الكرخي شاعر متميز بخطه الساخر

كاظـم بهَــيّــة   

 

 

اسم لامع في سماء الادب العامي العراقي ،عرفناه شاعرا متميزا بخطه الشعري الشعبي الساخر واللاذع، الذي انتقد الكثير من الحالات و الظواهر الاجتماعية والنفسية للمجتمع العراقي ، انه  الشاعر الملا عبود الكرخي المولود عام 1861 ، في جانب الكرخ في بغداد.  تعلم القرأة والكتابة وهو في السادسة من عمره على يد  الكتاتيب ( الملالي ) ، فبدأ ينظم الشعر باللهجة البدوية وهو في الخامسة عشر من عمره.

 بعدها اصبح الملا الكرخي واحداْ من نوابغ عصره في الشعر العامي. كان له الاثر الكبير في خلق مدرسة شعرية ، له طريقته الخاصة في نظم الشعر ، فاخذ يصور فيما يدور آنذاك فالاضطرابات والانتفاضات وتسلط الاستعمار الانكليزي  وحتى فترة الحكم الملكي على العراق،  ان هذه الامور دفعته الى التمرد على هذا الواقع الذي كان يعيش فيه غير انه لم يفقد ثقته بنفسه ، فقد اخذ يكتب قصائده الطريفة  ومن اشهرها  قصيدة (المجرشة) والتي صاغها الملا الكرخي على لسان امرأة تقوم بطحن الحنطة بواسطة رحى حجرية يدوية، حيث يصور فيها المعاناة والظلم الاجتماعي الذي لحق بالمرأة في تلك الفترة من تاريخ العراق ، ترجمت المجرشة الى اللغة الفرنسية ضمن ما ترجم من التراث الشعبي العراقي . يقول مطرب العراق محمد القبانجي في حديث له نشر في جريدة (المنار) البغدادية عام 1964:" طلب مني أحمد شوقي أن أقرأ له شيئاً من الشعر الشعبي العراقي، فقرأتُ له أبياتاً من (المجرشة)، فما أن استوعبها حتى حنّ لسحرها وروعة بلاغتها فطلب المزيد..  فغنيت :هم هاي دنيا وتنكضي وحساب أكو تاليها  فمال عليّ الرجل بعد أن فهم المعنى وقال: دَه عتاب شريف مع الرب.. يا محمد" . 

يقول فيها الشاعر الكرخي والذي اصبحت من خلالها وزن يكتب عليه كل الشعراء حتى يومنا هذا  :

ذَبيت روحي عالجرش وأدري الجرش ياذيها

ساعة وأكسر المجرشة وألـعن أبو راعـيها

+++

ساعة واكسر المجرشة وألـعن أبـو السـواها

إشـجم سـفينة بالبحر يمشي ابعكسها اهـواها

إيصـير أظلّن ياخلكك متـجابلة آنـه ويـاها                         

كـلما يكـيّرها النـذل آنـي بحيـلي ابريـها                         

+++

ساعة واكسر المجرشة واكصد أبو الحملة علي                

واطلب مرادي وانتحب بلجي هـمومي تـنجلي

نار البـكلبي اسـعرت يهل المروّة وتـصطلي

ما شفـت واحد ينتخي من اهل الرحم يـطفيها

+++

ساعة واكسر المجرشة وألعن أبو اليـجرش بعد

حظي يهل ودّي نـزل والجايـفه حظها صـعد

سلّمت أمري واسكتـت للي وعدني ابهالـوعـد

نصبر على الدنيه غصب لـلـّحـد وانـباريـها

+++

ساعة واكسر المجرشه واشغر أنا لسابع سـمه                             

وادعي على الجان السبب أمـي وأبـوي بالعـمه

أم كَشره وام بـوز الجلب جي يرضه ربي امنعمّه                        

كـعـدّها بأعلى مرتـبه وجوخ وزري يجـسيها                

+++

ساعة واكسر المجرشه وألعن أبو راعي الجرش

كعـدت ياداده أم البخت خلخالها يدوي ويـدش                            

وآني استادي لو زعل يمعش شعر راسي معش

هم هاي دنيا وتـنكضي وحسـاب أكـو تـاليها

+++

ساعة واكسر المجرشه والبس لباس التـنـتنه

جي فوكك درد الله، النذل استادي ضربني بميجنه            

بالهيمه عطشان الأسـد والهوش معتـاش ابهنه                

هـل مال أبـو هـدلان للدجـله شرب صافيها

+++

ساعة واكسر المجرشه وانحر على النمسا ومجر

هـناك أنـكر تـبّع وقحطان والطائي ومضر

ترضه يالمسيّر سـفينة نـوح يـا رب البـشـر

عبّـيات ابو ها اكحيله واحضان الجرد يـشـبيها

+++

ساعة واكسر المجرشه واقسـم أنا بـرب الفـلق

ويللي ابطن الحوت ابن متي النـبي يونـس نطق

كلّه كتبته بالورق عندي فقط إلا الزلق        

ما قيدتها بدفتري اوغيري فلا قاريها

+++

ساعة واكسر المجرشة واكطع من الدنيا الأمل

للجرش ما أرجـع بعد إلا بابره يخـش جمل

كل يوم ناصبلي عزه اسـتادي النغل ما الثوَل                              

عقلي انذهل جسمي نحل روحي السـكم لافـيها.        

+++

ساعة واكسر المجرشة واصعد برجلي للفلك

واوصل السـابع سما وبيـدي ألزمه للملَك

من يوم أمص جمعي، الدهر لاحكك على عمري وكللك            

يعبّر عليّ. كل وكت للملعنه يـجزيـها.

+++

ساعة واكسر المجرشـه وانحر على أهل الصيره                  

وانشد على شيوخ العرب أهـل الشـيم والغـيره

يـرضى إلهي بالرفـاه العـبده أم خـنـفيره

تخدمها حُرّه وكل وكت كاس الصبر تـسكيها.

+++

ساعة واكسر المجرشة وألـعن أبو الكـيّرها

واحـركك أبو كل من ابمنشاره وفاسه انجرها

بعناد هالظالم اسـتا دي رويحتي مرمرها

للكفر يا أهل الرحم إبن الزنـه يقرّيـها.

+++

ساعة واكسر المجرشه وألعن أبو اليكطع مَهر

طفله على شايب هرم يفطن على حفر البحر

وصله سختيانه الوجه واللحية تـشبه للأبـر

الله ما يقبل هالبـشع لرويـحتي سـابـيها

+++

ومن الجدير بالذكر ان الكرخي  كان يجيد التحدث باللغات الكردية والفارسية والتركية والألمانية ، التي أتقنها أثناء عمله التجاري الذي امتهنه من قبل والده وملازمته له وحتى وفاته واستمر به حتى من بعده كتب ،لقد كتب في اغراض شتى في الوصف والاجتماعية والسياسية وتستحق التخليد تميزت بصدق واحساس ، علما  كان معروفا بوطنيته ومواقفه اتجاه الوطن ، وبقيت مكانة الملا عبود الكرخي في الادب العامي العراقي وفي قلوب الناس جديرة في بغداد وكل مدن العراق الحبيب ، قبل رحيله عام 1946وحتى بعده.