لولا تبليغه

فاتح عبدالسلام

اذا وقفت بسيارتك الى جانب منزل غير منزلك وفي شارع غريب عنك، للنظر في هاتفك الجوال أو اجراء مكالمة أو لأي سبب آخر، وأطلتَ الوقوف ربع ساعة او نصف ساعة، فأنت ستكون في موضع شبهة، ليس من قبل السلطات وانما من أصحاب المنزل، ذلك انّ هناك رقابة ذاتية عالية في عموم بريطانيا من قبل المواطنين. هناك قوانين وهناك نظام مستقر في طبيعة الحياة اليومية للناس، لذلك تكون حالة الاستقرار مسؤولية جماعية، يسهم فيها الافراد كونهم الجزء الأساس في المجتمع. لذلك نجد مئات وربما آلاف السرقات والمخالفات تصل الى الأجهزة الرقابية والأمنية من خلال تبليغات مسؤولة من الناس العاديين، يندر أن يكون فيها دافع كيدي، لأنّ هذا الاحتمال لو وجد لجلب المصيبة على الشخص المتورط في هذا الفعل.

قبل أيام أنجزت الشرطة البريطانية التي تلاحق بدقة خيوط هذه الجرائم، إنجازاً كبيراً استناداً الى تبليغ من مواطن، فقد استفحلت عمليات سرقة الهواتف النقالة في شوارع لندن على نحو غير مسبوق،

وبحسب اعلان الشرطة في العاصمة البريطانية فإنه تمت سرقة ثمانين ألف هاتف نقال في العام الماضي فقط.

 وأصبحت ظاهرة تلقي بظلالها على سمعة إحدى أجمل عواصم العالم أمام السياح، حتى وصل تبليغ من مواطن جرت سرقة هاتفه واستطاع تتبعه عبر التطبيقات الحديثة في معرفة مكان أي جهاز الكتروني تملكه ومسجل في برنامجك، ويبدو انّ السارقين نسوا إبطال  مفعول هذه الخاصية، فقادت الشرطة الى مستودع كبير فيه الاف الهواتف المسروقة قرب المطار وكانت معدة للتهريب عبر طرق مختلفة الى الخارج، ومن ثمّ استطاعت الشرطة بتوسيع عمليتها القوية والدقيقة.  ويبدو انّ تلك السرقات ليست من باب قيمة الهاتف نفسه التي تكون مغرية للصوص كأفراد،

 ولكن المعلومات الكامنة في أجهزة الناس العاديين والتي تخص معاملاتهم الشخصية وحساباتهم البنكية، يمكن أن تكون مصدراً مهماً للمعلومات الاستخبارية أو المعلومات التي توفر أدوات ومسارات غير مكشوفة للعمليات السيبرانية الدولية التي تستهدف المؤسسات والوزارات والبنوك  والمطارات والمستشفيات والمصالح العامة والخاصة.