إيناس جلال الدين: الموسيقى ليست أصواتاً بل قراءة للروح
الناقد الحقيقي لا يهدم بل يفتح نافذة جديدة على اللحن
القاهرة - جاسم حيدر
في فضاء تعلو فيه النغمات على الضجيج، وتتحول فيه المشاعر إلى لحن قابل للقراءة، التقينا بالناقدة الموسيقية إيناس جلال الدين مدير عام التخطيط الموسيقي والغنائي بالإذاعة المصرية، والمتخصصة في دراسة وتوثيق الموسيقى العربية وتحليل الأغنية من منظور نقدي وفني وعضو اللجنة العلمية لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية بدار الأوبرا المصرية، صاحبة المسيرة الطويلة في تحليل الأعمال الموسيقية وتقديم قراءات فنية ولها مؤلفات ومقالات ودراسات أكاديمية في النقد الموسيقي.
في هذا الحوار مع جلال الدين تفتح لنا أبواب عالمها، وتكشف كيف ترى الموسيقى من زاوية الناقد لا المستمع فقط.
□ بداية، كيف تعرفين النقد الموسيقي لمن يراه علماً غامضا؟
- النقد الموسيقي هو فن الإصغاء بوعي، وليس مجرد إبداء رأي، هو محاولة لقراءة ما بين الخطوط الصوتية، التفكيك والتركيب، وفهم ما يريد المؤلف والملحن قوله من خلال العمل، فالناقد لا يهاجم ولا يُجامل، بل يضيء الطريق أمام المستمع والفنان معا.
الحياد خرافة
□ كثيرون يقولون إن الناقد يجب أن يكون محايدا بشكل مطلق، هل تتفقين مع هذا؟
- الحياد المطلق خرافة. المهم هو النزاهة والمعرفة، كل ناقد يحمل ذائقته، لكن عليه أن يملك الأدوات العلمية التي تمنع ذائقته من السيطرة على حكمه، بصراحة نحن نقرأ الموسيقى بعقل مُدرب، لا بمزاج لحظة.
□ برأيك، ما الذي ينقص الساحة الموسيقية العربية اليوم؟
- حقيقة، ينقصها الجرأة في التجريب، والخروج من القوالب الجاهزة، لدينا أصوات رائعة، لكننا نفتقر إلى مشاريع موسيقية تحمل فكرة حقيقية، الموسيقى العربية قادرة على التطور، ولكن يجب أن نمنحها فرصة للتحديث دون أن نفقد جذورها.
□ وهل ما زال الجمهور العربي يتذوق الأعمال العميقة، أم أصبح يميل إلى السهل الممتنع؟
- بصراحة الجمهور متنوع، ولا يمكن اختزاله، هناك من يبحث عن العمق، وهناك من يريد أغنية خفيفة ترافق يومه، فالمشكلة ليست في الجمهور، بل في قلة الاختيارات المطروحة، عندما نقدم فناً جادا، سنجد جمهورا يتفاعل معه بلا شك، بالتالي كما اسلفت المشكلة ليست في الجمهور.
□ ماذا تقولين للموسيقيين الشباب الذين يخشون النقد؟
- لا تخافوا النقد بل خافوا تجاهله، سيما وأن الناقد الحقيقي لا يهدم، بل يشير إلى المسار الذي يمكن أن ترتقوا به، فمن دون النقد، لا توجد صناعة فنية ناضجة.
□ ما رأيك بمهرجان الموسيقى العربية 2025 الدورة 33؟
- مهرجان و مؤتمر الموسيقى العربية 2025 الدورة 33، كانت متميزة سواء تنظيما أو مشاركات أو حضور، وهذه الدورة بالذات كانت جيدة وراقية، وتضمنت أعمال ومشاركات مهمة، وأنتم كنتم من ضمن المشاركين العرب و كانت فرصة لبحث ومناقشة مستقبل الموسيقى العربية في ظل تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الموسيقى وغيرها، و أملنا ان نعمل جميعا من أجل الإرتقاء بالموسيقى العربية والحفاظ على جميع تفاصيلها.
□ أخيرا، ماذا تعني لك الموسيقى شــــــــخصيا؟
- الموسيقى بالنسبة لي لغة الروح، هي مساحة بين الصمت والقول، حيث يمكن لأي إنسان أن يجد نفسه دون أن ينطق حرفا واحدا.