جدلية الماء والتيزاب
منير حداد
منذ طفولتي أحلم بكف الله، تمر على بيتنا.. تطهره؛ فيسقط الشيطان من المروحة.. لا أحب فلسفة الماء الذي يغير طريقه إذا إعترضه عائق، بل أخترق العائق.. أزيله عن سبيلي أو أفنى!
عشت تيزاباً ثاقباً يحفر طريقه في الصخر والحديد والـ... مستحيل؛ لا يصمد أمام إرادته إلا تحققها أو... تحققها، ثمة جليات لا تحتمل خيارين!
نظام سابق
لا أتراجع مستسلماً للوهن.. معلناً عجزي؛ فقد جبلت في عائلة فوق المتوسطة.. دخلاً، و... تعيش فوق الفروسية بمجابهة الواقع، والدليل إعدام النظام السابق لإثنين من إخوتي، ونجا الباقـــــــــون بمغادرة العراق، وماتا.. أمي وأبي كمد حزن على الشهداء والراحلين في عداد الأموت خارج العراق، إبان طغيان النظام السابق.
فيلي عنود، أمكث رازحاً عند موقفي لا أبرحه، مهما لوح القدر ويلاً وثبوراً؛ صنعت من أشباه الفرص مفازات نلت منها ثواب الآخرة وخسران الدنيا، وما زلت عند الآية الإنجيلية «ما جدوى أن تكسب العالم وتخسر نفسك» كسبت رأي الشرفاء والمنصفين، ولم أبال بمن يزعل من الحق؛ لأنني لن أسترضي أحداً بالباطل؛ فجاءتني الدنيا طائعة وتباشير الآخرة مطمئنة، حيث الله يزكي الأنفس.
لم أنعطف بمسار موقف على سراط الحق؛ طمعاً بمغنم أو خوفاً من قوة، لكنني أوهى من ريشة في مهب الإنسانية، عطوفاً..
أقاتل في سبيل أن يقول غريمي رأيه بحرية، على الرغم من إختلافنا، وأدافع عن رأيي من دون إلزام الآخر به، و... أكره البخيل الذي (ينشلع الألف دينار منه بجلابتين) فالسخي قريب من الله والناس.
ما يجعلني أنتظم جرد سياقات ألزمت نفسي بها؛ مثلما كتب الله على نفسه الرحمة، مهما كلفني ذلك من تضحيات... ولا أقول خسارات؛ لأن مرضاة الله ربح مطلق مهما بدت خسارة نسبية على المدى المنظور؛ فالعاقبة للمتقين.
ولن أحيد عن طريق محفوف بالمخاطر؛ ما دام نهايته تفضي الى نصرة المظلوم وطمأنة الخائف وإشباع الجائع وتهدئة المرعوب ولم شمل من شتته التخبطات وأغرته اللذة بالإستسلام للأخطاء؛ فصحى لات مندم. أبقى تيزاباً يحفر المصدات، ولست ماءً ينعطف أمامها...