الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الغياب الصدري.. إنسحاب أم امتحان؟

بواسطة azzaman

إن اللـه مبتليكم بتحديث البطاقات والمقاطعة

الغياب الصدري.. إنسحاب أم امتحان؟

سعد محمد الكعبي

 

في خضم التحضيرات الانتخابية الساخنة واختلاط الأوراق السياسية في عراقٍ لا يكاد يلتقط أنفاسه من أزمة حتى يدخل في أخرى. يُطلّ علينا مشهد مختلف تمامًا, لا بالضجيج ولا بالشعارات بل بـالغياب.

غياب التيار الصدري عن الانتخابات بقيادة السيد مقتدى الصدر ليس مجرد فراغ في التمثيل السياسي بل حدثٌ بحجم الابتلاء.

ولعلّ أبلغ تعبير عن هذا المعنى هو الاستعارة الرمزية التي يتداولها الصدريون أنفسهم

إن الله مبتليكم بتحديث البطاقات والمقاطعة في إحالة ذكية إلى قوله تعالى

إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ  فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ.

سياسة بطعم الامتحان الآية الكريمة التي تحكي عن اختبار طالوت لجنوده, توازيها اليوم تجربة التيار الصدري في مشهده السياسي,الجماهير أمام امتحان الطاعة والثبات وسط إغراء الانخراط في العملية الانتخابية وضغط الظروف ونزعة المشاركة الفطرية في تقرير المصير.

في هذه المعادلة تصبح البطاقة البيومترية والمقاطعة رمزين للاختبارهل يتمسك الصدريون بخيار قائدهم

 رغم الظرف الحرج أم يختارون طريقًا آخر تحت عنوان الواقعية السياسية؟

الحكمة من الغياب ,انسحاب التيار الصدري لا يمكن قراءته بمعزل عن منهجه الإصلاحي الذي طالما وضع المبدأ فوق المكاسب.

الصدر الذي خاض الشارع والسياسة معًا يدرك متى تكون المشاركة فسادًا ومتى يكون الغياب موقفًا ففي نظام انتخابي لا يمنح فرصًا حقيقية للتغيير ,تصبح المقاطعة فعلًا واعيًا لا هروبًا.

لكن الرسالة الأعمق ليست فقط في الانسحاب, بل في امتحان القواعد,هل يتماسك التيار حين تُسحب منه أدوات السلطة؟وهل يظل جمهور الصدر جمهورًا للفكرة لا للغنيمة؟

غرفة بيد... أم شرب للنهاية؟

كما في ابتلاء طالوت،حيث سمح فقط بـغرفة يد لمن اشتد به العطش فإن الصدريين اليوم مطالبون بالإمساك بخيط الموقف دون الانزلاق إلى ما نهوا عنه.

الغرفة هي التفاعل المحدود, التثقيف, الرقابة، حماية المشروع الإصلاحي دون الانخراط في لعبة يرونها فاسدة.

أما الشرب من النهر أي التورط الكامل بالمشاركة السياسية خارج إطار الصدر فهو خيانة للخط والمنهج من منظور التيار.

من يتأمل التجربة الصدرية يدرك أنها لا تتعامل مع السياسة بوصفها حلبة دائمة بل كأداة ظرفية تُستخدم إذا كانت طريقًا للإصلاح وتُترك إن أصبحت مفسدة.ولعلّ الغياب الحالي هو لحظة تصفية ونقاء تستعد بها القاعدة الشعبية لمستقبل مختلف وربما لعودة مفاجئة لكنها هذه المرة بأدوات أنضج وتجربة أعمق.

فالانتصارات لا تأتي دائمًا من كثرة العدد بل من صفاء النية وثبات القناعة.

 

 

 


مشاهدات 193
أضيف 2025/09/20 - 11:22 AM
آخر تحديث 2025/10/02 - 12:36 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 59 الشهر 781 الكلي 12040636
الوقت الآن
الخميس 2025/10/2 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير