مشروع فردي يتحوّل إلى منبر تثقيفي رغم التحدّيات

بحوث جديدة تعزّز وعي المجتمع بقضايا الأطفال

بغداد - ابتهال العربي

تواصل مجلة دراسات الطفولة العربية، المتخصصة في بحوث ودراسات أدب الأطفال وثقافتهم، حضورها العلمي في الساحة الأكاديمية العربية٬ عبر طرحها موضوعات معمّقة تُعنى بتنمية الطفولة وتطوير الفكر التربوي في العراق والوطن العربي٬ باشراف رئيس التحرير٬ جاسم محمد صالح. وأصدرت المجلة العدد الرابع والعشرون لتسلط من خلاله الضوء على (نهج المجلة في الربط بين العلم والتربية والإبداع، عبر دراسات طرحها باحثون ومفكرون عراقيين وعرب يكرسون وقتهم لبيان ونقل قضايا تمس واقع الطفل العربي وتطلعاته المستقبلية، منها فلسفة أدب الأطفال، حاجات التعليم الحديثة، دور الأم في قصص الأطفال، أثر التكنلوجيا والذكاء الاصطناعي على نمو الطفل وتفكيره وسلوكه).

كما تحدثت بحوث المجلة عن (موضوعات اجتماعية وتربوية حساسة٬ مثل الإدمان على الإنترنت، ومسرح الطفل، وتقويم العملية التربوية، فضلاً عن قضايا ثقافية وإنسانية من بينها تسول الأطفال وتنمية مهاراتهم اللغوية والبيئية والسلوكية، في محاولة لخلق وعي ثقافي شامل يواكب تطورات العصر ويحافظ على قيم الطفولة الأصيلة)٬ ويؤكد القائمون على المجلة ان (رسالتها تتمثل في توجيه الجهود البحثية نحو بناء جيل وطني واعٍ ومبدع، وتعزيز مكانة أدب الأطفال كأداة فعالة في التربية والثقافة والتواصل الإنساني).

 كما تسعى المجلة الى ان (تكون منصة فكرية تجمع الأكاديميين والمهتمين بشؤون الطفل٬ لتبادل الرؤى حول مستقبل التربية العربية٬ في ظل الثورة الرقمية المتسارعة). يذكر ان (مجلة دراسات الطفولة العربية تعد إحدى الإصدارات العلمية المرموقة في العراق والعالم العربي، تصدر بشكل شهري، وتُعنى بتطوير مناهج التفكير التربوي والنقد الأدبي الموجّه للطفل.

تقاليد بحثية

وقد أسهمت منذ انطلاقتها في إرساء تقاليد بحثية جادة تهتم بآداب وثقافة الطفل العربي، وتسلّط الضوء على التحولات الاجتماعية والتكنلوجية المؤثرة في تنشئته، ما يجعلها جسراً معرفياً بين الأجيال٬ وصوتاً علمياً لقضايا الطفولة).

وجاء في المقالة الافتتاحية لرئيس تحرير المجلة٬ تحت عنوان أطفالنا وتربية الذوق والسلوك٬ انه (من المهم تربية الاطفال على معرفة جماليات السلوك الاجتماعي والذوق والأصول٬ ومنهجية التعامل مع الآخرين سواء كانوا صغاراً أو كباراً)٬ مشيراً الى ان (المجتمعات الراقية هي تلك المجتمعات التي تُربي أطفالها على خفض الصوت في الأماكن العامة، والالتزام بالهدوء واحترام الآخرين، لأنَّ ذلك يؤدي إلى مستوى كبير من التقبّل الاجتماعي، إضافةً إلى أن عدم المقاطعة أثناء الكلام، أو الرد إذا طُلب منهم الرد، وتداول الحديث بشكل متزن يدل على وعي وإدراك عالٍ)٬ وأوضح صالح ان (اهم ما يجب أن يتعلمه الطفل أيضاً الابتسام، والتحية، والإصغاء الجيد، والتعامل بود واحترام مع الآخرين)٬ مشدداً على (ضرورة غرس قيمة الاعتذار بنفوس الأطفال إذا أخطأوا بحق زملائهم، أو أصدقائهم، أو معلمهم، أو مديرهم، أو من هم أكبر منهم سناً)٬ وتحدث في مقالته ايضاً عن (حسن الإنصات٬ وعلاقته بالذوق، مؤكداً انه يدل على احترام المتحدث، وإن كان خلاف ذلك فسيكون الصمت هو الخيار الأفضل)٬  ومضى الى القول ان (المعلم في المدرسة هو أول قدوة يجب أن يتعلم منها الطفل كل الاحترام والقيم، وعلى الأسرة أن تستمع إلى نصائح المعلم وتوجيهاته التربوية٬ التي تصب في مصلحة الطفل وتساعده على فهم العالم من حوله، ليكون ذا عونٍ لمجتمعه، ولإنجاح العملية التربوية).

دعم رسمي

ورغم الصعوبات المالية وقلة الإمكانات، يواصل الدكتور صالح إصدار هذه المجلة بجهود ذاتية خالصة، مؤمناً برسالتها ودورها التربوي والثقافي في المجتمع، دون أن يتراجع أمام غياب الدعم الرسمي أو تنفيذ الوعود التي قُطعت له سابقاً. ويؤكد هذا الإصرار ان (العمل الثقافي الحقيقي لا يُقاس بالإمكانات بل بالإيمان العميق بالفكرة، وأن من يحمل مشروعاً معرفياً صادقاً لا ينتظر الظروف المثالية بل يصنعها بإرادته)٬

ويرى مثقـــــــــــــــفون واكاديميون ان (استمرار هذه المجلة وانتظام صدورها يمثل رسالة واضحة بأن الثقافة ما تزال قادرة على التنفس رغم التحديات، وأن هناك من يكتب ويُنتج ويُثابر ليصل صوت المعرفة إلى الأجيال، ويزرع فيهم ما يحتاجه المستقبل من وعي وذوق وأخلاق. ولهذا يستحق هذا الجهد أن يُحتضن ويُدعم، لا بوصفه مشروعاً شخصياً، بل باعتباره مشروعاً وطنياً تربوياً وإنسانياً يستحق البقاء والاستمرار).