القندرة الموقوتة .. من اختراع العم نوبل الى احتراع الجوارب الربع
حسن الحيدري
ولد الفريد برنارد نوبل عام 1833 في السويد واشتهر بوصفه الكيميائي والمخترع الذي غير مسار الصناعات والهندسة الى الابد باختراعه الديناميت كان اختراعه في البداية موجها لخدمة مشروعات البناء وشق الطرق والانفاق والمناجم إذ مكن البشر من اختصار الزمن والجهد في تنفيذ المشاريع الضخمة التي كانت شبه مستحيلة قبل ذلك لكن مع مرور الوقت دخل الديناميت في الاستخدامات العسكرية واصبح اداة فعالة في الحروب والدمار وهو ما ادخل نوبل في صراعٍ اخلاقي عميق مع اختراعه
لم يكن الفريد نوبل رجل حرب ولم يكن يتوقع أن تتحول فكرته الى وسيلة قتل جماعي وتشير الروايات التاريخية الى انه صدم عندما قرأ نعيا خاطئا نشر عنه وهو على قيد الحياة وصف فيه باحدى الصحف بـ تاجر الموت بسبب اختراعاته المدمرة كان لهذا الوصف أثر عميق في نفسه وبدأ يعيد النظر في ارثه الذي سيتركه للبشرية بعد وفاته
من هنا ولدت فكرة جائزة نوبل بعد ما قرر الفريد نوبل أن يخصص القسم الأكبر من ثروته لانشاء صندوق مالي تصرف عائداته سنويا لتكريم الأشخاص الذين يقدمون أعظم الخدمات للانسانية في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام وكانت جائزة نوبل للسلام هي الاكثر رمزية بين جميع الجوائز لأنها جاءت كرد أخلاقي مباشر على الاستخدامات القاتلة للاختراعات التي خرجت من مختبره
إن المفارقة العميقة في سيرة نوبل تكمن في انه جمع بين التناقضين القدرة على التدمير والرغبة الصادقة في الإصلاح فقد ادرك في نهاية حياته أن العلم بلا ضمير قد يصبح كارثة وأن القوة بلا حكمة تتحول إلى تهديد للبشرية لذلك أراد أن يجعل من اسمه رمزا للتكفير عن الضرر ولتحفيز الخير والسلام والابتكار البناء
وهكذا تحولت قصة مخترع المتفجرات إلى واحدة من أعظم قصص التحول الأخلاقي في التاريخ الحديث فلم يعد اسم نوبل مرتبطا بالموت والدمار بل أصبح عنوانا عالميا للأمل والعلم والسلام والتقدير الإنساني لقد مات الجسد عام 1896 لكن الفكرة التي تركها ما زالت تحيي العالم كل عام وتمنح الإنسان فرصة جديدة للايمان بأن التغيير ممكنوحتى بعد أعظم الأخطاء