الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بيع وشراء من الأندلس إلى ألاسكا

بواسطة azzaman

بيع وشراء من الأندلس إلى ألاسكا

فؤاد مطر

 

إستبشرْنا في العالم العربي الحائر في أمر صداقة الرئيس دونالد ترمب للقادة فيه حيث لا أزمة مستحكمة بين الأنظمة العربية والرئاسة الأميركية، رئاسة ترمب بشكل خاص.. إستبشرْنا تفاؤلاً عندما أعلن مبتهجاً أنه سيعقد لقاء قمة مع الرئيس فلاديمير بوتين، وذلك على أساس أن وفاقاً أميركياً – روسياً ثابتاً يسهِّل أمر حدوث إمكانية توفيق مع الدولتين العُظمييْن يساعد في وضْع حد للصراع العربي – الإسرائيلي. وهذا عائد إلى أن العلاقات بين الدول العربية وكل من الولايات المتحدة وروسيا مستقرة لا تشوبها شوائب عدا فترات تكون فيها إيران ذات العلاقة الإستراتيجية مع روسيا طرفاً في التشويش على السياسة الأميركية على نحو ما يصدر عن بعض العراق وبعض لبنان، وأحياناً من جانب سائر الدول العربية، لكن عموماً على قاعدة ثبات الإستقرار في العلاقة مع إستمرارية التعاون عسكرياً.

وطوال ساعات اللقاء الذي تم بين الرئيسيْن العظمييْن كانت هنالك مرجعيات عربية رسمية، وبالذات تلك التي صاحبة الشأن في الإقليم، ترى أن نجاح القمة الأميركية – الروسية سيسهِّل الطريق أمام أن تكون الدورة السنوية المقبلة بعد للجمعية العامة للأمم المتحدة دورة إلتفاف دولي نوعي وغير مسبوق حول ضرورة وضْع حد للعبث البنياميني المتمثل بما يسميه «إسرائيل الكبرى» والشروع في البحث بمسؤولية في تحقيق صيغة الدولتيْن حلاً مستقراً للصراع العربي – الإسرائيلي. والذي يساعد على ذلك أن المجتمع الإسرائيلي متفكك نسبياً منذ بضعة أشهر وبلغ التفكك يوم إنعقاد قمة ترمب – بوتين مداه، وإلى درجة أن التظاهرات باتت من النوع غير المسبوق وتشبه تلك التي حدثت في بعض العواصم والمدن الأوروبية وأحياناً في مدن أميركية وساهمت في إسقاط النظام. وما هو محتمل الحدوث أن يأتي النبأ اليقين في هذا الشأن ويتم إلحاق نتنياهو بندِّه في غواية التدمير والتهجير والتجويع وتمويت الأطفال نتيجة الحرمان المتعمد من الحليب والغذاء والدواء والعلاج أرييل شارون «بطل» مجزرة صبرا وشاتيلا.

لقاء قمة

وتستوقفنا كمتابعين وغيرنا للقاء القمة بين الرئيسيْن ترمب وبوتين ظاهرة إنعقاد القمة في ولاية «ألاسكا» وليس في واشنطن، هل لأن الرئيس الأميركي يضمر تذكيراً لصديقه شبه اللدود الرئيس الروسي بأن «ألاسكا» قبْل ثلائمئة سنة كانت جزءاً من الأمبراطورية الروسية وأن الولايات المتحدة إشترتها زمنذاك بسبعة ملايين ومئتي ألف دولار. ما هذا الأمبراطور الذي باع جزءاً من أمبراطوريته! ولماذا العجب أليس هناك قائد عربي (أبو عبدالله الصغير) فرَّط بالأندلس ونال من والدته (عائشة الحرة) أشد التقريع من خلال عبارة «تبكي كالنساء مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال».

لكن يجوز الإفتراض أن الرئيس ترمب رام من إنعقاد القمة في «ألاسكا» وليس في البيت الأبيض القول ما معناه إنه ما دام أمبراطور الزمن الغابر باع «ألاسكا» فلماذا لا يتخذ «أمبراطور الزمن الحاضر» بوتين وقد تبعثرت أجزاء من الأمبراطورية العريقة حيث باتت روسيا في عهد بوتين بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي جسْماً صلباً.. إنما من دون أطراف، وقفة تُذكر له بالخير إن هو تسامح في أمر منطقة أوكرانية دارت من أجْلها الحرب المتواصلة، وربما لأن الأطالسة قرروا أن يتمددوا بحيث تصبح صواريخهم النووية على مسافة نسور تحلِّق في الفضاءات الروسية. لكن على ما بدا الإنطباع إن الرئيس بوتين متعظ بالواقعة الأندلسية كما واقعة أمبراطور الزمن الغابر ولا يتحمل إبهات «أمبراطوريته» وسلطانه الرئاسي المتمدد من جهة ولا الظهور أمام الأطالسة الذين جاهروه التحدي ثم هاهم بعد قمة «ألاسكا» تقاطروا إلى البيت الأبيض للتكاتف مع سيده دونالد ترمب، وبنوايا غير معلنة عموماً تستهدف تكرار تثبيت صيغة «ألاسكا» الزمن الغابر بمعنى إجبار الرئيس بوتين على التسليم بمناطق أوكرانية يعتبرها إستراتيجية وأنها جزء من الأرض الروسية الأمبراطورية.

لا يبدو أن الأمر قابل للحسم، ليس لأن موقف النظام في أوكرانيا متشدد بفعل المؤازرة الأميركية بشدة والأطلسية الأوروبية بتكاتف وبمساعدات ومساندات. هل هذا يعني أن المسألة ستبقى غير محسومة وتوارثُها وارد بنسبة توارُث الموضوع الفلسطيني.. إلاَّ إذا كانت الدورة المقبلة بعد أيام للجمعية العامة للأمم المتحدة ستطوي من كثرة الضجر والمماطلة الملف ويصبح العالم أمام ولادة الدولة المستعصية الصغرى على أنقاض مشروع «إسرائيل الكبرى» التي ترافَق الكلام حوله من طرف واحد بغرض بقاء صيغة الحُكْم البنياميني على حالها لا يقوِّضها حَراك أممي فاعل وضجر أوروبي من السلوك الإسرائيلي، وتعاطُف نوعي شعبي وحكومي مع الغزَّاويين الذين صبروا ثلاث سنوات على الضيم الإسرائيلي.. إلاَّ أنهم بقوا صامدين حافظين قوله تعالى «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ»... ولقد بلغ الصبر أكثر من مداه.

... ورحمة الله على الرئيس الأول للبنان المستقل الشيخ بشارة الخوري الذي في جولة جنوبية له شملت مضافة الزعيم الشيعي المرموق أحمد الأسعد في بلدة «الطيبة» قال في خطبة له حول فلسطين «لا يمكن للصهاينة أن يدَّعوها لأنها إذا كانت أرض ميعادهم في الماضي فلا يمكن أن تكون أرض ميعادهم في الحاضر، ففيها ولد المسيح ومات المسيح فداء عن البشر، وفيها يقوم ثاني الحرميْن الشريفيْن ولا يمكن أن يحول حائط المبكى دونهما...».

وهذه الوقفة برسم الرئيس اللبناني الحالي جوزف عون والذين يغردون في فضائه، وكذلك برسم رئيس الحكومة الدكتور والقاضي نواف سلام الذي في غاية الإنسجام موقفاً ورؤية سياسية مع الرئيس عون. كما إن وقفة الماروني المؤمن الرئيس الراحل بشارة الخوري برسم القادة العرب المسلمين وغير العرب الذين عاهدوا إسرائيل وكذلك برسم المطبَّعين.. وأولئك الذين في نفوسهم التطبيع.. لا قدَّر الله.

 


مشاهدات 76
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2025/08/22 - 10:53 PM
آخر تحديث 2025/08/23 - 1:44 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 397 الشهر 16489 الكلي 11411575
الوقت الآن
السبت 2025/8/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير