مسعودة عمر العيشي.. بغـــداد حبيبتي
عبدالحسن علي الغرابي
كل عشق يسمى حباَُ , وليس كل حب يسمى عشقاُ
الجاحـظ
آخر منجز صدر باللغة الفرنسية بعنوان بغـــــداد حبيبتي للأديبة والصحفية السيدة مسعودة عمر العيشي في مدينة بوسعادة الجزائرية بـ (160 ) صفحة من الحجم المتوسط ’ هل سترد بغـــداد على بنت بلد المليون شهيد التي عشقت بغــــداد وكتبت عنها ؟ ـ نعم أول من كتب عنها الأديب والصحفي الزميل عادل سعد في صحيفة الوطن العمانية واسعة الانتشار يوم 9 سبتمبر 2025 تحت عنوان ـ عاشقة بغـــداد ـ كان المقال قيم وبمبادرة طيبة سلط الضوء على فترة معرفته بالسيدة مسعودة عندما كانت تعمل في دار ألمأمون كمترجمة تجيد اللغة الفرنسية والإنجليزية , ومن بين ما تضمن المقال إشارة لي ولزوجتي عن رابط صلة القربى بالفنان المبدع ومدرس اللغة الإنجليزية عادل البدري الذي اقترن بالسيدة مسعودة بنت عمر العيشي احد ابرز مناضلي الثورة الجزائرية وعرف بكفاحه الطويل ضد الاستعمار الفرنسي البغيض في مدينة ( بوسعادة ) التي اشتق اسمها من السعادة الواقعة شرق الجزائر ومسعودة نحلة طيبة طارت من مباهج وطنها الأول لتعش بحضن حبيبتها بغـــــداد بين أهلها في وطنها الثاني , فهي كالنحلة تنتقل من الطيب لتنتج الأطيب وفي عيونها يشع الأمل بين شذى الوان القرنفل والقداح والورد الجوري في حدائق أهلها في وطنها الثاني , استقبلتها عائلة البدري السامرائية العريقة بالفرح كأنها بنتهم عائدة من سفر بعد غياب وفراق طويل كما اسعدها فرحهم بها لتجد ما كانت تطمح به قي حي القادسية غربي بغـــداد , وكأن لسان حالها كقول الشاعر: ( قلبي لبغداد يحييها فتحييني وتحتويني كماء ذاب في طيني ) ذاكرة التاريخ دونت عمق العلاقة بين العراق وشقيقه الجزائر في عام 1962 أيام الزعيم عبد الكريم قاسم استقبل الشعب العراقي المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد مع رفيقتها زهرة بوظريف وعلى اثر تلك الزيارة سمي أحد أحياء بغـــداد باسم ( جميلة ) تكريماُ لكفاحها البطولي الطويل ضد المستعمر الفرنسي الغاصب . للأسف صدمت النحلة بظرف عصيب كزلزال مدمر مر به العراق يوم 9 نيسان 2003 بعد احتلال رعاة البقر الهمج وحصل كل ما لم يكن في الحسبان فعمت الفوضى بإثارة كل ما يمزق النسيج الاجتماعي من النعرات العرقية والطائفية ليسكن البلد الموت والخوف , الرعب , الهلع , في هذا الجو الخانق مرضت السيدة النحلة حبيبة بغداد وإرادت التخلص من طوق المرض الخانق كحبل التف على رقبتها وعدم توفر العلاج آنذاك دعاها للفراق والعودة الى بلدها الجزائر بعد ان أمضت في بغــــداد أكثر من ربع قرن عملت خلالها بجد وإخلاص دون ان تحظى كغيرها من الكتاب والصحفيين لآ بمكافأة ولا راتب تقاعدي , النحلة ودعت أحبتها وغادرت يرافقها المرض وللآن مقعدة على كرسي متحرك يعينها زوجها في مدينتها بوسعاده .
هنا تجدر الإشارة الى منجزها الذي سلط الضوء على الوسط الثقافي في العراق في حوارات ولقاءات مع ابرز الأدباء والفنانين والشعراء وتاريخ الصحافة كمجلة حبزبوز والفنانين علاء بشير ونوري الراوي , جواد سليم , محمد غني حكمت , فائق حسن , خالد الجادر , ريكان دبدوب , محمد الكبنجي , وآخرين ومن الشعراء بدر شاكر السياب , نازك الملإكة , عبد الوهاب البياتي , حميد سعيد , لميعة عباس عماره , تناولت الكثير من الشخصيات الفنية والأدبية وعن السينما والمسرح والموسيقى والآثار . نأمل من المهتمين بالثقافة والإبداع ترجمة هذا المنجز القيم (بغـــــداد حبيبتي) من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية , نتمنى للسيدة الفاضلة مسعودة الصحة والسلامة والشفاء العاجل وان تعود ثانية لبغــــداد الحبيبة .