الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وإذا الشهداء سَألوا بأي شعارٍ قُتلوا

بواسطة azzaman

وإذا الشهداء سَألوا بأي شعارٍ قُتلوا

منقذ داغر

 

رحم الله شهدائنا الذين سقطوا في الغارات الأميركية الأخيرة،وسابقاتها،ولاحقاتها.

 بدأت بهذه الجملة ليكون واضحاً موقفي من هذا الأعتداء السافر على بلدي. مع هذا أريد أن أطرح سؤالاً مباشراً لطالما طرحته على أحد الأصدقاء السابقين والذي ما أنفك قبل سنين طويلة يذكرني بأن من أسقط النظام السابق هي المؤامرات التي حيكت ونُفذت ضد العراق لأن النظام كان معادياً لإسرائيل وأميركا. وأنه لولا تآمر أميركا وخيانة العرب لما سقط النظام. كان ردي الدائم حين يُمطرني بمصطلحات التآمر والخيانة والأمبريالية والعدو الصهيوني وسواها من المصطلحات التي تآمرت ضد النظام هو، ما دام ذاك النظام كان يعرف أن جميع هؤلاء ضده،وأنه ليست لديه القدرة على مجابهتهم فلماذا ورطنا وورط «ولد الخايبة» الذين سيسألوه يوم القيامة،وبعد رؤيتهم  لوطنهم  وقد دُمِّر ومدنهم وقراهم خوقد ٌّرِبّت وأطفالهم وعوائلهم وقد هُجّرت أو أفتقرت،وللصهاينة وقد طغوا وتجبروا، لماذا قُتلنا؟ لماذا أستشهدنا؟ لماذا يُتّمَّ أطفالنا،ورُمّلت نساؤنا،وثُكلت أمهاتنا؟ ما دام النظام يعلم علم اليقين أن عدوه مجرمٌ متغطرس و(شقاوة المنطقة) ويفوقك بمرات ومرات من حيث القوة والأقتصاد وكل شيء؟ لماذا لم تركز على بناء الأنسان،وأعمار الأوطان  وتطوير البلاد لكي نكون مؤهلين لمواجهة «الأمبريالبة والصهيونية وأمريكا...الخ»؟

دمار شامل

القيادة يا سادتي ليست سلطة وقوة،بل حكمةٍ وحنكة. لا نختلف أن أميركا أحتلت العراق ودمّرته مرتين،الأولى حينما أحتلته بذريعة أسلحة الدمار الشامل،والثانية حينما سلمته لمجموعة من (السياسيين) الذين أثبتت الأيام أنهم حولوا العراق لبقرةٍ حلوب لهم ولأسرهم وللبلدان التي جائوا منها. مع هذا،فالسياسي يعمل بالممكن وليس بالشعارات. فحتى الذين يعادون أمريكا آيدلوجياً وعقائدياً ويمسكون بزمام الأمور اليوم عليهم أن يوازنوا بين واجبهم تجاه شعبهم،ووأيمانهم ب(عقيدتهم). فأذا كانوا يرون أن شعبهم هو الأهم فلماذا يهاجمون من يمكن أن يؤذي شعبهم ويقتل أبنائهم ويدمر ثرواتهم؟ هذا لا يعني بالضرورة أن تتخلى عن عقيدتك، بل يعني أن تحرص على مصالح شعبك وتعطيها الأولوية. أما أذا كنت تقدّر أن عقيدتك ومبادئك أهم من شعبك فلماذا لا تبقى ثائراً وتتخلى عن السياسة لمن يعرف معناها أو تتخلى عن القيادة لمن يدرك فحواها؟ هل يدرك القائمون على أمر العراق اليوم مدى الخطورة التي يمكن أن تواجه العراق وشعبه ومستقبله؟ لا تتوهموا أن ما سيحصل للعراق مجرد غارات أو هجمات بطائرات وصواريخ ومسيّرات. فالأمور قد تتطور لتشمل أقتصاد وسياسة العراق أيضاً وليس سيادته فحسب. هل تعلمون سادتي أن 26 مصرفاً عراقياً تم معاقبتها خلال السنة ونصف الماضية وأن القادم قد يكون أسوأ ؟ هل تريدوننا أن نعود لزمن الحصار وطحين (الحصة)؟ هل تريدون للدينار العراقي أن يواجه مصير التومان الأيراني والليرة اللبناني؟ للأسف فنحن نعيش في زمن الغطرسة والقوة،وليس زمن العدل والحق،وهذا ماأعرفه جيداً. لكنه الواقع الذي لا محيص عنه، والعالم الذي لا مفر منه. فألى أين تريدون بالعراق وشعبه؟

ليعذرني أبنائي الثائرون،وأحبابي المجاهدون،وأصدقائي المؤدلجون،فقد يكونوا أفضل مني علماً ومعرفةً وأشرف مني مآلاً، لكني سئمتُ الأنتظار،ومللتُ ترقب الأنتصار، فمنذ ستة عقودٍ وُعدتُ بوصول القطار وطلوع النهار. نعم ستّ عقود،ملّ  فيها مني الرصيف،وأدمنتُ خلالها رؤية أشجار الخريف، ومضى عمري بين هتافٍ ل(كسيف)، وأنتظارٍ لرغيف! لم يبقَ في عمري مكانٌ للشعارات، ولم تعد جعبتي تتسع للبطولات.أريد لأبنائي وأحفادي وطنٌ شوارعه واسعة،وبيوته رائعة،ومدارسه ذائعة،وجامعاته بارعة،ومطاراته ناصعة،وبساتينه شاسعة،وقوانينه لاسعة. لا أريد لأبنائي ولا لأحفادي أن يعيشوا مثلي مرعوبين،ولا يجرّبوا ما أجرته عليّ السنين. أريدُ عراقاً لا يعادي أحَدا،ولا يناطحُ أُحُدا. ستشتمونني أيها (المجاهدون)،وتلعونني أيها(الثائرون) لكن،من آلام شعبكم أين تفرّون؟


مشاهدات 379
الكاتب منقذ داغر
أضيف 2024/02/04 - 9:57 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 5:37 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 349 الشهر 11473 الكلي 9362010
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير