ذكريات الآباء تعود للحياة.. حنين الماضي يسيّطر على عرض الرامس للسيارات
الاحساء - زهير بن جمعة الغزال
تحولت ساحات عرض الرامس للسيارات إلى آلة زمن حقيقية أعادت آلاف الزوار إلى حقبة الزمن الجميل، استحضرت ذكريات الآباء والأجداد، حيث امتزج صوت المحركات الكلاسيكية بمشاعر الحنين الجارف، موثقة قصصاً إنسانية وتاريخية عبر متحف مفتوح ضم أندر الطرازات التي شكلت جزءاً من ذاكرة المجتمع.
واستطاعت الفعالية أن تخلق جسراً عاطفياً بين الأجيال، حيث شوهد الآباء يشرحون لأبنائهم تفاصيل مركباتهم القديمة التي عاصرت شبابهم، وسط أجواء مفعمة بالدهشة والإعجاب، ما جعل المعرض وجهة مفضلة للعائلات التي بحثت عن استعادة عبق الماضي في تفاصيل (الحديد) الذي نطق بالتاريخ. وشهد الحدث توافداً جماهيرياً كثيفاً فاق كل التوقعات، حيث غصت الممرات بعشاق التراث الميكانيكي من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج، مما استوجب تدخلاً تنظيمياً دقيقاً ومرناً لضمان انسيابية الحركة، ليتفرغ الزوار لاستنشاق عبق التاريخ المتنقل.وأشاد الزوار بمستوى التنظيم العالي الذي تميزت به الفعالية، حيث أكد عماد العلوان، أحد الزوار من محافظة الأحساء، أن سهولة الوصول وتنسيق المواقف ساهما في نجاح التجربة العائلية، واصفاً المعرض بأنه مساحة إبداعية تطلبت جهداً كبيراً لإخراجها بهذه الصورة المشرفة.وبرزت المشاركات الخليجية كعلامة فارقة في الحدث، إذ قطع المشاركون مسافات طويلة لعرض مقتنياتهم، مثل أيمن الراجحي الذي حضر خصيصاً من سلطنة عمان للمشاركة لأول مرة، معبراً عن انبهاره بمستوى السيارات ”النظيفة“ والقوية المشاركة في التجمع. وفي كواليس المعرض، كشف الملاك عن تكاليف باهظة يتكبدونها لإحياء هذه السيارات، حيث أوضح أيمن المرهون، مالك سيارة ”فورد موستانج“ موديل 1965، أن تكلفة تجديد سيارته بلغت نحو 150 ألف ريال سعودي، مشيراً إلى أنه استوردها من أمريكا قبل 13 عاماً. ولم يكتفِ الهواة بامتلاك السيارات فحسب، بل انخرط بعضهم في عمليات الترميم بأنفسهم، إذ أشار المرهون إلى أنه قام بجميع الأعمال الميكانيكية لسيارته داخل كراج منزله، باستثناء أعمال السمكرة والدهان التي تطلبت ورشاً متخصصة لضمان الجودة. وتنوعت المعروضات لتشمل حقباً زمنية مختلفة، حيث شارك محمد المطوع بسيارة (مرسيدس 280) موديل 1980، مؤكداً أن هذه الهواة هي إرث عائلي اكتسبه من والده، وأنه يمتلك أسطولاً مصغراً يضم موديلات تعود لعامي 1978 و1983. وأكد المشاركون أن صيانة السيارات الكلاسيكية القديمة، رغم قدمها، قد تكون أسهل من السيارات الحديثة المليئة بالتعقيدات الإلكترونية، حيث يمكن للمالك إجراء الصيانة الدورية وتغيير القطع الاستهلاكية بنفسه بمهارة يدوية بسيطة.
واعتبر الزوار أن المعرض فرصة نادرة لرؤية سيارات الأحلام على أرض الواقع، حيث عبر البعض عن شغفهم بطرازات حديثة مثل (كورفيت C8)، مؤكدين أن حب السيارات الرياضية والكلاسيكية يجمع الأجيال المختلفة في ساحة واحدة. وأكــد على أن القيمة الحقيقية لهذه الســـيارات لا تكمن فـــي ثمنها المادي فحســب، بل فـي الوقــت والجهد المبذولين في الحفاظ عليها، حيث يرفــــــض الكثيرون فكــــــرة البيع رغم العـــــــروض المغرية، مفضلين الاحتفاظ بها كشواهد تاريخية.