الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هوامش على هامش الحوار بين القومية والأممية‏

بواسطة azzaman

هوامش على هامش الحوار بين القومية والأممية‏

عبد العزيز حسون

 

تناول الاستاذ الدكتور عبد الحسين شعبان في مقالته المنشورة في الزمان الغراء العدد 7766 بتاريخ 21 كانون الأول 2023 بعنوان (على هامش الحوار بين القومية والاممية) وهو الموضوع الذي سيبقى بحاجة إلى المزيد من البحث والتقصي والإدراك.

رغم أن الاستاذ بدأ المقالة بأن الجدل احتدم في العديد من البلدان العربية حول القومية و الطبقية وحدد تاريخ الجدل بسبعينيات القرن الماضي.

وفي تحليله لأفكار ومواقف كليهما عاب مبكرا بأن القوميين وصلوا للسلطة عن طريق الانقلابات العسكرية وحولوا شعاراتهم إلى ايديولوجيا شمولية استعلائية للأنظمة الاستبدادية وكذلك عاب الاستاذ على نهج الماركسيين والشيوعيين العرب الذين قدموا المصلحة الاممية على حساب ما هو وطني وقومي.

لعلي استطيع مجاراة الاستاذ فيما مضى به من تحليل لهامشه الذي أصر فيه على أن القومية هي ليست إلا مسألة عرقية لا غير. ولا أظن أنه يغيب على الاستاذ أن فكرة القومية العربية هي ليست نسخة أو شبيه للقومية الأوربية إذ ان هذا الظن أسقط منذ زمن بعيد على أيدي عروبيين بعد أن امتلات الأذهان بالأشعار الحماسية التي بدأت تطلق أواخر القرن التاسع عشر وتناولها ساطع الحصري و قسطنطين زريق وآخرون عندما قالوا أنها أي القومية (ولادة وولاء) وهناك علامة فارقة يجب الوقوف عندها عندما تنادى الشباب العرب الذين كانوا يدرسون في فرنسا في النصف الأول من ثلاثينيات القرن الماضي وكونوا حركة سعت الى بلورة الفكر العربي مع ان تلك الفترة كانت قد حققت للشيوعيين توسعا أمميا كما يسمونه غير أن أصرار تلك المجموعة من الشباب على التمسك بقوميتهم اوصلتهم إلى وضع دستور من 60 مادة بلورت ما وصلوا إليه ففي المادة الأولى وعنوانها ما هي الفكرة العربية أو القضية العربية (تعبير يطلق على الحركة التي يقوم بها العرب لتحرير أنفسهم من الاستعمار والاستبداد والفقر والجهل وسائر ضروب الوهن) وتناولت المادة الثانية ما هي القومية العربية (هي مجموعة الصفات والمميزات والخصائص والإرادات التي ألفت ما بين العرب وكونت منهم أمة) والمادة الثالثة كان عنوانها من هم العرب لتقول (العرب من كانت لغتهم العربية أو من يقطنون البلاد العربية وليست لهم في الحالتين أية عصبية تمنعهم من الاندماج في القومية العربية) وفي لزوم العصبية العربية وحدها تقول المادة الخامسة (يحرم العربي العصبيات التي تضعف العصبية العربية كالعصبيات الطائفية والعنصرية والطبقية والإقليميه والقبلية والطائفيه والعائلية وأشباهها) ويمضي الكتاب الذي لقب بالأحمر بعد ان وزعت مواده على عدة فصول أولها السياسي وبعده الثقافي والآخر في الاجتماع والاقتصاد وتقول التواريخ أن من لعب الدور الأساسي في تأسيس (الحركة العربية السرية) وفي المشاركة بالمناقشات التي انتهت صياغة ميثاق الحركة في مواده الستين كل من كاظم الصلح و قسطنطين زريق وتقي الدين الصلح وانيس الصغير ومحمد علي حمادة ورشاد الشوا وعز الدين الشوا وجبران شامية وفؤاد مفرج ورامز شوقي وفريد زين الدين وصديق شنشل وسعيد فتاح الإمام ويونس السبعاوي وعلال الفاسي وواصف كمال وفؤاد السعدي وخلوصي الخيري ومحمد صلاح الدين آ(خر وزير خارجية للوفد المصري)  وأكرم زعيتر وأحمد بلفريج ومحمد شقير.

احزاب تشكيل

وواصل هؤلاء مساعيهم في تطبيق ما دونوه بدستورهم ليشكلوا أحزابا ويقودوا مؤسسات لعلها معروفة لدى القارئ الكريم.

‏وكان من المفارقات الواضحة ظهور قوى استحوذت على تراث خصب واثبتت الأيام أن هذه القوى كانت جزءا مما كان مبيتا من البرامج لتشويه الأواصر التي كانت تجمع بين المشرق العربي ومغربه وأدى الأنكفاء إلى القطرية إلى أن يدب الضعف والضمور في أوصال كل بلد عربي حيث غابت عن الجميع أهمية الاندماج الاقتصادي وما ينتج عنه من انطلاقة حقيقية لإثبات الوجود والنهوض والتطور وصار تفكك وتباعد الأقطار العربية يزيد في أذاه من خلال الوحشية التي هبت عليه خلال قرون عدة والتي قصدت واستهدفت وإلى يومنا هذا حتى لا تظهر في آفاقه اية اصرة تربط أنحاءه وفيافيه وحواضره. ولا يغيب عنا أن العالم العربي يحتل رقعة الأرض التي تمتد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وتقع في قلب العالم تحتضن (حوض الحضارات) البحر المتوسط من الشرق والجنوب فهي ومنذ القدم قلب العالم وممر التجارة والغزوات والتطاحن بين البشر. لابد أن نقف عند العروبة والقوميه في العراق الذي هو الركن الذي لا يجب أن نتغافل عن أهمية وجوده باعتباره حائط الصد للغزاة من الشرق ومن الشمال وهو البلد العربي الثاني مع السودان يتحادد مع أكثر بلد اجنبي وكان عليه أن يحدد هويته وكانت بدايتها عندما سميت السلطة التي جاء بها الملك فيصل الأول بالحكومة العربية لكن محاولات الإنجليز وأهدافهم التي جاءوا بها وهي السيطرة على الشرق الاوسط كان من ضمنها عزل العراق عن محيطه العربي وتوالت الهجمات على عروبة العراق ومحاولة طمس هويته العربية بنعومة يتوسل بها دهاة السياسة الانجليز أو بعنف بدأ بانقلاب    عسكري العام 1936 لازالت علامات الاستفهام تدور حوله إلى يومنا هذا والغريب أن هذا الانقلاب حظي بتاييد الامميين الذين استوزرهم زعيم الانقلاب وحاربوا العروبيين وطاردوهم بعد ان كانت بغداد قبلة المجاهدين العرب الذين كانوا يسعون لتحرير أقطارهم.

 وللتأكيد فإن العروبة ووجهها السياسي الذي هو القومية وهذا الربط ينسحب على الفكر القومي العربي الذي نشأ وبرز على الصعيد الإنساني-الاممي كما يدلنا عليه الواقع التاريخي الذي قرن العروبة بالإسلام ومنذ ظهوره قبل أكثر من 14 قرنا ليكون للقومية العربية عقيدة أقامت على أساسها حضارة ذات تراث إسلامي وبهذا فإن القومية العربية مبرأة من الإتهام بالتعصب والشوفينية والعرقية بعد ان حرم الإسلام كل هذا باعتباره من بقايا الجاهلية والشواهد على نقاء العقيدة القومية العربية عن التعصب الشوفيني البغيض في الكثير مما روته كتب التاريخ إذ لم يكن هناك من فرق بين العربي والفارسي والرومي وهو ما ترســـخ منذ أيام الرسالة الأولى.

 


مشاهدات 433
الكاتب عبد العزيز حسون
أضيف 2024/01/08 - 5:45 PM
آخر تحديث 2024/09/28 - 1:52 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 404 الشهر 40199 الكلي 10028821
الوقت الآن
السبت 2024/9/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير