الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
خريف الكاريزما القيادية

بواسطة azzaman

خريف الكاريزما القيادية

هاشم ذياب الجنابي

 

في هذا المعترك الزمني المتميز.هنا نشاهد كيفية أنكسار الكاريزما وصراع الأحترام في عراق ما بعد 2003..تنبثق الهيبة في الفلسفة السياسية من تزاوج شرعي بين سطوة الحضور المذل. واستقلال القرار الذي لن يستقل ..

وحين نسلط مجهر النقد على المشهد العراقي منذ عام 2003. نجد انفسنا امام معضلة البناء في تكوين الشخصية القيادية الفذه حيث تم استبدال الكاريزما السيادية  بالتمثيل الفئوي. مما خلق فجوة بروتوكولية ونفسية بين الحاكم العراقي ومحيطه الاقليمي والدولي..أنهاسيكولوجية الكرسي..بل انها السلطة بلا سلطنة..فنحن نرى ان الجلوس على سدة الحكم في بلد بحجم العراق وتاريخه يتطلب ثقلا وجوديا يتجاوز التكليف الرسمي.

إلا ان قادة ما بعد 2003 سقطوا في فخ الشرعية المستعارة. فغابت الكاريزما التي تبنى من الداخل .وبرزت شخصيات بدت وكأنها مستأجرة للمنصب لا مالكة له. ان الكرسي اليوم بلا هيبة و هو نتيجة حتمية لزعيم يرى في المنصب غنيمة لا مسؤولية. وفي القرار ارتهانا لا استقلالا. هذا الضعف في الانا القيادية جعل من المسؤول العراقي يبدو في المحافل الدولية كشخصية باهتة تفتقر الى ذلك الكبرياء الوطني الذي يجعل الجار يهاب والخصم يحترم..الكل يعلم ان في السياسة لا تحترم الدول بناء على نوايا قادتها. بل بناء على قوة التلويح وثبات الموقف. عانى العراق من تآكل الهيبة في محيطه المجاور لان القيادة السياسية تشظت الى ولاءات عابرة للحدود. فعندما يرى الجار ان القائد في الداخل ليس الا صدى لاصوات خارجية، يسقط عنه رداء الوقار. ان صراع الاحترام لم يكن صراعا على الحدود او الثروات فحسب، بل كان صراعا على الصورة الذهنية. فقد صدر العراق للعالم صورة القائد الذي يطلب الرضا بدلا من القائد الذي يفرض الشروط، مما اغرى دول الجوار بالتدخل في الشأن السيادي. ليس كشركاء بل كأوصياء. محولين الكراسي القيادية الى مقاعد انتظار لقرارات تطبخ في عواصم اخرى.

انه انتحار للقرار وذوبان للكاريزما القيادية ..ان جوهر الكاريزما القيادية هو القرار الجريء. وفي العراق.غرق القرار في رمال المحاصصة المتحركة. فظهر القائد بلا ملامح واضحة. وان الشخصية التي لا تستطيع قول لا في اللحظات التاريخية الفاصلة هي شخصية منزوعة الهيبة سياسيا. فهذا الذوبان في الارادات الخارجية جعل من الكاريزما العراقية مجرد ذكرى تاريخية تنتمي لزمن غابر.بينما الحاضر يتحدث لغة التسويات الهشة التي لا تبني دولة ولا تحمي حدودا.ولاتنهض بأبنائها.

ان استعادة الهيبة العراقية لا تبدأ من صناديق الاقتراع فحسب بل من اعادة صياغة الوعي القيادي. ان العراق بحاجة الى قادة يدركون ان الاحترام في الخارج يبدأ من القوة في الداخل.وان الكرسي لا يمنح الهيبة لمن يفتقدها. بل الهيبة هي التي تمنح الكرسي شرعيته ووقاره. وبدون ذلك ستبقى الكراسي مجرد اثاث قديم في تاريخ لا يحترم الا الاقوياء الذين يمتلكون ناصية القرار وجاذبية الشخصية الفذة...

 

 


مشاهدات 57
الكاتب هاشم ذياب الجنابي
أضيف 2025/12/30 - 12:36 AM
آخر تحديث 2025/12/30 - 2:25 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 106 الشهر 22221 الكلي 13006126
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير