بين الشعر والموسيقى عاش وحيدا ومات غريبا
كاظـم بهَــيّــة
جايمته يملك الموت الكاك
موتدري الليالي كلش اكصار
يلن تدري العمر من يجزي الحدود
يلتمن عليه ازغار وكبار
وهم تدري الصديج يمله لو طاح
ويكره الاخو ويسولف الجار
يملك الموت عجل من تجي النوب
اخذ روحي واكلك ميت ألف صار
بهذه الصور الشعرية يعبر عن اماله ونوازعه النفسية المشحونة بالشجن ، يناجي فيها ملك الموت ,ليأخذه إلى مثواه الأخير بأسرع وقت بعد أن مل من حياته التي عاشها أياما مأساوية، لم يذق فيها طعم الحياة والحب مع الحبيب ، عاش معذبا في الوصل والهجر .
ولابد من الإشارة إلى انه يعيش العامل التغريبي في حياته , عرفته منذ سنين طوال انه بلا حبيبه الزوجه شريكة حياة ، ونكبته الكبرى عندما حل به مرضه (الجلطة الدماغية والشلل النصفي )الذي جعله لايتكلم ، حتى مات بالسكتة القلبية عام 1994 ، انه مهدي حمزة (1944- المدحتية – بابل ) كتب الشعر الفصيح والشعبي معا ، ولكن الاولى طغت عليه وكان لها النصيب الأكبر في بداية حياته ، أصبح شاعرا يعد من شعراء الفصحى في البصرة والحلة في السبعينات ، خريج جامعة بغداد 1969-1970 كلية التربية – قسم اللغة العربية ، لم تقتصر تجربة الشاعر الراحل على كتابة الادب فقط ، بل تعداها إلى مواهب كثيرة منها تعلم العزف على آلة العود على يد أصدقائه في مدينة البصرة عندما كان مدرسا للغة العربية في احدى مدارسها منهم: الفنان كوكب حمزة وهاشم يوسف وسعدون لعيبي، حتى أصبح ملحنا يشار له بالبنان ، من خلال رصيده اللحني الذي قدمه في تلك الفترة ، ولكنه للأسف الشديد لم يحالفه الحظ في هذا المجال ..!!
مرضه حرك شجنه وألمه لما يعيشه مما ساعده في لمعان نجمه في الادب الشعبي اشتهر بقصائده الطريفة وابوذياته وموالاته وذلك لسعة اطلاعه ولثقافته الشعرية ، تبوح بعض قصائده إلى فقدان أصدقائه في أواخر ايامه ، بعد إصابته بمرضه وهو يحن إلى الأيام التي عاشها معهم ، ولكن دون جدوى حتى رحيله فيقول :
ابعدوا عني الرفاكه الشين والزين
وعكب ذيج العشيره ومابكه اثنين
وعكب ماجانوا وجانوا يكولون
واحاجيهم هله بيكم هلاوين
عجب يحبابنه شوصرتوا بعيدين ؟
اهي وحده الشمس موهي شمسين
بعضهم ماوصل عتبت الباب
ولادور علينه وين ماوين ؟
عاش مهدي حمزة في مساري الحب الازلي وفقدانه للحب ، حب الحبيب والأهل والأصدقاء وديرته التي ولد ونشاء وترعرع فيها ، فاذا فقد كل هذا وكأنه بعيدا مرميا هائما في دنيا لاحدود لها :
لاديره اهي ديرتي ولااهلي من اهلها
حتى العليه اعتمد ما عاد من اهلها
بس بالكبايح كمر مفضوح من اهلها
من حيث بعض الربع جنهم عليه اغراب
ولاجني ذاك الوفي من شركت وغراب
موجنت ابيض كلب شسوه الحمامه اغراب
تنغط علي كل وكت موش انته من اهلها
وظهر في مجمل كتاباته الحب ، الحب الذي عاشه بلا حنان وبلا مودة وتجربته في الحب ذلك هو انه عاش غربيا وحيدا بلا رفيقة حياة له حتى انه مات غريبا :
انا مساهر واكضي الليل تجليب
واطالع عن بعد حجي المكاتيب
انا الظليت حال الوركه بالكاع
واطروش الشماته اتودي وتجيب
انا الظليت بين ارماح وسهام
وسهام الشماته تخطي وتصيب
شمس شعت زمان وغابت اليوم
يلن كل الشموس تروح وتغيب
وأخيرا نكتفي بهذا القدر من هذه الكتابة البسيطة وفاء لشاعر وصديق امتلأ قلبه بالحب والحسرة وعاش وحيدا ومات غريبا بين أهله وأصدقائه ومحبيه .