الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فساد الإنتخابات

بواسطة azzaman

هاشتاك الناس

فساد الإنتخابات

ياس خضير البياتي

 

في العراق، الانتخابات ليست مجرّد ممارسة ديمقراطية... بل هي مسرحية ضخمة، بميزانية مفتوحة، وأبطالها محترفون في فن التزوير السياسي، ومخرجها مجهول الهوية، لكنه دائمًا يصرخ من خلف الكواليس:»أعيدوا العد... بس مو هسة، خلوها تهدأ الأمور!».. الانتخابات عندنا تشبه وجبة سريعة: – الكل يأكل منها، – لا أحد يسأل عن المكونات، – وفي النهاية… يصابون جميعًا بتلبّك وطني!

أنت لا تذهب لتختار... بل ليُختار عنك. هناك من جهّز «العدّ اليدوي» قبل أن تُطبع البطاقات. وهناك من قرر النتائج في غرف مُكيّفة، بينما الشعب يتصبّب عرقا في طوابير الاقتراع. المرشح يدفع، يدفع، ثم يدفع أكثر…لأنه يعرف أنه لا يُشترى الصوت مرةً واحدة، بل عدة مرات: للناخب، للموظف، للمفوضية، ولـ “أصحاب الخبرة» في فن تدوير النتائج

وإذا سألت أحدهم:»ليش تصرف كل الفلوس؟ يجيب بثقة تاجر جملة:»أشتري الكرسي اليوم، وأستردّه في أول عقد حكومي.» في كل موسم انتخابي، تبدأ حفلة الإنفاق العظيم. مليارات تُصرف بلا رقيب، وكأن المرشحين دخلوا مزادًا مفتوحًا لشراء أصوات الناس… بالمفرق والجملة! مرشح يوزّع بطانيات، وآخر يقدّم مكيفات، وثالث يركّب «ستلايتات» للمنازل. بعضهم يبني ملعبًا، وآخر يفرش طريقًا بالإسفلت… لكن فقط حتى باب بيته. ثم تسأل: «من أين لكم هذا؟»فيبتسم المرشح كمن اكتشف سر الوجود، ويجيبك:»استثمار يا حبيبي، كل دينار صرفته اليوم، سأسترده عشرة أضعاف... من ميزانية الدولة!» تكاليف الحملات الانتخابية في العراق تُشبه تجهيزات زفاف ملكي: عشرات المليارات على الملصقات، المؤتمرات، الولائم، «الهيلوكوبترات الشعاراتية»، والإعلانات المدفوعة. وفوق ذلك… رشاوي تحت الطاولة: للقاضي، للموظف، للشيخ، وحتى للمنافس أحيانًا!

والنتيجة، مقعد برلماني يُشترى بالملايين، لأنه سينتج صفقات بمئات الملايين. كل شيء محسوب:

«راح أصرف 3 مليار… وأرجّعها أول ستة أشهر، والباقي أرباح وطنية!» كل فلس صُرف في الانتخابات يُعوَّض لاحقًا من «صندوق الشعب»… بربح صافٍ.

تزوير الأصوات: الناخب في البيت، لكن صوته مسافر. الميت ينتخب، والحي يُنتخب عنه. البطاقة البايومترية كانت حلم النزاهة… ثم تحوّلت إلى إكسسوار انتخابي قابل للتكرار. شراء الأصوات: صوت مقابل بطانية، صوت مقابل 25 لتر بنزين، أو أفضل عرض: «صوتك + 3 أصوات من عائلتك = وظيفة عقد وهمي!» الأصوات الطائرة: صندوق يُنقل من منطقة لأخرى ثم يعود محمّلًا بأصوات كلها لنفس الشخص… حتى أخو المرشح استغرب!

الطعون تُقدّم، الشكاوى تُرفع، التظاهرات تخرج، و»مفوضية الانتخابات» ترد دائمًا بنفس البيان التاريخي:»لا يوجد تزوير، ولكن سنحقق في المخالفات!»(مخالفات تقصد نقل صناديق بطائرة دون رقابة لا، هذه ليست مخالفة… هذه نكتة.) وإذا ازداد الضغط الحلّ دائمًا:»إعادة العد اليدوي في صناديق منتقاة بعناية»(يعني: سنعد الأصوات… التي نعرف نتائجها مسبقًا). في هذا المشهد الكوميدي، المواطن الشريف هو الكومبارس الصامت يصدّق الدعاية، يقف في الطابور، يصوّت بقناعة. ثم يُفاجأ أن صوته تم نقله إلى قائمة لم يسمع بها من قبل ويقال له:»احنا آسفين، بس الخطأ فني… أو خارجي… أو ظرفي… أو مؤامرة

عزيزي العراقي...لا تبحث عن نزاهة الانتخابات في نشرة الأخبار، ولا في أعمدة الصحف، بل ابحث عنها في حجم الكراسي المحجوزة مسبقًا. ففي ديمقراطيتنا، الفوز لا يُقاس بعدد الأصوات، بل بعدد الاتصالات التي تسبق إعلان النتائج. فالانتخابات عندنا ليست لتغيير الواقع بل لتجديد الرخصة لـنفس «الكومبينيشن» السياسي!

فكن حذرًا…فصوتك قد يُباع وأنت لا تدري وتجد نفسك تمثّل في مسرحية… أنت فيها مجرد صوت على ورق، بينما البطولة دائمًا… للرشاوى، والصفقات، والمحاصصات.


مشاهدات 43
الكاتب ياس خضير البياتي
أضيف 2025/10/24 - 8:29 PM
آخر تحديث 2025/10/25 - 1:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 81 الشهر 16542 الكلي 12156397
الوقت الآن
السبت 2025/10/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير