من الدفاع إلى الحرب.. دلالات تغيير اسم البنتاغون
محمد علي الحيدري
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا رئاسيًا يقضي بإعادة تسمية وزارة الدفاع إلى اسمها التاريخي “وزارة الحرب”. بالنسبة لترامب، بدا الاسم الحالي انعكاسًا لثقافة “ووك (Woke)”، أي اليقظة الاجتماعية التي يعتبرها منتقدوها مبالغة في الليبرالية والتصحيح السياسي. قال ترامب: “كلمة دفاع تبدو دفاعية أكثر مما يجب، نريد أن ندافع نعم، لكن علينا أن نهاجم أيضًا إذا لزم الأمر”. أما وزيره بيت هيغست، فقد اعتبر التغيير أكثر من مجرد اسم، بل “استعادة لروح المحارب والذهاب إلى الهجوم لا الاكتفاء بالدفاع”.
هذا التحول الرمزي يعيد إلى الأذهان اسم الوزارة الأصلي الذي استُخدم منذ تأسيسها عام 1789 حتى 1947، حين استبدل بـ “وزارة الدفاع” في سياق الحرب الباردة لإعطاء طابع أكثر توازنًا وتهدئة. العودة إلى اسم “الحرب” اليوم لا تعني فقط إعادة إحياء الإرث التاريخي، بل تعكس أيضًا تحوّلًا في لغة السياسة الأمنية الأميركية نحو مزيد من الصراحة في تبني منطق القوة والهجوم.
لكن الانتقادات جاءت سريعة. السيناتور مارك كيلي، وهو طيار حربي سابق، قال ساخرًا: “فقط من تهرّب من الخدمة العسكرية يمكن أن يرغب بتسمية وزارة الدفاع وزارة الحرب”. وهناك من رأى أن مليارات الدولارات التي ستُصرف على تغيير اللوحات والمراسلات والبنى الإدارية كان الأجدى توجيهها لدعم الجنود وأسرهم أو لتعزيز أدوات الدبلوماسية. آخرون حذّروا من أن هذه اللغة ستفاقم صورة أميركا كقوة عدوانية، وتزيد التوتر في عالم متخم بالأزمات.
القرار في جوهره ليس مجرد تعديل شكلي، بل هو إعلان عن فلسفة جديدة في الحكم: استبدال “الدفاع” بـ”الحرب”. وبينما يرى أنصاره أنه يبعث رسالة قوة ويعيد الاعتبار لروح المحارب، يراه خصومه تصعيدًا لغويًا قد يقود إلى سياسات أكثر خطورة على الداخل والخارج معًا. وفي النهاية، يبقى السؤال: هل يعكس هذا التغيير شجاعة في المصارحة أم نزعة لجرّ البلاد والعالم إلى مزيد من الحروب؟