الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أغنية سواح في منظورها السياسي

بواسطة azzaman

أغنية سواح في منظورها السياسي

محمد خضير الانباري

 

في سبعينياتِ القرنِ الماضي، كنا في أوجِ شبابنا، منْ عشاقِ صوتِ العندليبِ الأسمرِ الراحلِ عبدُ الحليمْ حافظ- رحمهُ الله- ومنْ أجملَ ما استمعنا إليهِ في عامِ 1971 كانتْ أغنيةُ    « سواحٍ «، التي كتبَ كلماتها الشاعرَ محمدْ حمزة ولحنها الموسيقارُ الكبيرُ بليغٌ حمدي، تلكَ الأغنيةِ الرائعةِ التي تظلُ عالقةً في الأذهان، وكانَ المرحومُ يصدحُ بها في مسارح  المدن والبلدان، فتتمايلُ أجسادُ جمهورهِ يميناً ويساراً من كثرة التفاعل معها، كانتْ تحكي قصة الحبيب وهو يبحث عنْ حبيبتهِ وسط الصعاب، التي يبدأ مطلعها الساحر:

سواح وماشي في البلاد سواح.... والخطوة بيني وبين حبيبي براح

مشوار بعيد وأنا فيه غريب .... والليل يقرب والنهار رواح

وأنا أستذكرُ تلكَ الأيامِ الجميلة، وأراقبُ اليومُ حركةَ بعضِ السياسيينَ (السواح) منْ أجدادِ أجدادنا، وهمْ يتنقلونَ بينُ الجبالِ والوديانِ والمساجدِ والقصورِ والمصايفِ والدواوين، بملابس متنوّعة، تجمع بين الزيّ الديني والعشائري والمدني، في محاولةٍ لتسويق مسيرتهم الفاشلة من جديد، التي أسقطها الشعب في مهدها .ليقابلوا منْ يجاملهمْ أوْ يبتسمُ لهمْ ، أوْ ربما يمدحهمْ على  زمنهمْ الغابر، وقدْ غزا الشيبُ رؤوسهم، واقتربتْ لحظةُ رحيلهمْ إلى الدارِ الأخرة.

أولئكَ الذينَ أخفقوا في أداء الأمانة، حينَ فوضوا زمامُ الأمورِ منْ فقراءِ القوم، فاحترقَ البلاد والعباد في زمنهم، وتسببتْ سياساتهمْ المتخبطةَ وأخطاؤهمْ السياسيةُ والاقتصاديةُ والأمنيةُ في خسارةِ الوطنِ لأغلى شبابه. تراهمْ اليومَ يتنقلونَ على عكازِ الشيخوخة، مستندينَ على أكتافِ بعضِ خدمهمْ أوْ زبائنهم، وعيونهمْ شاخصةٌ نحوَ الكرسيِ الملعونِ… كرسيُ السلطة، وهم، في غفلةٍ أوْ نسيان، لا يدركونَ أنَ ملكَ الملوك، عزرائيل، واقف على أبوابهم، ينتظرَ توقيعُ الخالقِ على كتبِ انتقالهمْ إلى ....، وإنَ تأخرا قليلا، فذلك، لسببٍ يعلمُ بهِ اللهُ وحده. حيث الإقامة الدائمة في ذلكَ البيت الأبدي،  لا مكان للمالِ أوْ الحمايةِ أوْ الجاه، ولا قيمةً للألقابِ التي كانتْ تزينهمْ في الدنيا، بلْ يرفقُ معهمْ ورقةَ أعمالهمْ التي سجلها ملوكُ الخالقِ لسيرةِ حياتهم، لتكونٍ وحدها معيار حسابهم .

فنقول: ماذا بعد هذا العمر؟  اتقوا الله ، فيما تبقى منْ أيام  لكم في هذه الدنيا، توجهوا بقلوبكمْ إلى الرحمن الرحيم الى العبادةِ والصلاةِ والزكاة، أعيدوا الحقوقُ التي سلبت ظلما وبهتاناً إلى أصحابها،   لعلكمْ تنالونَ شفاعة وعطف ومغفرةٌ الخالق، قدْ تفلتونَ منْ قوانينِ البشرِ في الدنيا، سواءً كانتْ قوانينُ العقوباتِ أوْ القوانينِ المدنيةِ والجزائيةِ المتعلقةِ بالمالِ العام، لكنكمْ لنْ تفلتوا منْ حكمِ الله، لا استئناف ولا تمييز ولا إعادةَ محاكمة، سيكون الحساب أمام قاضي القضاة، حيث تُعرَض الصحائف كما هي من غير تحريف ولا تزوير، شاهدةً بما فيها من أدلة وشهود وبراهين. وأصدق الشهود هم شهداء الوطن والحرية، الذين يشهدون على ما فُعِل بحقهم وبحق أهليهم وأبناء وطنهم. فحسبكم، وكفى! توجّهوا إلى الله تعالى، وابتعدوا عن مغريات الدنيا وزينتها وخدعها ومصائبها.


مشاهدات 35
الكاتب محمد خضير الانباري
أضيف 2025/12/13 - 2:58 PM
آخر تحديث 2025/12/13 - 11:01 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 785 الشهر 9828 الكلي 12793733
الوقت الآن
السبت 2025/12/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير