الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تهديد تغيير ثقافة هوية المجتمعات

بواسطة azzaman

تهديد تغيير ثقافة هوية المجتمعات

حيدر الاداني

 

نعيش اليوم في مجتمعات متنوعة تضم شعوبا مختلفة بثقافاتها و عاداتها و تقاليدها تمنح كل جماعة قيما و مبادئ تميزها عن سواها و يعرف الناس بها بين بعضهم البعضفالاسم أو الديانة و حدهما لا يكفيان لتعريف أي جماعة فهما مجرد وسيلة للمناداة .  أما الهوية الحقيقية فهي الثقافة المتوارثة عبر الأجيال التي تعبر عن تاريخ طويل من التقاليد و القيم و الثقافة لا تعني فقط الأزياء أو الطعام أو الفنون  و إنما تشمل الأخلاق و المواقف و العادات التي تربى عليها الناس و حافظوا عليها رغم الظروف .في الماضي ، كثير من الشعوب تعرضت ثقافتها للتغيير بسبب الاستعمار و التغير الديموغرافي و تأثير المحيط الاجتماعي الذي كان أحيانا سببا في فقدان الهوية الأصلية كان هذا التغيير بطيئا لكنه عميق الأثر .أما اليوم فنحن أمام تحدٍّ جديد يهدد هوية الشعوب و هو الانفتاح الواسع عبر وسائل التقنية الحديثة التي ساهمت في تداخل الثقافات بشكل كبير حتى أصبح من المعتاد أن تتغير بعض العادات و التقاليد تدريجيا .

عادات دينية

و مع ذلك ، ما زلنا نرى في بعض الشعوب مظاهر من عادات دينية وروحية قديمة تعود إلى آلاف السنين و هي دليل على عمق التاريخ و الإيمان و على الرغم من التغيرات الكبيرة في العالم لا يزال البعض يمارس هذه العادات ما يعكس ارتباطه القوي بدينه و جذوره . لكن للأسف ، أصبح بعض الناس ينظر إلى هذه الممارسات على أنها غريبة أو قديمة رغم أن الأجداد حافظوا عليها بكل فخر و كرامة .المعضلة الحقيقية اليوم أننا لا نلاحظ التغير الثقافي لأنه يحدث تدريجيا ، عبر العادات البسيطة التي نتركها و اللغة التي نتخلى عنها و المناسبات التي لا نحتفل بها كما فعل الأجداد ومع الوقت تصبح هذه التفاصيل مجرد ذكريات لا تمارس ولا تنقل إلى الجيل الجديد  .من المهم أن ندرك أن المجتمعات التي لا تحترم عاداتها ،  و تقلل من شأن ما هو حلال وحرام فيها و تتكيف بشكل أعمى مع مظاهر ما يسمى بالتطور فإن ضياعها يكون أمرا سهلا ، فعندما يفقد الفرد القيم و المبادئ التي تربى عليها يسير إما نحو الجهل  أو نحو ثقافة زائفة مبنية على “تطور وهمي” لا يمت بصلة إلى جذوره و لا يعكس هويته الحقيقية .

و من الحلول لهذه المشكلة أن نبدأ من البيت و من الأسرة التي تعلم أبناءها محبة تراثهم و احترام عاداتهم ،  و تبدأ من المدارس التي تعرف الطلاب بتاريخهم ،  ومن الفعاليات و المهرجانات التي تحيي الأزياء و تبدأ حين نشجع الأطفال على ارتداء ملابس أجدادهم  ، و نروي لهم الحكايات التي كانت تقال في القرى .

مواقع التواصل

رغم بساطة هذه الحلول إلا أن تطبيقها اليوم يحتاج إلى وعي و صبر لأننا نعيش في زمن صعب فيه الكثير من المغريات التي تبعد الناس عن ثقافتهم  و لهذا من المهم أن نكون واقعيين ونتعامل مع العصر بذكاء عالي فلا نرفض التكنولوجيا و إنما نستخدمها لتعريف الآخرين بثقافتنا .

بإمكاننا مثلًا إنتاج محتوى بسيط و جذاب على وسائل التواصل الاجتماعي بلغتنا و لهجتنا يوصل فكرة تراثنا و أغانينا و حكاياتنا للجيل الجديد بطريقة قريبة منهم ، كما يجب أن نربط الثقافة بالحياة اليومية لا أن نتركها مناسبة موسمية نطبخ مأكولاتنا في البيت و نغني أغاني تراثية مع أطفالنا و نلبس ما يمثلنا في بعض المناسبات و ندعم الفن الذي يحمل طابعنا .

من الجميل أن نعتز بما نملكه أن نعرف الآخرين بثقافتنا ، أن نحافظ على لغتنا و أغانينا وأعيادنا و أن نربي الأجيال القادمة على احترام هذه الجذور .لأن الشعوب التي تنسى ثقافتها . تشبه الشجرة التي قطع عنها الجذر .

 


مشاهدات 58
أضيف 2025/07/28 - 2:16 AM
آخر تحديث 2025/07/28 - 6:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 235 الشهر 18596 الكلي 11172208
الوقت الآن
الإثنين 2025/7/28 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير