قراءات في إنجيل العراق حنا بطاطو
إنعام العطيوي
لقد اعتمد باحثو علم الاجتماع الكتاب الشهير ل «حنا بطاطو « لتاريخ العراق المعاصر اذ اعتقد عدد كبير من المتلقين ان حنا بطاطو هو كاتب عراقي بسبب كتاباته عن المجتمع العراقي وابرزها كتاب «حنا بطاطو في سيرتهِ ومنهجهِ وتفسيرهِ لتاريخ العراق المعاصر» الذي وثق فيه الطبقات الاجتماعية والحركات السياسية بكل شمولية وموضوعية وأعتمد في بحثهِ على التنقيب في الاضابير الرسمية والسجلات السرية واللقاءات مع شخصيات سياسية واجتماعية، وأصبح احد المراجع الأساسية لتاريخ العراق المعاصر، إلا أنهُ عاش في بيروت وامريكا ونتيجة لنشأته المُختلفة عن المجتمع العراقي لهذا أهتم بكتابة الفوارق الإجتماعية التي لحظها عن نشأته فذكر في كتابهِ الطبقات الاجتماعية في العراق والحركات السياسية بشكل موضوعي ليكون كتاباً مكوناً من 206 صفحة صادر باللغة الإنكليزية عام 1978م من جامعة برنستون، وتميز مؤلفهِ هذا بتقديم مجموعة من الدراسات والاعمال والمقالات عن حياته في العراق ركز فيها على عمله في تاريخ العراق المعاصر ودراستهِ للطبقات الإجتماعية والحركات السياسية، خلال القرن العشرين وجاء هذا المؤلف من تحرير الكاتب «مازن لطيف» وصدر عن «دار الرافدين» ضم عدد من المقالات والأبحاث التي كتبها نخبة من الاساتذة والكتاب كان لهم علاقة بالمؤلف حنا بطاطو امثال «سيار الجميل، فالح عبد الجبار، ماهر الشريف، ابراهيم الحيدري، رياض السندي، اسعد ابو خليل، زهير الجزائري، صالح الطعمة، واحمد القاســمي».
اجزاء رئيسة
وينقسم هذا الكتاب الى ثلاثة أجزاء رئيسية شملت هذه الاجزاء الثلاثة عل دراسات نقدية لسيرة بطاطو ومنهجهِ ورؤيتهِ التاريخية، ولا بد من التطرق لذكر إن بطاطو تأثر بمنهج «بارنغتون مور جونيور» تحديداً في دراسة العلاقة بين الفلاح والسلطة، أما في فصلهِ التجريبي فقد ركز على المنهج الذي استخدمهُ بطاطو ووصف الباحث على أنه مُدقق يسعى الى معاينة مركبة للمادة البحثية ويتجنب التعميم الذي لا يستند الى الوقائع التجريبية، وفي فصل الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية ركز على القضايا والتساؤلات الرئيسية عن العراق يهدف الى اعداد دراسة شاملة عن الحركات الثورية في العراق الحديث وتتبع اصولها وجذورها وافكارها وتأثيرها على البلاد، لكن فصل تحليل الطبقات الاجتماعية في العراق فقد سلط الضوء فيه على قدرة بطاطو في جمع المعلومات عن المجتمع العراقي والطبقات الاجتماعية بشكل موضوعي خلال فترة الخمسينيات التي شهد حينها البلاد تقدماً اجتماعياً وثقافياً، في حين كان منهج بطاطو التاريخي الذي أستخدمه في هذا الفصل ان بحوثه عن العراق لم تكن معروفة الا في نطاق ضيق حتى ان طلاب الدراسات العليا كانوا يجدون حرجاً في اعتمادها كمراجع ذلك لتناولها للحزب الشيوعي في العراق الذي كان ممنوع ومحارباً ان ذاك، وفي الجزء الثاني من الكتاب استعرض جوانب من حياة حنا بطاطو الشخصية والاكاديمية وطُرحت فيهِ اسباب تأخر صدور كتاب بطاطو في العراق وذكر المجازر التي قادها حزب البعث ضد الشيوعيون كيف تركت اثراً في نفسهِ جعلته يجد صعوبة في العودة للكتابة، ثم جاء فصل بعنوان (حنا بطاطو في تاريخ ضائع ) ذكر فيه لقائه بأحد القادة الشيوعيين كيف كان مقيد اليدين والقدمين وطرح عليه سؤاله اذا كان يمكن كتابة تاريخ الحزب الشيوعي بتجرد، ثم جاء فصل ذكريات صداقة الذي ذكر فيه الباحث علاقته بالكاتب صالح جواد الطعمة منذ عام 1953 في جامعة هارفارد ولقاءاته في امريكا والعراق، بعدها كتب في فصل (حنا بطاطو والعراق قصة حب اكاديمية) يؤكد فيها على الاهمية الكبيرة لمنجزه البحثي عن العراق والذي يعد مرجعاً اكاديمياً لا غنى عنه لأي دراسة جادة عن العراق في القرن العشرين حتى ان مستشرقاً المانياً اسماه (انجيل العراق)، من جانب اخر جاءت نصوص الجزء الثالث من الكتاب على تحليل بطاطو للمجتمع العراقي كان منها ( التحليل الطبقي والمجتمع العراقي، شيعة العراق الدور السياسي وعملية الاندماج في المجتمع، التنظيمات الشيعية في العراق).
تجدر الاشارة الى ان حنا بطاطو يعد من مؤرخي الطبقات الاجتماعية الفذة وهو فلسطيني المولد والنشأة عاش في بيروت ثم انتقل للعيش في امريكا، عمل كاستاذ في الجامعة الامريكيا ببيروت منذ عام 1962 -1982 الف حينها كتابه عن العراق وايضاً لديه مؤلف عن لبنان توفي عام 2000 م.