أشرس سباق رئاسي تاريخي تشهده تركيا أمام ترقّب عالمي
الإرادة الشعبية تطيح بالمعارضة المدعومة خارجياً وتختار أردوغان رئيساً
الطيب يقود البلاد الـ 13 لـ 5 سنوات جديدة
خولة العكيلي
لمصلحة البلاد وفي يوم طويل عصيب قرر الشعب التركي بعد ان استشعر هشاشة القوى السياسية التي تنوي الاطاحة بأردوغان بدعم من الغرب ولم تقدم للمواطن والبلد شيئا فضلا عن استهداف الغرب للعملة التركية وتداعياتها على اقتصاد البلد قرروا وأغلبهم أصوات شبابية وذلك من خلال صناديق الاقتراع أن يكون ممثل حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان رئيسا لهم للسنوات الخمس المقبلة وسط منافسات وصفها مراقبون بالشرسة بعد ان توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في أول جولة إعادة رئاسية في تاريخهم لانتخاب الرئيس ال13 للجمهورية التركية بكامل حريتهم مع دخول بلدهم نقطة تحول بدأت بتنافس شديد مابين مرشح حزب العدالة والتنمية ممثل تحالف الشعب رجب طيب أردوغان وزعيم حزب الشعب الجمهوري مرشح تحالف الامة كمال كليجدار اوغلو عندما حسم الاتراك امرهم بإنتخاب اردوغان بنسبة اصوات وصلت الى 52 بالمئة ليكون رئيسا للبلاد لدورة جديدة يتطلع خلالها الشعب لانجازات هامة عديدة كان قد وعد بها اردوغان قبيل فوزه بالانتخابات التي جرت أمس اظهر فيها الاتراك احساسهم العالي بالمسؤولية التي وضعوا فيها الخلافات والانقسامات جانبا رغم انقسام الشارع التركي مابين مؤيد ومعارض ابرزها السياسة النقدية التي ادت الى انخفاض قيمة الليرة امام الدولار الأمريكي ادخلت البلاد بارتفاع نسبة التضخم وضعف القدرة الشرائية للمواطن مادفع الحكومة الى زيادة رواتب الموظفين لمواجهة ارتفاع الاسعار السريع ومراقبة اسعار المواد الغذائية في السوق المحلية.
سياسة جديدة
الانتخابات الرئاسية تحظى باهتمام كبير لمكانة تركيا إقليميًّا ودوليًّا وانعكاس نتائج الانتخابات على سياساتها الداخلية والخارجية حيث تسعى الحكومة بموجب سياسة اقتصادية جديدة ترتكز على تخفيض سعر الفائدة من أجل محاربة التضخم الذي وصل إلى مستويات خطيرة وهذه السياسة بدت ملامحها بشكل أوضح بعد تعيين أردوغان لشهاب كافجي أوغلو محافظا جديدا للبنك المركزي في آذار الفائت بتغيير هو الرابع من نوعه قرابة عامين جاء بعد سلسلة الإقالات التي طالت المحافظين القدامى وهم ناجي أغبال ، مراد أويصال ومراد تيشتين قايا. وكانت تركيا قد ذهبت للمرة الاولى في تاريخها نحو جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، في أعقاب جولة أولى متنازع عليها لم يتمكن فيها الرئيس الحالي مرشح حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان ومنافسه الرئيسي زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو من تجاوز عتبة الـ 50 بالمئة . تنطوي هذه الانتخابات على أهمية قصوى كونها تأتي مع إتمام أردوغان عامه العشرين في السلطة وسط تضخم اقتصادي ونزاع حول السياسية الخارجية لأنقرة فضلا عن إثر الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في 6 شباط الماضي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص، على مستوى البرلمان فقد حصد تحالف الجمهور ممثل حزب العدالة والتنمية أعلى عدد من المقاعد عندها اتجهت تركيا في 14 أيار إلى انتخابات حاسمة وسط تنافس شديد للعبور بتركيا إلى مئويتها الجديدة بين مرشح تحالف الجمهور رجب طيب أردوغان ومرشح تحالف الأمة كمال كليتشدار أوغلو. المراقبون يرون أن الانتخابات التي أجريت في 14 أيار بتركيا تعد تاريخية ومصيرية لاسيما أنها شهدت تنافسا ما بين تحالفين كبيرين يطمح كل منهما إلى الانتقال بالبلاد لمئويتها الثانية وكانت أحزاب معارضة تختلف في أيدلوجياتها فقد تمكنت من الاقتراب من بعضها البعض لإنهاء النظام الرئاسي والعودة إلى النظام البرلماني الذي كانت تسير عليه البلاد ما قبل استفتاء 2017 حيث واجه الحزب الحاكم صعوبة في أن الانتخابات تأتي في ظل أزمة اقتصادية وغلاء معيشي وصعود جيل جديد ولد في ظل وجود العدالة والتنمية بالسلطة يطمح جزء منه للتغيير أما المعارضة التركية فرغم تجمعها لكنها تعاني من الاختلاف في وجهات النظر داخليا وخارجيا ما يزيد من قلق الناخب التركي في منحها صوته من أبرز وجوه المعارضة التركية يظهر كمال كليجدار أوغلو كأحد أبرز الأسماء بالحياة السياسية في تركيا خلال العقدين الأخيرين شارك زعيم حزب الشعب الجمهوري البالغ من العمر 74 عاماً في السياسة التركية منذ عام 2002 في سعيه الحثيث لإزاحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم العدالة والتنمية وكان يفشل كل مرة .ولد كليجدار أوغلو الذي كانت كنيته قره بولوت قبل أن يغيّرها والده في 17 كانون الأول 1948 بولاية تونجلي التركية ابناً رابعاً بين سبعة أطفال وبعد حصوله على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة غازي التي كانت معروفة باسم أكاديمية أنقرة للاقتصاد والعلوم التجارية سابقاً في عام 1971. عمل كليجدار أوغلو إخصائيّ حسابات مبتدئاً في وزارة المالية. كما تلقى تدريباً إضافياً في فرنسا وعُيِّن لاحقاً نائباً لرئيس دائرة الإيرادات في الوزارة وقبل صعوده إلى المضمار السياسي عُرِف كليجدار أوغلو بوصفه رئيساً لمؤسسة التأمين الاجتماعي إذ شغل المنصب بين عامَي 1992 و1999 قبل أن يتقاعد من عمله بالمؤسسة مطلع 1999 ليركّز على نشاطه السياسي فقد حاول الحصول على بطاقة ترشح للبرلمان ضمن قائمة حزب اليسار الديمقراطي التركي تحت قيادة رئيس الوزراء السابق بولنت أجاويد وعلى الرغم من وصف أجاويد له بـنجم الحزب الصاعد فإنه لم ينجح في مسعاه للترشح باسم الحزب استغل رئيس حزب الشعب الجمهوري آنذاك دنيز بايكال الفرصة بدعوة كليجدار أوغلو للانضمام إلى حزبه ليُطلق بغير قصد ربما رحلة صعود خليفته خلالها بدأ كليجدار أوغلو تمهيد الطريق لقيادة حزب الشعب الجمهوري بعد استقالة بايكال عام 2010 انتُخِب حينها على قائمة الشعب الجمهوري عضواً في البرلمان بانتخابات 2002 ليحتفظ بالمقعد البرلماني عن الدائرة الانتخابية الثانية في إسطنبول حتى 2015 وفي بداية مشواره مع حزب الشعب الجمهوري أصبح كليجدار نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزبه بعد إعادة انتخابه في الانتخابات العامة لعام 2007. وفي عام 2009 ترشح لمنصب رئيس بلدية إسطنبول عن حزب الشعب الجمهوري، لكنه خسر في النهاية أمام مرشح حزب العدالة والتنمية قدير طوباش بعد عام من هزيمته في انتخابات البلدية ترشح كليجدار لزعامة حزب الشعب الجمهوري بعد استقالة بايكال بسبب فضيحة فيديو يُزعم أن شريط الفيديو الذي صُوّر سراً كشف أن بايكال كان على علاقة غرامية مع نائبة في الحزب كانت سكرتيرته سابقاً. ويذكر ان 300 عضو في حزب البلد الذي يتزعمه محرم إينجه المعارض في ولاية هاتاي التركية يعلنون استقالاتهم من الحزب والانضمام لحزب العدالة والتنمية الحاكم قبيل بدء الجولة الاولى من الانتخابات الرئاسية قالوا ان (وطننا على مفترق طريق حساس ونحن اخترنا أن نكون إلى جانب رئيسنا رجب طيب أردوغان حفاظا على قوة واستقرار وازدهار تركيا ) . فيما قال البروفيسور سولي أوزال الذي يحاضر في العلاقات الدولية في جامعة قادر هاس باسطنبول ( أعتقد أن الرئيس اردوغان سياسي محنك لديه قدرة سحرية على التأثير بشكل رهيب فضلا عن اللمسة العامة هو ينضح بالقوة وهذا شيء لا نجده عند كليجدار أوغلو) .
حظر النشر
وكانت ابواب الاقتراع قد فتحت مع دخول 8 صباحا واغلقت في عموم تركيا وفي المعابر الحدودية عند ال 5 من مساء اليوم. فيما رفع حظر النشر وبدأ نقل النتائج الأولية عقب الإغلاق بوقت قصير . بعد ادلائه بصوته في معشوقته إسطنبول برفقة حرمه أمينة أردوغان ردد الرئيس من شرفة منزله في منطقة اسكدار بالجانب الاسيوي لاسطنبول شعار الأمة التركية ( أمة واحدة، علم واحد، وطن واحد، دولة واحدة). وكانت حدة المنافسة في الساعات الأخيرة قبل جولة الإعادة في السباق الرئاسي التركي قد ازدادت حيث يسعى رجب طيب أردوغان لتمديد سنواته العشرين في السلطة لخمس سنوات أخرى وقبل جولة الإعادة التي اجريت الأحد 2852023 سعى كمال كليجدار أوغلو إلى استمالة أصوات الناخبين القوميين بعد إعلان خطط لطرد ملايين اللاجئين السوريين من تركيا و أجاب كليجدار أوغلو على أسئلة الناخبين لمدة أربع ساعات الأسبوع الجاري على قناة BaBaLa TV موقع يوتيوب حيث بلغ عدد مشاهدات الفيديو 23 مليون مشاهدة حسب آخر إحصاء وهو رقم كبير مقارنة بعدد سكان تركيا البالغ 85 مليون نسمة. قالت عنه الناشطة التركية مهتيب إن نقل مرشح المعارضة السباق إلى يوتيوب قد ينجح في إستمالة الكثير من الناخبين الشباب الذين لم يدلوا بأصواتهم في الجولة الأولى . وكانت معاناة الاقتصاد التركي في الأشهر القليلة الماضية هي القضية الرئيسية لكن باقتراب جولة الإعادة بدأ الخطاب السياسي يزداد حدة وأصبح اللاجئون هم مركز اهتمام المتنافسين على مقعد الرئاسة وظهر زعيم المعارضة كليجدار أوغلو، 74 سنة، وهو يحاول استمالة الناخبين الذين دعموا سنان أوغان مرشح تحالف الاجداد والمرشح الرئاسي الثالث الذي انسحب بعد الجولة الانتخابية الرئاسية الاولى على الرغم من أن الرئيس التركي حصل على دعم أوغان كان هناك مكاسب على جانب مرشح المعارضة الذي حصل على دعم حزب النصر المناهض للهجرة بقيادة أوميت أوزداغ الذي فاز حزبه بـ 1.2 مليون صوتوا له والذي ايضا اعلن انسحابه بعد الجولة الانتخابية الاولى ليتركوا الساحة الانتخابية للمنافسين اردوغان مرشح تحالف الشعب وكليجدار مرشح تحالف الأمة .الى ذلك قال زعيم حزب النصر إن كمال كليجدار أوغلو أعلن دعمه لإعادة 13 مليون مهاجر خلال عام واحد . وتستضيف تركيا لاجئين أكثر من أي دولة أخرىكن لا يمكن أن يصل عددهم إلى هذا الرقم. ويرجح مراد أردوغان وهو أكاديمي يجري دراسة ميدانية منتظمة تسمى مؤشر السوريين أن العدد الإجمالي للاجئين السوريين والمهاجرين غير الشرعيين من إيران والعراق وأفغانستان وباكستان يقترب من ستة أو سبعة ملايين. وان خطابهم غير واقعي وإذا تحدثنا عن الإعادة الطوعية إلى الوطن فلن يكون ذلك ممكنًا أما بالنظر إلى إعادتهم قسريا فسوف يتطلب ذلك إعادة أكثر من 50000 يوميًا وربما لا يكون هذا الخطاب غير محبب إلى القلب لكنه قد يحدث فارقا إذ تشير استطلاعات الرأي التي أُجريت في الفترة الأخيرة إلى أن 85 بالمئة من الأتراك يريدون عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم. وقال أستاذ العلوم السياسة من جامعة كوج نزيه أونور كورو إن الجانبين لديهما أحزاب قومية تدعمهما كما أن كليجدار أوغلو يستغل المخاوف الأمنية التي يشعر بها العديد من الناخبين خاصة الشباب لاسيما وان مايقارب 60 مليون ناخب يحق لهم التصويت في الجولة الثانية . الى ذلك صدحت التكبيرات في جامع ايا صوفيا بمدينة اسطنبول عقب الاعلان عن فوز اردوغان . واظهرت النتيجة النهائية التصويت بالاغلبية في الجولة الثانية 2023 كانت كالآتي : 52ولاية صوتت بالاغلبية لأردوغان منها غازي عنتاب مرعش هاتاي اورفا بولو و كافة ولايات البحر الاسود واغلب الولايات الوسطى فيما صوتت 29 ولاية بالاغلبية ل كليجدار منها انقرة اسطنبول ازمير اضنة ماردين ديار بكر الولايات الشرقية و الغربية و ساحل البحر المتوسط.