الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
رحيل الثائر الحزين.. تنطفئ نغمة ويظل الصدى باكياً

بواسطة azzaman

رحيل الثائر الحزين.. تنطفئ نغمة ويظل الصدى باكياً

هدير الجبوري

 

في السادس والعشرين من تموز الجاري، انطفأت شمعة كانت تؤنس العتمة بصوتها الداخلي العميق، وانكسر وتر من أوتار الذاكرة حين رحل زياد رحباني، الموسيقار والثائر الحزين، تاركاً خلفه فراغاً لا يملؤه سوى الصمت العاجز عن التعبير، وصدى لا يكف عن الترديد في الروح: كان هنا من غيّر شكل النغمة، وأعاد تعريف الالتزام الفني المميز، وأدخل الوجع إلى الموسيقى لا لينكأه بل ليعترف به.

بعد صراع طويل مع مرض تليف الكبد، ترجّل زياد عن جواده الإبداعي، بابتسامة خفيفة في صورة اخيرة له  من المشفى هزّت قلوب المحبين، وأشعلت الأسى في ملامحها كما لم تفعل كلمة ولا لحن. كانت تلك الابتسامة المائلة، شبه الغائبة، كأنها اعتذار أخير، أو ربما وداع هادئ من رجل اعتاد أن يصرخ في وجه الزيف، وأن يحوّل حنقه إلى جمل موسيقية تصرخ بالوعي وتبكي على الوطن.

ليس سهلاً الحديث عن زياد، فهو لم يكن مجرد فنان، بل كان ظاهرة، شتاتاً من الوعي والغضب، ممزوجاً بروح ساخرة وقلب مرهف. كان حضوره مربكاً، وصوته الداخلي يلامس مناطق لا يجرؤ كثيرون على الاقتراب منها. رجل في جسد موسيقار، وموسيقار في جسد الثائر، والاثنان في جسد رجل حمل اسم الرحابنة لكنه نحت لنفسه ملامحه بظلال مختلفة: أكثر حزناً، أكثر جرأة، وأكثر اقتراباً من نبض الناس.

زياد كان الابن والند، كان الشريك الفني والمتمرد العاطفي. كتب لفيروز، وكتب عنها، وكتب من خلالها، وكأنهما شريكان في الوجع كما في اللحن. الأم التي فجعت بفقده، لم تغن اليوم، بل بكت، وصمتها هذا كان أقوى من أي صوت. ولبنان كله، من أعلى رأسه السياسي إلى أبسط مواطن على أطراف القرى، نعى زياد بحب، بحنين، برعب من هذا الغياب الذي لا يُعوّض.

لم تكن موسيقى زياد تطرب بقدر ما توقظ، ولم تكن كلماته تُقال بل تُصفع بها الحقائق، لم يقدّم فنه قرباناً لأحد. بقي كما هو: ناقماً على ما لا يليق، عاشقاً لما يستحق، ساخراً من العبث، ومتعباً من حب لا وطن له.ضجّت مواقع التواصل في يوم رحيله برسائل عزاء يملؤها صدق الحزن، وكأن العالم الرقمي نفسه فقد توازنه حين رحل من كان يختصر وجع جيله بأغنية أو مسرحية أو عبارة تهز الوعي. لم يكن ذلك الحزن عادياً، لأنه لم يكن هو عادياً. رحل من كان وجوده نفسه احتجاجاً، ومن كانت ابتسامته سخرية، ومن كان لحنه موقفاً لا يتبدل.

زياد، يا صاحب «بالنسبة لبكرا شو»، ماذا عن بعدك؟ كيف نُكمل ما بدأت؟ من يكتب عن الغياب بمثل صدقك؟ من يجرؤ على محاكمة العالم على خشبة المسرح دون أن يختبئ خلف نص أو دور؟

نعم، رحلت الجملة الموسيقية الأكثر تمرداً، لكن الأصداء باقية. والأم التي غنّت للبنان، ستغني بعد اليوم لصورتك. وكلنا، ونحن نعيد الاستماع إلى أعمالك، لن نسمع إلا خفقات قلب كان يحب أكثر مما يحتمل.

سلاماً لروحك، أيها المختلف حتى في وداعه ،لقد غادرت، ولكنك زرعت لحنك في كل غياب وبعض من اغانيك لن تمحى من ذاكرتنا يازياد وكيف ننساها  ،،سألوني الناس عنك يا حبيبي ، عا هدير البوسطة .كيفك انت. عندي ثقة فيك .عودك رنان.أديش كان فيه ناس.صباح ومسا.سلملي عليه.حبيتك تا نسيت النوم.بتذكرك بالخريف.كان غير شكل الزيتون.حبوا بعضن تركوا بعضن  زعلي طول انا وياك..

 


مشاهدات 91
الكاتب هدير الجبوري
أضيف 2025/07/30 - 1:50 AM
آخر تحديث 2025/07/31 - 4:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 503 الشهر 21321 الكلي 11274932
الوقت الآن
الخميس 2025/7/31 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير