايسع المجال لتعدادها ولنا ذكريات شخصية لازالت راسخة في ذاكرتي اقتضب قسماً منها وعن قرب من زعيم الثورة احداهما وكان عمري ثلاث عشرة سنة شاهدت الزعيم وسائقه يدفعان سيارته التي غرست في الطين كون شوارع المنطقة تخلو من التبليط, وتجمهر المواطنون حوله يساعدونه بأخراج سيارته كلمهم بلهجته البغدادية (لعد آني ليش اجيت) بعد ان شكا المواطنون عن حالهم في موسم الامطار واوعدهم البدء بالتبليط في اليوم الثاني من زيارته واوفى بوعده وكنت قريباً منه قبلته في خده واضعاً يده على كتفي اسمعني كلمات طيبة احتفظ بها حتى اليوم, والاخرى عندما كنت ذاهباً الى ساحة التحرير صدفة وقد تجمهر فيها فلاحو العراق جاءوا من شماله وجنوبه وغربه ووسطه يوزع عليهم سندات الاصلاح الزراعي, لا استغلال ولا جشع ولا اقطاع يتحكم بهم بعد اليوم, ومخاطباً اياهم انه ذاهب الى الصويرة وقلبه معهم.

حياة عفوية

والصويرة فيها دار والده وذهابه اليها لتحويلها الى مدرسة وهنا يتعالى الهتاف بحياته بعفوية, وفلاح من جنوب العراق الاشم يخاطبه باهزوجة ريفية اصيلة ( كْريم سدرة وكلنا انچوچي احذاه) وكريم تصغير لكريم يطلقه الاباء على من يحبونه من ابنائهم اعتزازاً بهم وادخارهم في الشدائد, والسدرة شجرة كثيفة الاوراق يحتمى بها من شدة الحر, وانچوچي احذاه تعني تجمع الطيور حول امهم حماية لهم من الغير نعم كان الزعيم كذلك, ودونت هذه الاهزوجة في دفتري الصغير. وبعد عام 1968 عائداً من ساحة التحرير لمحت مصادفة علي صالح السعدي يروم الدخول الى محلات چقماقچي لبيع الاسطوانات والات الموسيقى تقــــــــــع بداية شارع الرشيد من جهة الباب الشرقي  اوقفــــــــــته مذكراً اياه بموقفه حينها اتجاه الزعيم  عام 1963 وما اسمعه من كلمات غير لائقة اجابني وبدا نادماً كان الزعيم وطنياً, شجاعاً ونظيفاً خدم العراق.

رحم الله الزعيم قاسم خالداً في قلوب ووجدان ابناء شعبه الذين احبوه, والذي ندعوا اليه وما نتمناه بناء قبره في نفس المنطقة التي دفن فيها (منطقة المعامل) شرق القناة الواقعة بين بغداد وبعقوبة وغسّلَه وكفنه فيها ابنائها الغيارى وقبل اخراج جثته الطاهرة من جهة امنية لم يراعوا في اخراجها مخافة الله في حرمة القــــــــــبور والعرف السائد بين الناس (اكرام الميت دفنه) وتسمية المنطقة باسمه من قبل الجهات ذات العلاقة مشكورة سلفاً وفاءاً للزعيم عبدالكريم قاسم الذي خدم العراق بنزاهة وصدق وامانة.


مشاهدات 1651
الكاتب عبد الرضا محسن الملا
أضيف 2024/02/28 - 4:54 PM
آخر تحديث 2025/02/21 - 10:05 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 547 الشهر 12183 الكلي 10407554
الوقت الآن
السبت 2025/2/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير