رؤية لحل ازمة التعليم العالي
محمد الربيعي
لمواجهة التدهور الذي نشهده في التعليم، لا بد من اجراءات جذرية وشجاعة، نطرح منها:
1. تجميد مؤقت وشامل للمؤتمرات العلمية المحلية: دعوة الى تجميد جميع المؤتمرات التي تقيمها الجامعات والكليات لفترة زمنية محددة، يتم خلالها اجراء مراجعة حقيقية لاهدافها واليات عملها. يجب ان يعاد تعريف هدف المؤتمر ليكون «تبادل الخبرات والنقاش العلمي الجاد» وليس «جمع المشاركات». كما يجب فرض معايير تحكيم صارمة على البحوث المقدمة فيه، على ان يقوم بالتحكيم محكمون معروفون من خارج المؤسسة المضيفة لضمان الحياد.
2. اعادة هيكلة معايير الترقية والتكريم: يجب قلب المعايير الحالية راسا على عقب، بحيث تصبح «الجودة» هي الاساس، وليس «الكم». من خلال:
- الاعتماد بشكل اساسي على النشر لبحوث حقيقية اجريت في العراق ومن قبل باحثين عراقيين
- تقييم «اثر» البحث العلمي ومدى استشهاد الباحثين العالميين به، بدلا من مجرد عدده. او الاعتماد على الاستشهاد الذاتي
- تشكيل لجان اختصاص نزيهة لتقييم سيرة الباحث النوعية بدلا من الاعتماد على الحساب الالي للنقاط.
3. محاسبة ومقاطعة المجلات والمؤتمرات الوهمية: وضع قائمة سوداء بالمجلات والمؤتمرات المفترسة ومنع الاعتراف بأي بحث منشور فيها، ومحاسبة اي باحث يلجأ اليها.
4. تكريم النزاهة قبل الكم: يجب ان يكون «يوم العلم» احتفاءً بالنماذج المشرفة التي قدمت اضافة حقيقية، ولو بعدد قليل من البحوث، وان يكون رسالة لتجريم ومنع تكريم اي شخص مشبوه في ممارساته الاكاديمية.
الفضائح الاكاديمية المتكررة هي جرس انذار لا يمكن تجاهله. انها تشير الى ان النظام الحالي لم يعد قابلا للاستمرار. ان استمرار سياسة «الكم» على حساب «الكيف» ليس فقط يهدر الموارد، بل يدمر سمعة العلم والتعليم العالي في العراق برمته، ويحول جامعاتنا الى واجهات فارغة من المضمون. حان الوقت لوقف هذا الانحدار، والبدء بمراجعة جريئة وصادقة، لان مستقبل العراق يعتمد بشكل اساسي على علم حقيقي، يخدم مجتمعه ويحترم عقول ابنائه، وليس على ارقام وهمية تزين الاحصائيات بينما تدفن الضمير العلمي.