بيان ضد الخطاب الطائفي في الدعاية الانتخابية
محمد عبد الجبار الشبوط
في الوقت الذي تتطلع فيه الشعوب إلى بناء دولة حضارية حديثة، دولة الإنسان والقانون والقيم، يطلّ علينا من لا يزال أسير العقلية الانقسامية الضيقة، مستخدمًا الخطاب الطائفي وسيلة لابتزاز عواطف الناس واستدرار أصواتهم، وكأن الوطن مزرعة مقسّمة بين الطوائف، لا بيتًا مشتركًا يتسع للجميع.
إن الخطاب الطائفي في الحملات الانتخابية ليس مجرد رأي خاطئ، بل هو جريمة أخلاقية وسياسية بحق الوطن والمواطن؛ فهو يمزّق النسيج الاجتماعي، ويشوّه الوعي العام، ويعيد إنتاج الكراهية والفرقة، ويقف سدًّا منيعًا أمام مشروع الدولة الحضارية الحديثة القائمة على الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية. فليس من الحق ولا من الشرف أن تُختزل إرادة الأمة في انتماءات ضيقة، أو أن يُقايض الوعي الجمعي بالخوف والولاء الطائفي.إن الطائفية ليست خيارًا سياسيًا، بل هي واحدة من أكبر العقبات في طريق إقامة الدولة الحضارية الحديثة، لأنها تجعل الانتماء للطائفة أعلى من الانتماء للوطن، وللزعيم أعلى من قيم العقل والكرامة والإنسان. ومن يعتاش على تمزيق المجتمع لا يمكن أن يكون ممثلاً حقيقيًا للشعب، ولا شريكًا في صناعة المستقبل.وعليه، أدعو جميع القوى السياسية والاجتماعية والثقافية إلى الوقوف بصرامة أمام كل خطاب يشعل نار الفتنة أو يستغل الدين والطائفة لأغراض انتخابية ضيّقة، كما أطالب المواطنين بأن يجعلوا أصواتهم صرخة في وجه المتاجرين بالطائفية، وأن يدافعوا عن حقهم في دولة تحترم وعيهم لا مخاوفهم، قيمهم لا انتماءاتهم الضيقة.
إن زمن الطائفية يجب أن ينتهي، وزمن الدولة الحضارية يجب أن يبدأ.