سيناريوهات صعبة لتشكيل الحكومة
جواد العطار
تبقى سيناريوهات تشكيل الحكومة القادمة بالعراق طبيعية مع ظهور ثلاث كتل كبيرة تمثل المكونات الرئيسة في البلاد ، فالاطار التنسيقي والمجلس السياسي الوطني والكتل الكردستانية كفيلة باتفاقها على حسم الملف بتقاسم المناصب العليا وتشكيل حكومة ائتلافية قوية ان جرت الامور على طبيعتها والعرف السياسي الذي تداوله العراق بعد عام 2003. لكن السؤال: هل ستجري الامور طبيعية؟ ام نحن امام ماراثون طويل من النقاشات والمشاورات والانشقاقات حتى تشكيل الحكومة القادمة؟.
تبدو الامور طبيعية لغاية الان ، مع اعلان الاطار التنسيقي نفسه الكتلة البرلمانية الاكبر في البرلمان المقبل وبحثه عن مرشح لرئاسة مجلس الوزراء وفق شروط وضوابط لتشكيل الحكومة... لكن هناك تحديات لهذا الإعلان منها:
1. قوى الاطار غير متفقة فيما بينها على طول الخط ، فمنها من رشح المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون ، وتيار الحكمة يريد الاستئناس برأي المرجعية الدينية وآخرون يرون بالعبادي المنقذ.
2. احتمالات قوية جدا لانشقاق ائتلاف الاعمار والتنمية عن الاطار التنسيقي بعد إعلانه الاخير بانه الفائز الاكبر وزعيمه السوداني مرشحه الوحيد لرئاسة الحكومة المقبلة.
ومع احتمالات انشقاق الاعمار والتنمية عن الاطار التنسيقي فان المشهد سيتعقد وقد يعيدنا الى سيناريو 2021.
اختيار مرشح
اما بالنسبة للقوى الاخرى فهي ليست بأحسن حال من الاطار ، فالاختلافات الكبيرة بين قادة المجلس السياسي الوطني ما زالت تعصف بمواقفه تجاه اختيار المرشح لمنصب رئيس البرلمان.
اما غياب التوافق بين الكتل الكردستانية التي لم تلتئم الى اليوم في كيان برلماني واحد ، فان الاختلاف على شخص رئيس الجمهورية حاضرا وبقوة خصوصا بعد الحديث الاخير عن نية بافل طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكرستاني نيته الترشح لهذا المنصب.
مع وضوح الصورة بعد اغلاق صناديق الاقتراع وتكتل الطوائف بكيانات برلمانية موحدة ، أصبحت يسودها الضبابية وعدم الوضوح مع الحديث عن المناصب وتعيين الأشخاص ، فالكل يبحث عن مصالحه ولا احد يبحث عن مصلحة الوطن وحقوق المواطن الذي منح الثقة للفائزين... يضاف الى كل ذلك اللاعب الخارجي الامريكي الذي دخل بقوة على خط تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بتصريحات ترامب السابقة للانتخابات وتعيينه مارك سافايا مبعوثا خاصا له في العراق ، وإرساله قبل يومين توم باراك المبعوث الامريكي الخاص في سوريا والشرق الاوسط الى بغداد واربيل لترتيب الاوراق.
ان ماراثون تشكيل الحكومة وسيناريوهاته معقدة هذه المرة: تحتكم الى الصراع على المناصب بين الفائزين الكبار اولا؛. ومدى تماسك الكيانات الطائفية ثانيا؛. وقدرة المؤثر الخارجي في تغيير بوصلة الاحداث ثالثا.
ولو تشكلت الحكومة بسرعة ، وهذا ما يحتاجه العراق اليوم بقرار داخلي دون أي تدخل خارجي فانها يفترض ان تراعي مصلحة الوطن والمواطن اولا ، او انها تتشكل بعد مخاض عسير ، وفي كلتا الحالتين ستواجه تحديات كبيرة وجسيمة اقتصادية وامنية وبيئية ، وقد لا تتمكن اي حكومة مهما كانت قوية من الصمود امامها اكثر من عام واحد... لانها حكومة مكونات بدون معارضة؛ ما يبقي النظام السياسي هشا ومشوها ، ويفرغ الديمقراطية من محتواها الحقيقي.