دور الجنائية الدولية في مقاضاة مجرمي الحرب الصهاينة
أكرم عبدالرزاق المشهداني
خلال المدة من 27 الى 28 تموز الماضي عقدت في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة اعمال ندوة علمية حول دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة المسؤولين عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والتي نظمتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية من خلال المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية التابع لمجلس وزراء العدل العرب. وتوزعت محاور الندوة الى الاتي:
توصيف وتوثيق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في ضوء القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
كيفية إعداد الملفات التي ستحال للمحكمة الجنائية الدولية.
تفعيل دور المحاكم الوطنية ذات الاختصاص الدولي لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن الجرائم المرتكبة.
دور منظمات المجتمع المدني والنقابات في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وكيفية تشكيل شبكة من منظمات المجتمع المدني للقيام بهذا الدور.
وقد شارك في اعمال هذه الندوة المستشار القانوني أكرم عبد الرزاق المشهداني حيث عرض بحثين في نطاق محاور الاجتماع وهما:
البحث الاول في كيفية إعداد ملفات الانتهاكات الإسرائيلية لإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية، تناول فيه مفهوم جريمة الحرب وتوصيفها القانوني بموجب اتفاقيات جنيف (1949) والبروتوكولات الملحقة بها، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، بأنها الانتهاكات الجسيمة لأحكام القانون الدولي الإنساني، والتي تقع أثناء النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية. ومن الأمثلة على جرائم الحرب (الاستهداف المتعمد للمدنيين، بالقتل العمد والابادة الجماعية، التهجير والترحيل القسري، المعاملة غير الإنسانية، تدمير الممتلكات دون مبرر عسكري، استخدام أسلحة محظورة ومحرمة دولياً، التعذيب أو إساءة معاملة الأسرى، الاخفاء القسري، والتجويع).
وخلص الباحث الى ان إعداد ملفات انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم الدولية يعد تحدياً كبيراً يتطلب الدقة والصبر والتعاون متعدد التخصصات. فكلما ازدادت قوة وجودة التوثيق والتحليل القانوني، زادت فرص تحقيق العدالة وردع الجرائم المستقبلية. ولهذا، فإن العمل المنظم والمدروس مع الجهات القانونية والمجتمع المدني المحلي والدولي يُعد ضرورة لا غنى عنها لضمان وصول أصوات الضحايا إلى مؤسسات العدالة الدولية وإدانة مرتكبي الانتهاكات بحقهم.
واكد الباحث ضرورة إعداد لائحة اتهامات موثقة بهذه الجرائم، وايجاد «لجنة إسناد قانوني» لملاحقة الكيان الصهيوني في الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة بشكل عام وفي غزة بشكل خاص. وكذلك الاستعانة بمختصين تقنيين لتوثيق وجمع الأدلة ورصدها. وارشفتها واختيار طريقة عرضها.
واشار الباحث الى تزايد الحاجة لتوثيق الانتهاكات بصورة منهجية تضمن تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية المختصة، وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية ICC حيث تعد وثائق تسجيلات اراشيف النقل الفضائي التلفزيوني والنقل المباشر للأحداث مصدرا ثريا بالأدلة التي تصلح لا دانه السلطات الاسرائيلية. ويتطلب الامر التنسيق بين فرق اعداد الملفات الحقوقية مع ادارات الفضائيات العربية والدولية ووكالات الانباء لتزويد الفريق بأشرطة وتسجيلات توثق الانتهاكات وجرائم الحرب.
مجتمع مدني
واكد في نطاق توصياته ضرورة تفعيل ادوار منظمات المجتمع المدني والتعاون ما بين اتحاد المحامين العرب ونقابة المحامين بفلسطين، والمنظمات الحقوقية وكليات الحقوق، بتشكيل لجان مشتركة تضم خبراء من القانون الدولي الجنائي ورؤساء منظمات المجتمع المدني، لتوثيق جرائم الحرب وأعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الصهيوني المحتل على الأطفال والمدنيين في قطاع غزة، والضفة.
البحث الثاني: كان عن دور منظمات المجتمع المدني في ملاحقة مجرمي الحرب الاسرائيليين لمحاكمتهم امام المحكمة الجنائية الدولية حيث تطرق الباحث الى ان منظمات المجتمع المدني تعد أحد الأعمدة الرئيسية في تعزيز العدالة الدولية وملاحقة مجرمي الحرب الذين يرتكبون انتهاكات جسيمة بحق الإنسانية. ومن خلال دورها الفعّال في جمع الأدلة، رفع الوعي، والدفاع عن حقوق الضحايا، تسهم هذه المنظمات في إحالة مجرمي الحرب إلى المحكمة الجنائية الدولية لضمان محاسبتهم على جرائمهم.
ويُقصد بالمجتمع المدني مجموعة المنظمات غير الحكومية، او التي تعمل خارج نطاق الدولة، والجمعيات، والمنظمات الحقوقية، والشبكات المحلية والإقليمية والدولية، التي تسعى إلى الدفاع عن الحقوق والحريات، وتعزيز الحكم الرشيد وسيادة القانون. وفي سياق المحكمة الجنائية الدولية، يُعتبر المجتمع المدني شريكًا فاعلًا في مسار تحقيق العدالة، نظراً لقدرته على رصد الانتهاكات، وتوثيق الجرائم، وتقديم المعلومات، وحشد الدعم الشعبي والسياسي لعمل المحكمة. وتشمل الجمعيات الأهلية، المنظمات غير الحكومية، النقابات العمالية، الروابط المهنية، الهيئات الحقوقية، المراكز البحثية، والحركات الاجتماعية. ويعتبر المجتمع المدني حاضنة لصوت الضحايا والمجتمعات المتضررة، ويسعى إلى رفع الوعي بالجرائم الدولية والمطالبة بضرورة محاسبة مرتكبيها.