الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. ما الذي حصل؟

بواسطة azzaman

الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. ما الذي حصل؟

أحمد فاتح محمد

 

أخيراً، اندلعت الحرب بين إيران وإسرائيل في 13 حزيران 2025، قبل أن تنتهي في 25 من الشهر ذاته، وذلك بعد أن شنّت الولايات المتحدة غارات جوية عبر قاذفات الشبح B-2 استهدفت منشأتي فوردو ونطنز النوويتين في إيران.

عقب تلك الضربات، أصدرت واشنطن بلاغاً أشبه بـ”مرسوم مُلزم» للطرفين بوقف العمليات، لتتوقف عجلة الحرب فعلياً عن الدوران بقرار أميركي مباشر.

هناك أسئلة عدة تُطرح: ما الذي حصل؟ من المنتصر؟ وما الرسالة التي أرادت الولايات المتحدة إيصالها من خلال الحرب؟

في هذا المقال، نسلّط الضوء على هذه التساؤلات ونحاول تقديم إجابات دقيقة وفقاً للمعطيات الميدانية والسياسية.

هوية المنتصر

تحديد هوية «المنتصر» في حرب من هذا النوع ليس أمراً سهلاً، خصوصاً أن الطرفين لم يخوضا مواجهة عسكرية مباشرة تقليدية عبر جيوش نظامية على الأرض، بل جاءت الحرب ضمن إطار هجومي معقّد شمل الفضاء السيبراني، والطائرات المسيّرة، والصواريخ بعيدة المدى.

إسرائيل، من جانبها، أظهرت تفوقاً ملحوظاً في الجانب التقني والاستخباري، من خلال قدرتها على اختراق الدفاعات الإيرانية، وضرب منشآت نووية حساسة، إضافة إلى تحقيق سيطرة جزئية على المجال الجوي الإيراني عبر طائرات استطلاع متقدمة، ما وجه ضربة موجعة إلى طهران.

في المقابل، ورغم الخسائر التي تكبّدتها، تمكنت إيران من الرد بصواريخ ومسيّرات دقيقة، ألحقت أضراراً مباشرة داخل العمق الإسرائيلي. هذا الرد أظهر أن إيران، وإن لم تتمكن من استخدام مقاتلاتها، إلا أنها نجحت في إثبات فاعلية منظومتها الصاروخية.

فيما يخص سؤال.. من انتصر في هذه الحرب؟ يمكن القول إن كلا الطرفين حقق مكاسب تكتيكية على طريقته. لكن الأهم من ذلك، أن ما جرى لم يتعدى ليكون بمصاف ما يُسمى بالحرب الشاملة.

إيران استطاعت، إلى حد بعيد، أن تكسب تعاطف الشارع الإسلامي والعربي، بعدما وجهت ضربات غير مسبوقة للعمق الإسرائيلي، وهو أمر لم تجرؤ عليه أي قوة إقليمية من قبل، رغم أنها في الوقت ذاته حرصت على عدم الانزلاق إلى مواجهة تهدد حياة واستمرارية نظامها.

أما إسرائيل، فقد حققت مكاسب كبيرة من خلال اغتيال عدد من القادة والخبراء الإيرانيين، وأثبتت مجدداً تفوقها الجوي والتقني والاستخباري، ما شكّل ضربة نوعية للمؤسسة الأمنية والعسكرية الإيرانية.

ما الرسالة التي أرادت أمريكا إيصالها في هذه الحرب؟

رغم أن الولايات المتحدة لم تكن طرفاً مباشراً في الحرب، إلا أنها كانت حاضرة بقوة عبر كل أدواتها السياسية والعسكرية والاستخبارية، ووجّهت من خلالها عدة رسائل استراتيجية واضحة:

الرسالة الأولى: أمن إسرائيل خط أحمر.

إسرائيل هي «الابن المدلل» للولايات المتحدة، وأي تهديد مباشر له يعني تدخلاً أميركياً فورياً. هذه قاعدة ثابتة في العقيدة الأمنية الأميركية لا تقبل المساومة.

الرسالة الثانية: لا لحرب شاملة.

واشنطن، وإن تركت لإسرائيل هامش التحرك، إلا أنها حرصت على ضبط الإيقاع، وأبلغتها ضمنياً ألا تدفع بالأمور نحو نقطة اللاعودة قد تكون ضريبتها خسارة كل شيء.

الرسالة الثالثة: الضغط على إيران مستمر، دون إسقاط النظام.

الولايات المتحدة لا تسعى إلى إسقاط النظام الإيراني بشكل مباشر، بل تريد احتواء تمدده الإقليمي وتحجيم نفوذه، عبر ضربات محسوبة تُبقيه تحت الضغط دون تفجير الأوضاع بالكامل.

هل انتهت الحرب حقاً؟

لا، الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل توقفت عجلتها عن الدوران مؤقتاً؛ فمازلت البيئة التي أفرزت هذه المواجهة حية ونشطة. لا النظام الإيراني سقط وتداعى، ولا إسرائيل قررت التخلي عن سياسة «الحرب».

 

وقف إطلاق النار الحالي ليس أكثر من هدنة مؤقتة، تسمح لإسرائيل بإجراء مراجعة شاملة لاختبار وفحص مكامن الضعف، ولإيران بإعادة تقييم موقفها وتحالفاتها، خاصة بعد غياب أي دور ملموس لحلفائها في العراق ولبنان واليمن.

هل ستُكلّل المفاوضات بالنجاح؟

لا تزال المفاوضات مستمرة، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء مثل قطر وعُمان والاتحاد الأوروبي، ولم تصل حتى الآن إلى اتفاق شامل يُنهِي الأزمة، رغم وجود مؤشرات أولية على رغبة الطرفين في تهدئة الأوضاع والابتعاد عن مسار الحرب في هذه المرحلة.

من جانب إيران، يُشير الخطاب إلى رغبتها في التوصل إلى اتفاق يُخفّف من الضغوط عليها، بينما تعلن إسرائيل استعدادها لقبول شروط تقضي بتوقّف إيران الكامل عن برنامجها النووي، على الرغم من الأضرار التي لحقت بها خلال الصراع، وكذلك الكف عن لعبة النفوذ في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

ولكن التحدي الأكبر يكمن في غياب الثقة المتبادلة بين الطرفين، إذ يراقب كل منهما الآخر بريبة وحذر، مما يجعل مسار المفاوضات هشاً وغير مستقر، ما قد يعرقل الوصول إلى حل نهائي قريب.

الخاتمة:

ما جرى بين إيران وإسرائيل لم يكن حرباً شاملة، ولا سلاماً هشّاً وزائفاً، بل هو جزء من صراع مستمر ومتجدد في منطقة الشرق الأوسط. لا يبدو لأي طرف انتصار واضح أو هزيمة حاسمة، بل يستمر ميزان القوى في التغير والتأرجح.

وكانت رسالة الولايات المتحدة واضحة: الدعم مشروط، والحرب ليست خياراً مرغوباً فيه، حتى يتم التوصل إلى خطة سلام جديدة وشاملة للمنطقة، فإن وقف إطلاق النار الحالي هو مجرد هدنة مؤقتة، ولم تُحقق بعد أجزاء الحل النهائي.

 

 

 


مشاهدات 54
الكاتب أحمد فاتح محمد
أضيف 2025/06/28 - 2:53 PM
آخر تحديث 2025/06/29 - 2:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 88 الشهر 17763 الكلي 11152417
الوقت الآن
الأحد 2025/6/29 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير