الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مشاهدات من أرض الكنانة مصر العربية (5)

بواسطة azzaman

مشاهدات من أرض الكنانة مصر العربية (5)

مسجد الحسين يتلألأ ويتربع وسط سماء القاهرة

الرأس الشريف والجسد الطاهر مدفونان في كربلاء

رعد أبو كلل الطائي

 

يقع مسجد الإمام الحُسين عليه السلام في القاهرة القديمة في مصر في الحي الذي سُميَ بأسم الإمام  (حي الحسين)، ويوجد بجوار المسجد خان الخليلي الشهير والجامع الأزهر، بُنّيَ المسجد في عهد الفاطميين عام 549 هجربة الموافق لعام 1154 ميلادية، تحت أشراف الوزير الصالح طلائع، ويضُم المسجد ثلاث أبواب، مبنيةٌ بالرخام الأبيض تطلُ على خان الخليلي، وباباً آخرَ بجوار القُبة، ويُعرفّ بالباب الأخضر.

حزمتُ حقائبي واستقليتُ القطار من الإسكندرية إلى القاهرة لزيارة مسجدّ سيُدُنا الحسين الشريف عليه السلام

وبعد حوالي ساعتين ونصف وصلتُ القاهرة، وسلكَ القطار الطريق الزراعي، وبعدَ وصولي إلى محطة القاهرة للسكك الحديدية، أستأجرتُ سيارة أُجرة أوصلتني إلى مسجد سيُدُنا الحُسين، وبعدَ دخولي المسجد صليتُ صلاة تحيةَ المسجد، وفي ركنٌ صغير وجدتُ مكتبة متواضعة لعليّ أجد نُبذةً تأريخية وأيمانية عن المسجد، وفعلاً وجدتُ ظالتي في كتاب أولياء الله الصالحون للعلامة الآثارية المحققة الدكتورة سُعاد ماهر، والتي تحدثتّ بإفاضة عن موضوع الرأس الشريف للإمام الحُسين عليه السلام، فجمعت بين العلم والمنطق، والعقل والعاطفة، وفي ثنايا الكتاب تقول :

سُمّيَ هذا المسجد بهذا الأسم أستناداً لرويات قسم من المؤخرين المصريين بوجود رأس الإمام الحسين الشريف مدفوناً به، إذ تؤكد هذه الروايات، إنه مع بداية الحروب الصليبية، خاف حاكم مصر الخليفة الفاطمي على الرأس الشريف من الأذى الذي قد يلحق به في مكانها الأول في مدينة عسقلان الفلسطينية، فأرسل يطلب قدوم الرأس الشريف إلى مصر، وحُمِلَ الرأس إلى مصر، ودُفِنَ في مكانهِ الحالي وأُقيمَ المسجد عليهِ .

الأختلاف في المكان

وهناك أختلافٌ في تحديد موضع دفنّ رأس الحُسين الشريف عند عامة الناس، وتذكُر الدكتورة سُعاد يرجع ذلك إلى أختلاف المشاهد التي يَدّعيّ وجود رأس الحُسين في كل منها، إذ توجد مشاهد بوجودهِ في كربلاء المقدسة  ودمشق والقاهرة، في حين أدعى بعض المؤرخين وجودهُ في آماكن أخرى، مثل الرقة وعسقلان والمدينة المنورة، ورجح آخرون إن مكانهُ مجهول فأنكر الفضل بن دكين على من يعرُف مكان قبر الحُسين، وذكر محمد بن جرير الطبري إن موضع مقتلِهِ أخفى أثرَهُ حتى لم يستطع أحد تحديدهُ، ويذهب عدد من علماء أهل السُنة إن رأس الحُسين الشريف مدفون في البقيع في المدينة المنورة، فروى محمد بن سعد البغدادي إن يزيد بعث برأس الحُسين عليهِ السلام إلى عمرو بن سعيد الإشدق والي المدينة، فدفنَهُ عند قبُر أُمهِ فاطمة الزهراء عليها السلام بالبقيع، وذكرهُ كذلِكَ البلاذري وأبو يُعلى الهمداني، والزبير بن بكار، وأبن أبي الدنيا، وأبن الجوزي، وأبو مؤيد الخوارزمي، وأكد عليه أبن تيمية وقال، إن الذي ذكرهُ من يُعتمد عليه من العلماء والمؤرخين: إن الرأس حُمِلَ إلى المدينة ودُفِنَ بجوار قبر أخيه الحسن عليه السلام .

والمشهور عند الشيعة كما توضح إن رأس الحُسين الشريف مدفون مع الجسد في كربلاء المقدسة، وإن الإمام علي بن الحُسين السجاد عليهِ السلام أخذهُ معهُ وردّهُ إلى كربلاء المقدسة بعد أربعين يوماً من أستشهادهِ، أي في يوم 20 صُفر وهو ما يُطلق عليهِ ذكرى الأربعين، نقل ذلك أبن شهر أشوب وقال : إنه المشهور بين الشيعة ونقل ذلك أيضاً الشريف المرتضى والطوسي وغيرهم .

وأيدَ رأيّ الدكتورة سُعاد أحد سدنة مسجدّ سيُدُنا الحُسين والذي أخبرني بالقول :

إن هذا المكان كان الموضوع الذي عُرِضتّ فيهِ رؤوس شعداء معركة الطف عليهم السلام، بعد مرورِها في الشام وفلسطين ثم القاهرة، ومن ضمنها رأس سبط الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سيدُنا الحُسين عليه السلام ثم تم أرجاع الرؤوس إلى كربلاء المقدسة، ودُفنتّ مع الأجساد الشريفة، وزادَ هذا السادن إن هذا المكان ويقصُد مكان مسجدّ سيُدُنا الحُسين هو مقام وليس موقع دفن الرأس الشريف .

وصف المبنى

 وعن وصف المبنى، فقد وجدتُ كذلك ظالتي في كراسٍ هو الآخر موجودٌ في دُرج إحدى المكتبات الصغيرة في المسجد، يوضحُ فيه وصف موجز عن مبنى المسجد، ويبين الكراس إن مبنى مسجدّ سيُدُنا الحُسين عليه السلام يشتمل على خمسة صفوف من العقود المحمولة على أعمدةً رُخاميةً، ومحرابُهُ بُنيَّ من قطع صغيرة من القيشاني الملونة بدلاً من الرخام، وهو مصنوع عام 1303هجرية، وبجانبه منبر من الخشب، يُجاورهُ بابان يؤديان إلى القبة وثالث يؤدي إلى حجرة المخلفات والتي بُنيتّ عام 1311 هجرية، والمسجدُ مبنيٌ بالحجر الأحمر على الطراز الغوطي، أما منازلهُ التي تقع في الرُكن الغربي القبلي فقد بُنيتّ على نمط المآذن العثمانية فهي أسطوانية الشكل ولها دورتان وتنتهي بمخروط، وهذهِ المأذنة من عمل أبي القاسم السُكري بناها عام 1235 ميلادية، وهي حافلة بالزخارف الأيوبية، في حين قام ببناء القُبة المهندس الإسلامي الشهير عبد الرحمن كخدا عام 1885 ميلادية وللمسجد ثلاثة أبواب من الجهة الغربية، وباب من الجهة القبلية، وأُخرى من الجهة البحرية يؤدي إلى صحن به مكانٌ للوضوء، وفي عام1893 ميلادية تم إنشاء حُجرةً صغيرة داخل المسجد والتي تضُمُ بعض الأثار النبوية، مثل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخِصلةً من شعرِهِ الشريف وأهدتّ طائفة البهرة في عام 1965 ميلادية للمسجد مقصورةً من الفضة مرصعة بصفوف من الماس .

وفي الختام أقول :

إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أفتتح مسجد سيُدُنا الحُسين عليهِ السلام في 27 نيسان عام 2022 ميلادية بعد أكمال أعمال التحديث والتأهيل الشاملة للمسجد لغرض توسيعه وترميمه من الداخل وتزيين ضريحَ رأس سيُدُنا الحسين عليه السلام بشباك حديد عِقِبَ إندلاع حريق بالقرب من ساحتهِ مطلع عام 2022 ميلادية وحضرَ حفل أفتتاح المسجد بحلتهِ الجديدة، سلطان طائفة البهرة الإسماعيلي مفضل سيف الدين من الهند، كما نشرت القنوات المصرية مراسيم حفل الإفتتاح عِبرَ بثٌ مباشر على التلفاز .


مشاهدات 38
الكاتب رعد أبو كلل الطائي
أضيف 2025/09/15 - 2:03 PM
آخر تحديث 2025/09/16 - 12:49 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 36 الشهر 10836 الكلي 12028709
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/9/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير