الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الجار السعودي للجار الشيعي

بواسطة azzaman

الجار السعودي للجار الشيعي

فؤاد مطر

 

تُجاور دارة السفير السعودي الدكتور وليد البخاري في اليرزة مبنى مقر «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الذي إختار مكانه قبْل ثلاثة عقود لحكمة تتصل بتعميق مفهوم السكن المسيحي الإسلامي ومن دون الإغراق في الحساسيات والتعصب، الطيِّب الذِكْر الإمام موسى الصدر الذي أحدثت نجوميته وإستقطابه للطائفة الشيعية وللشيعة العرب وغير العرب عموماً بنِسب متفاوتة حفيظة النظام الأسدي والثورة الإيرانية بأول قادتها الإمام الخميني فالسيد الخامنئي. والتجاور هنا ليس بالمعنى المألوف حارة تلاصق حارة أو دارة تُجاور مبنى وإنما تجاوُر الصدفة أن المكان هما التلتان المشرِفتان على بيروت («تلة اليرزة» حيث دارة السفير السعودي و»تلة الحازمية» حيث مقر «المجلس الصدري الإسلامي الشيعي الأعلى»). ومع أن «الأوتستراد» يفصل بينهما إلاَّ أن المسافة بين الدارة والمقر بضع مئات من الأمتار وبضع دقائق بالسيارة. كما اللافت أيضاً في ميزة إختيار المكانيْن، مكان الدارة السعودية، ومكان «مقر الإسلامي الشيعي الأعلى» أنهما في الضاحية المستكينة للعاصمة لا أصابها ولا هي عرضة للإصابات المجحفة التي مُنيت بها الضاحية الجنوبية من العدوان الإسرائيلي الذي لا يتوقف، وكذلك أزيز مسيَّراته المقرونة أحياناً بالقصف والإغتيالات. كما هنالك العمليات الصاروخية التدميرية التي سبق أن أودت بثلة من القادة الميامين أبرزهم حامل رايتهم المتواصل خفْقها السيد حسن نصرالله رحمة الله عليه وعلى رفاقه الذين سقوا بدمائهم تربة نهوض آتٍ ولو بعد حين.

مشاعر وجدانية

مناسبة هذه المقارنة وما تخلَّل سطورها من مشاعر وجدانية أن السفير الدكتور وليد البخاري البالغ الحدْب الدبلوماسي على لبنان من جانبه صدْق الود والإقتناع، إنتقل يوم الخميس 23/ 10/ 2025 من دارته وزار جاره الشيخ المستنير بإمتياز علي الخطيب في مقر «المجلس الأعلى للطائفة الشيعية» في الحازمية.

ومع أن كاتب هذه المقالة قرأ مضمون اللقاء من عنوانه على نحو التعبير الشائع في شأن قراءة مضمون الرسائل، إلاّ أن ما أجيز الإفصاح عنه، يعكس عُمق روح طيِّبة مشتركة سواء لدى الشيخ علي من خلال التنويه ﺑ «دور المملكة العربية السعودية وحِكْمتها في تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين وتحقيق الإستقرار تماماً كما فعلت سابقاً في إتفاق الطائف ورعايتها الدائمة له وكانت لها اليد الطولى في هذا المجال» مع إتيان الذِكْر تلميحاً على تداعيات ما بعد العدوان الإسرائيلي الذي إستهدف وما زال المناطق الشيعية دون وقفة تجاه ذلك من المجتمع الحكومي الدولي بإعتبار أن مواقف المجتمعات الدولية عموماً مما جرى للبنان وغزة كان موضع تأثير لم يصل بعد إلى منتهاه.

وما هو لافت للإنتباه ويبدو بمثابة مؤشر إلى ما يرام للعلاقة السعودية مع الطائفة الشيعية من ثبات، هو رد السفير الدكتور البخاري على ما قاله الشيخ علي وإرفاق الكلام الطيِّب بدعوة السفير للمشاركة في ندوة حول إتفاق الطائف يقيمها «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» في مقره، حيث أن السفير الذي أعطى خلال جولات «الخماسية» من الإهتمام بالتطورات اللبنانية الكثير أكد على أمر يحتاجه لبنان وبالذات الطائفة الشيعية التي تكاثرت إرتباكاتها وتحتاج إلى خلصاء حادبين، وتمثَّل ذلك بقوله «لا خصومة للمملكة مع المكوِّن الشيعي في لبنان ولا في الخارج، وعدم إستبعاد أي مكوِّن لبناني في الدولة وهذه روحية إتفاق الطائف...». هنا نستحضر ولمناسبة عزْم «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» على إقامة ندوة حول إتفاق الطائف في مقر المجلس يوم السادس من تشرين الثاني 2025 ذلك «المؤتمر الوطني» الذي أقامه في قصر الأونيسكو  يوم السبت 5 تشرين الثاني 2022  السفير وليد البخاري وكرَّست فعاليته وكلمات المتحدثين فيه الإجماع اللبناني المسلم – المسيحي على التمسك بالوثيقة التي أُقرت في زمن الملك فهد بن عبدالعزيز ودبلوماسية الأمير سعود الفيصل (رحمة الله عليهما) وحدْب الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير الرياض زمنذاك) الذي كما الأب المؤسس الملك عبدالعزيز والأبناء الراحلون الذين تعاقبوا المُلك (سعود. فيصل. خالد. فهد. عبدالله)، كان لبنان بصيغته الطوائفية موضع الاهتمام والحرص والإغاثة من جانبهم في الأزمان الصعبة.

الفجر اللبناني آت

وتحضُرنا عبارة قالها الملك فهد أمام النواب اللبنانيين في الجلسة الأُولى لمؤتمر الطائف يوم السبت 1 تشرين الأول 1989، ويحتاج أهل السياسة والأحزاب اللبنانيين بعد ست وثلاثين سنة من قولها إلى التأمل بكثير من العمق فيها وهي «إن الفجر اللبناني آت لا ريب فيه، أطال الزمن أم قصُر والشعب اللبناني قادر بإذن الله وعونه على جعْل وطنه مرة أُخرى نموذجاً للحياة الحرة الكريمة الأصيلة وليستعيد لبنان مكانته ويستأنف دوره وليعود المواطن اللبناني كما عرفه العالم منذ سنين طويلة». ما أشبه حال لبنان اليوم بأمسه الذي نبه إليه الملك فهد وأرفق التنبيه «بالنصح والتمني».

وكما مفردات كلام الشيخ علي الخطيب لافتة وفي عُمق الحرص رداً على ما قاله جاره السفير وليد البخاري، ومِن قبْل أن تبدأ ندوة «المركز الشيعي الأعلى» يوم 6 تشرين الثاني، فإن الذي قاله المطران بولس مطر نيابة عن البطريرك الراعي في إحتفالية «الأونيسكو» تندرج في الروحية نفسها لكلامه وكلام الشيخ علي الخطيب.

عسانا يُهدى لبنان من الدولة العربية الأكثر حدباً ومن منطلَق حِرْص خادم الحرميْن الشـــــــريفيْن الملك سلمان بن عبدالعزيز ونخوة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان ما يُخرج لبنان من ضائقته.

كلام الجار الزائر سفير المملكة العربية السعودية كما كلام الجار المُزار نائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» مستوحى من قول الرسول (ص): «خيْر الجيران عند الله تعالى خيْرهم لجاره» ومِن قول الإمام علي بن أبي طالب «مِن حُسْن الجوار تفقُّد الجار»... والله يُهدي إلى سواء السبيل مَن طلب الهداية.

 

 

 


مشاهدات 38
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/11/01 - 12:51 AM
آخر تحديث 2025/11/01 - 7:06 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 206 الشهر 206 الكلي 12361709
الوقت الآن
السبت 2025/11/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير