الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قنوات تفضح الفساد

بواسطة azzaman

قنوات تفضح الفساد

ماهر نصرت

 

هناك من يرى ان بعض القنوات التلفزيونية الناقدة اصبحت منابر تبحث عن الاخبار السيئة فقط وتنقلها للمواطنين بنشراتها الاخبارية كل يوم  ، غير ان هذا الاتهام في جوهره لا يقوم على تكذيب الحقيقة الحاصلة ، بل على خوف في صدور أولئك السياسيين الفاسدين الذين تضررت سمعتهم ومصالحهم من صراحة هذه القنوات فراحوا يشنون عليها الهجوم ويتهمونها بتخريب فكر المواطن وزرع الفتن الطائفية ومحاولة زعزعة الاستقرار ، بينما الحقيقة ان هذه القنوات لم تفعل سوى انها نقلت ما يجري فعلاً بوضوح تام وجعلت من الاعلام مرآة تعكس حقيقة الواقع كما هو ، لا كما تريده السلطات .

لقد اعتادت الكثير من الانظمة العربية التي انهار بعضها  على فرض اعلام رسمي مطيع لا يخرج عن الخط المرسوم ، يمجد الحاكم ويغطي على فساد المسؤولين وينشر الوهم في عقول الناس حتى غدت الاكاذيب هي الحقيقة الوحيدة المسموح بها ولكن حين ظهرت تلك القنوات بكاميرتها الجريئة وصوتها العالي كسرت هذا السكون وفضحت المستور وكشفت ما كان يدور في الغرف المغلقة فأحست الانظمة المخطئة بأن جدار الصمت قد تهشم وبأن ملفاتها السوداء بدأت تخرج الى العلن .

ومن هنا بدأت الحرب على هذه القنوات الحرة ..... حرب لا تستخدم السلاح بل تستخدم الاشاعة والاتهام والتشويه فاتهموها بالتحريض والانحياز والتآمر وكل ذلك لأنها كسرت حاجز الصمت ووجهت الضوء نحو الفساد والطغيان ، فصار المفسدون يختبئون وراء الشعارات الوطنية الزائفة ويرددون ان القنوات تسعى الى تفكيك المجتمعات بينما هي في الحقيقة تسعى الى توعية المواطن وتحريره من الكذب وتفضح الفاسدين الذين يعيثون خراباً في مجتمعاتهم  .

والغالبية من الجماهير العربية التي عاشت طويلاً تحت وطأة الفقر والحرمان والقهر السلطوي وجدت في هذه القنوات متنفساً لصوتها ومصدراً لمعرفة ما كان يُخفى عنها  ، فقد كانت ترى في تلك القنوات أنها تضع اصبعها على الجرح وتنقل صرخة الناس في كل مكان ولا تخاف من مسؤول ولا ترضخ لمال ولا تساوم على الحقيقة ولهذا احبها الناس وكرهوها الحكام والمسؤوليين  وشوهوا صورها  .

لقد اصبحت هذه القنوات رمزاً لصوت الشعوب في وجه الطغيان وباتت مدرسة جديدة في الاعلام الحر الذي لا يقبل الترويض ولا يقيم وزناً للحدود المصطنعة بين الحقيقة والممنوع ، فكلما حاولوا اسكاتها زادت قوةً وانتشاراً وكلما حاربوها إزدادت ثقة الناس بها لأنها اثبتت ان الكلمة الصادقة اقوى من البندقية  وان الضوء مهما كان ضعيفاً فانه كفيل بطرد الظلام الذي  يُخبىء عروشهم .

وهكذا ظلت تلك القنوات تتقابل وجهاً لوجه مع  الفساد  ، وكابوساً يؤرق الانظمة التي تخاف من الحقيقة  ، فهي لم تصنع الفتنة بل كشفت أسبابها ومخططاتها التي يضعها الفاسدين المرتشين لخدمة مصالحهم  ،  فتلك القنوات لم تزرع الكراهية بل عرضت مخططاتهم الفاسدة على الملأ فارتبكوا وصاحوا وشتموا ولكنهم في النهاية لم يستطيعوا ان يوقفوا سيل الحقيقة الذي خرج من شاشة صغيرة ليغمر الامة كلها بنور الوعي الجماهيري  بعد أن رأى الفضائح .

 

 

 

 


مشاهدات 116
الكاتب ماهر نصرت
أضيف 2025/10/11 - 2:26 PM
آخر تحديث 2025/10/24 - 5:27 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 75 الشهر 16536 الكلي 12156391
الوقت الآن
السبت 2025/10/25 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير