الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سورمي في أروقة الخريف      


سورمي في أروقة الخريف      

سردار رضا الجاف

 

  لفوهة القلم حيرة لن تعرف من أين تبداء، من مهاجرة الطيور خوفا من برد الشتاء أو من تساقط الأوراق كأنما أرواح البشر تفرش علی الأرض، أو من تلك الجمالية الباهية يعجز القلم و اللسان والأحرف من وصفها، هذا هو الخريف فأذن ما في ذمة قصيدة  “مستقبل الخريف “ للشاعرالكوردي نژاد عزيز سورمي، المنشورة في عدة مواقع و في كتابه بعنوان ( وطن في حبة رمان ) لعام 2021، اصل القصيدة بلغة الأم اللغة الكوردية، و المترجمة من قبل السيد “ محمد حسين المهندس”، مفهوم عنوان القصيدة عند عموم الناس و توقعاتهم بأن تأتي يوما ننتهي من فصل الخريف لاسيما في التحولات المتصارعة لتغيير الطقس، و الا هناك مفاهيم و دلالات أدبية بحتة و عميقة، وليس المفهوم الشكلي الباين، لابد للناقد أن يتخطی بالأتجاه نحو مفاصل النص، غالبا ما يربك القاريء و يتسرع بقراءة خاطئة لما هو موجود من مفردات القصيدة .

    القاریء يتخيل مابين أحرف و أسطر هذه القصيدة يتصور بأن الشاعر هو الذي يفقد نفسه فيها و الا عند القراءة الدقيقة ندرك بأن هو الذي وقع في أخطبوط الأخطاء هو بحد ذاته يفقد نفسه أليس الشاعر، و من هذا المنطلق المترجم أيضا أحيانا يقع في هذا الفخ الذي حفره الشاعر، لذلك يجب أن يكون المترجم من لغة الأم الی أي لغة أخری شاعرا أو ناقدا لأن يدرك مفهوم و دلالات الشعر عند الشاعر حسب قراءته ولم ينزلق الی اخطاء كما ورد هنا، لذلك أننا أخترنا هذه القصيدة للوقوف بصورة أبطء عن مجريات وحدة الموضوعية.

   هنا نشير لمفاهيم و دلالات القصيدة، لن ولم نتطرق الی كيفية نظم و نسخ النص لكون الشاعر هو من أحد أبرز الشعراء الكورد بكوردستان العراق، ملهم و أنسان ناضج بمفاهيم وجمالية و نظم الفن الشعري و أساليبه المتعددة و مدارسه المختلفة، لذلك نتجول في قراءتنا هذه الی ما أشرنا اليها سابقا ربما نتطرق الی الشكل في هذه القصيدة أيضا.

    عنوان القصيدة “ مستقبل الخريف “ يجذبنا نحو معان ومفاهيم عدة و دلالات متنوعة، كلمة ( الخريف ) بحد ذاتها تجرنا نحو تعقيد المفاهيم و الدلالات لاسيما لدی الشعراء، الخريف حينما ننظر اليه بعين مجردة نجد جمالية لامثيل له و هو أجمل من الربيع حينما الأوراق الصفراء و الحمر بألوانها الزاهية ترقص في سقوط  جنونية لكي تعبر عن تواضعهن و يقعن تحت أقدام المارة، الخريف من بين الفصول أجملهم حامل السحاب و هو من يدير الغيوم و يرطب الأرض، و الأنسان فيه يخشی من البرد وهو أيضا عناوين الأبراج المتفائلة، الأشجار تخلع ملابسها في رقصات ورقها، لذلك يتجه الشعراء الی توظيف الخريف كدلالة لجمالية حروفهم و جملهم و نصوصهم الأدبية، و البعض الآخر يرسمه كأنه عنوان لأنهاء حيوية أوراق الأشجار ويربطه بأنهاء حياة الأنسان في آخر المطاف.

قبل شروح النص نود أن نشيڕ الی نقطة مهمة الا و هي ترجمة القصيدة مرة أخری نعتذر للقاریء و المترجم بما جاء في الترجمة اللغوية و ليس الترجمة كنص شعري من الناحية  المجازية و المفاهيم  و الدلالات.

أشتعل سراج من حسنك

صورة سيل بكاء الفراق

مثل هم الوطن البعيد

الظل الحزين .... موسيقی الفؤاد....

السهاد الساهر أبدا .....

كأنهم تفاحات جدي العتيقة

علی فضاضة التأريخ

ملتصقة بشعيرات

تتهزهز برهو هيف الليل

     نجد في الترجمة تقطيع في هذا المقطع من القصيدة مابين السطريين “ مثل هم الوطن البعيد ....و .....الظل الحزين .... موسيقی الفؤاد...” والصحيح كل ما جاء أعلاه مقطع واحد، لابد للقاريء يفكر و يسأل ما الفرق بين الربط أو الفصل بين السطرين، في هذه القصيدة الربط والفصل تعمق المعاني أكثر، لأنها القصيدة بحد ذاتها من الأساس تتكون من مقاطع و رغم ذلك الشاعر يستصحبنا معه في بداية كل مقطع الی أعادة السطر الأول من القصيدة، حسب قراءتي لمفهوم و دلالات الشعر وللمقطع الأول من القصيدة، كان علی المترجم أن ينقل لنا ‌هذا المفهوم ........

أشرق سراج من حسنك

صورة من سيل البكاء المتفاوت

 كهم الوطن بعيد

الظل كئيب... موسيقی الصميم

سهر دوما سهران

كأنما تفاحات قديمة لجدي

علی رفوف التأريخ

 بتلك الخصلات ملتصقة

تتهزهز بنسيم الليل

   التكرار في الشعر بحد ذاته دراسة عميقة سبق وأن أشار اليها بعض الكتاب والناقدين و أننا هنا مجرد نستذكر بما يريد أن يقول الشاعر لنا، أن أعادة الجملة البدائية أو كلمات و جمل أخری في هذه القصيدة ، من أحدی تجليات الشاعر الذي يستصحبنا نحو جمالية النص، هذا الأسلوب ليس التجديد في الشعر وأنما نجده في الشعر الجاهلي أيضا و الا موقعية أعادة أستخدام الجمل من شطارة الشاعر، و لن يخضع لضعفه، وكذلك الحالة النفسية للشاعر أيضا يخلق لنا الدقة في قراءة القصيدة، (( التكرار يستطيع أن يعين المتلقي في الكشف عن القصد الذي يريد الشاعر أن يصل إليه، فالكلمات المكررة، ربما لا تكون عاملا مساهما في إضفاء جو الرتابة على العمل الأدبي، ولا يمكن أن تكون دليلا على ضعف الشاعرية عند الشاعر، بل إنها أداة من الأدوات التي يستخدمها الشاعر لتعين في إضاءة التجربة، وإثرائها وتقديمها للقارئ الذي يحاول الشاعر بكل الوسائل أن يحرك فيه هاجس التفاعل مع تجربته )) « ١ «

   لابد للأشارة الی أن هنالك في الشعر المعاصر تكرار في الحروف وفي الكلمات مابين الأسم و الفعل، و هنا نژاد يأخذنا لمأوی ضوضاء وهذا مبني علی مفهوم النص لديه لاسيما نجد روح ثورية في قصيدته.

(( أذا كانت الوظيفة الأولى للتكرار مقرونة بترديد النص على ضوء من التفصيل،فإن الوظيفة الثانية مرتبطة بتجسير المقاطع الشعرية عن طريق رجع الصدى الذي تتمثله الدلالة العامة، فتتوالى الصور الشعرية، وتتناثر محققة تراكما مشهديا يغني العمل الشعري لكنه في جوهره ينظم الخطاب الذي تحكمه علاقة العام بالخاص)) « ٢

    أذا أستوعبنا النص بشكل دقيق، منطقيا نلتقي بأفكار الشاعر مرونة و هادئة عكس مايقولون بأن التكرار مأخوذة ايحائه من التعصب و العنصرين، بلغة هادئة يخاطبنا، علينا التلائم مع مفرداته المرنة التي تستصحبنا لأضطهاد شعب علی مدار العقود والقرون.

 أشتعل سراج من حسنك ....

كائنة بلا البداية و لا النهاية

لاتخشي الله

و لا تخجلي من بني آدم

أزاء بصيرة الريح

أزاء بصيرة الثلج

أزاء بصيرة المطر

تطاردي الفراشات

كائنة بلا البداية و لا النهاية

لا تخشي الله

و لا تخجلي من بني آدم

أظن بأن أدراكنا لن يتجهنا نحو الأنحراف كما حدث أنحراف للشاعر عند هذا المقطع، القاریء يدرك هنا لعبة دراماتيكية نحو العلی عند الشاعر دون أن يشعر الشاعر بأنه في حالة أنفعالية،(( من أهم المعايير المعروفة في الصور الشعرية الكشف عن انفعالات الشاعر نقلا لصورة واقعية مرئية، حيث يمكنها التحرر من التعميم والانغماس في رؤية تتسم في مضامينها بعمق الرؤية الموائمة لتجارب الشاعر التي قد لا تنبعث من التأمل وحده، بل من عوالم نفسية متعددة، فلابد إذا من تحرر الشعر من «اللا شعر»، إن جاز القول، بمعنى عدم ارتباطه بكلام واهن وهين يخلو من روح الشعر،)) “٣” هذه الحالات بيان واضح لأحقية التعمق في النص أو جوهر الأحداث، لئن كانت عند الطابع السياسي أو العاطفي أو الحياة الطبيعية للعاشقين، ولكن الشاعر هنا عند همجية العشق أو أستبداد الشرس في كل هذا المقطع من قصيدته يشرح لنا بأن سراج حسنها لاتخشی من المقدسات و أمام أنظار العوالم المقدسة و الأحاسيس المرهفة تطارد الفراشات التي من أجمل الكائنات التي لها أقصر العمر و في أحلی الفصول ألا و هو فصل الربيع الا أنه يغازلنا بالأنحراف من مضمون القصيدة التي تحت وطأة الخريف، هناك تضارب مابين الربيع و الخريف، كفرق الحياة و الموت، لذلك حسب رأي لم يكن موفقا في هذا المقطع الا في الحالة الهسترية، القاریء يشعر بجمالية القراءة، لكن عند النقاد نجد قراءات متعددة

أشتعل سارج من حسنك 

هم قريب و الوطن بعيد

الضباب في بهجة بصيرة الطريق

نحو جحيم الظلام

أو يمضي صوب فردوس النور

من أين أمضي أنا ؟

السماء عمياء

السماء خرساء

من أين أمضي أنا

من بين كل الظلال هذه

أي ظل هو لي ؟

يستصحبنا الشاعر معه من هذا المقطع لكي نبحث عن الشكل في الشعر و في هذه القصيدة بالذات، الشكل في عصرنا هذا أحتل مكان بارز في الشعر الحديث، لذلك يراودنا أن نتعمق قليلا بهذا الخصوص لكي القاریء يستذكر أبعاد المفهوم أي الشكل و المضمون هنا، أذن ماهو الشكل...

الشكل من الناحية الهندسية مبني علی هياكل و مجسمات و تخطيطات هندسية معمارية، لئن سألنا أنسان مهندس عن الشكل.

 لخلص لنا و رسم لنا مخطوطات هندسية و بشكل يليق أن نتمتع بمشاهدة هذه الأخطبوط من الخطوط المعمارية و جمالية الأشكال المتواجدة في الصورة كتلك العمارات التي نشاهد جمالياتهن في دول مختلفة من عالم اليوم،(( أن الشكل له بعدين فقط من الطول و العرض و الأرتفاع، وذلك علی الرغم من وجود طول و عرض فقط في الشكل ثنائي الأبعاد الا أنه يمكن قياس المساحة الداخلية له عن طريق القوانين الهندسية التي تستخدم في قياس الطول و العرض ثم أدراجهم في قانون الحساب و كل شكل هندسي مختلف عن الشكل الآخر و أكثر التطبيقات شهرة علی الأشكال الهندسية ثنائية الأبعاد رسومات منحنية و أشكال مضلعة أي عبارة عن أضلاع متصلة ببعضها البعض ))»٤» لكن هذا الشكل كما متواجد أشكاليته في البناء، وعلم بحت ذات تعمق و جذور متفرعة، ندرك هنا جيدا أن العمارة تتجذب أنظار الناس، والا هناك أشكال مخفية عند مجالات أخری، تشتاق لها الناس النخبوية،  نجد نفس القوانين ولكن بأجتهادات أبداعية و مدارس مختلفة في الأدب، خصوصا مقومات  الشكل في الشعر الحديث و المعاصر ولا يقل جماليته من جمالية الأبنية الهندسية المتطورة، روافد هذه المقومات في الأدب ضرورية وملحة، أذن علينا البحث بما تراودنا من الأفكار حول الشكل في الشعر الحديث، والقراءات المتعددة بهذا الخصوص...

الشكل في الأدب هناك عدة محاور، منهم من ينظر الی الشعر كما موجود شكله، نظرات كنظرة الأبنية الهندسية، و هناك تأويلات أخری لشكل الشعر كالشعر المحافظ أو الحر أو قصيدة النثر، أكيد لكل من هذه الأتجاهات تحليلات بناءة و نقدية و كذلك قراءات منطقية، في الفقرة الأخيرة الشكل في صميم أو عمق أو باطنية الشعر أو القصيدة،  الأخيرة نستطيع أن نقول بأنها خصخصة شعرية بحتة، أذن نحن نتوقف عند هذه النقطة لقصيدتنا للشاعر نژاد سورمي ..

وسائل تعبيرية جديدة بعيدا عن جماليات القصيدة القديمة، الشكل هنا ندركه  في اللغة و التصوير البيانی و الأيقاع، ليومنا وعصرنا، هذا المعمول له القرارات والنقد البناء المنطقي أذا جاز التعبير، عند بيان اللغة لهذه القصيدة، الترجمة لها دور كبير لأيصال مايراود الملتقي منه، أكيد أننا قصدنا الملتقي النخبوي، أن اللغة لدی الشاعر كما سبق لي وأن أشيرت الی المام و المعرفة التامة للشاعر وتجاوزه الفن الأبجدي للشعر له تجربة فريدة و نادرة وهو من أحد الشعراء البارزين في أربيل و كوردستان و العراق، لذلك بحثنا ليس في هذا المنظور وأنما التعمق في الأتجاه الأخير من ثلاثية الشكل... لكن الملتقي العربي حينما لم يجد التجاوز في اللغة العامية لهذه القصيدة سبب ذلك يعود لترجمة القصيدة بالشكل الذي يشتاق الملتقي له من حيث المفهوم .... بدأنا بحثنا هذا بحيرة و نجد الحيرة في هذا المقطع مابين الأغتراب التي يؤلمنا في ‌هم القريب والوطن البعيد، الظلام و الفرح و والنور طرق وعرة لا أظن يسلك كل ناس، في قوقعة كل هذا السماء عمياء و بكم..... برأي هنا يروي لنا الشاعر مأساة ما عانة منه شعبه من ظلم و أضطهاد لكن حينما نجد في الوسط خرسانة الفرح، دليل علی أن رغم كل الويلات نجد الحب الجميل فيما بين الأحباب و العشاق و عمياء السماء و بكمه رغم المأساة التي تعرض له شعبه أمام أنظار العالم ولم يدافع عنهم و هم أبدوا البسالة و كانوا شامخين أمام التحديات، كذلك نقدر هذه القراءة نلخصها في مابين العشاق في النهاية يصلون للبعض رغم رفض الأهل كما شاع قبل للزواج.....

 كذلك الشاعر بلغة غير مألوفة يصور لنا مجريات الأحداث فيها نوع من أساليب الفنية و الجمالية،(( تعد الصورة البيانية فنا بلاغيا وأسلوبا من الأساليب التي لها مقدرة إبداعية خاصة، فهي الطريقة المثلى لعرض الأفكار والمشاعر التي تجود بها مخيلة الشاعر، تضفي جانبا جماليا واضحا على النصوص التي توظف فيها، كما أنها تكشفت عن المواقف الشعورية والانفعالات العاطفية التي مر بها الشاعر، ))“ ٥ “  في المقطع هذا الشاعر لن يصف لنا الأحداث و أنما أستنتاج ما حدث بكلمات مؤثرة نابع من الصميم المأثر و يری قصة حبيبته و يمد لنا جذور صيحات عاطفية، و لم يستنجده أحد، في نهاية مطاف المقطع يفور من بكرة أنفعالاته لمسألة العشق بالحرف الواحد يقول لنا، “ السماء عمياء …. السماء خرساء “ هذه دلالة الأنفعال الناجم كأنما يغرق ولن ينجو،لذلك… لن يؤمن بالمأوی الذي فيه و يستسفر بأنه أين هو ......؟ 

أشتعل سراج من حسنك ....

أختلطت كل الأقلام

 ...كل الخناجر.... كل السيوف

أختلطوا ....

النظرات صوب العلی ....

رؤوس الخيوط أنفصمت ...

الجبل ...

وطن الخريف ....

لم يسعفنا آخر خيوط الشفق !

لم يتلف النهر كي قميصه

من أجل الرقص الشائك ....!!

السماء عمياء ....

السماء خرساء .....

السماء صماء ....

من أين أمضي أنا ؟

من بين كل الظلال هذه

أي ظل هو لي ؟

 مجريات القصيدة تجبرنا نعيد الی الأذهان التكرار في الشعر، في هذا المقطع أضافة الی السطر الأول يعيد الشاعر كما عودنا عليه نجد ستة سطور الأخيرة أعاده، لكي لن نبتعد عن مابحثنا في شرح المقطع السابق الا وهو الشكل. من ناحية النظر كما نشاهد الأبنية من الشكل نشاهد مافي المقطع ذاته ولكن بدلالات أخری من التصوير البيانی و الأيقاع الا أنه من اللغة نفس الأتجاه الذي يسلكه في كتاباته الشعرية، الشاعر .... لأستذكار الهدف في نصه يسلط الضوء علی النقطة الأساسية و يعيدنا لسابق أوانه (( عنوان القصيدة ..... سيل بكاءه لهموم الوطن )) يغرس التناص الشعري فينا و دلالاته الشعرية مابين سطوره و مقاطعه العدة، يكشف مابجعبته أفكارا متراكمة و متحسرة، التكرار بحد ذاته دليل آخر لوحدة الموضوع في النص الا أن الباحثيين و النقاد لن يستثنوا هذه النقطة المهمة و الحساسة في النصوص، بمنظورهم التلسكوبي يركزونه عليه لولا وحدة الموضوع لشاع الضوضاء و تواجده لا مفر منه.(( يعتبر التكرار عند النقاد والباحثين في مختلف الأزمنة من أهم ظواهر الخطاب الأدبي التي تعتبر من أبرز الظواهر الفنية والأسلوبية التي تبين لنا أبعادا دلالية وفنية تحفز المتلقي للنظر والبحث في دلالات القصيدة ومراميها، فالتكرار يعد من الأسس الأسلوبية التي تعمل على التماثل في النص الشعري خاصة وأنه يساهم في تمتين وحدة النص وتماسكه بالإضافة إلى أنه مرتبط بالحالة النفسية للشاعر بشكل مباشر، وما يريد أن يبعثه من رسائل ومضامين فكرية)) “ ٦ “. كأننا في وسط الدراما الفنية , تدريجيا نقع في جوهر أو عمق الهدف الخنجر والسيف رمز القوة والتسلط، و لهما غاية الأهمية في الصراعات، أما القلم رمزه هو الحكمة و الثقافة ، هكذا الأثنين يرمزون في الأدب والشعر، في هذه القصيدة هناك أتحاد القوة مابين الأثنين، لئن قراءنا هنا صراعات مابين القلم  من جهة السيف والخنجر من جهة أخری لكانت قراءتنا لها في وادي آخر للمفاهيم و أبعاد المضمون ماكانت نحو ماهو الآن بشكله اليائس، حسب قراءتي لهذه الأسطر المتشابكة و المختلطة فيما بينهم، هناك الذات خارج أطار كل المفاهيم الأنسانية، و عندما النظرات تكون للعلی، دليل علی مناجات و دعاء لنجدة المضطهدين، واليأس يرافقه لذلك يعود الشاعر يستذكرنا بأنقصام رؤوس الخيوط، جدير بالذكر أن لكل بداية الخيوط هناك أنقطاع والا لم تكن رأس، لكن أستذكارنا لكي يقول أهل الجبل متقطعين عن بعضهم البعض.

لابد أن تكون قراءة أفتراضية للتخيل الواقعي الموجود في هذا النص، التخيلات نابع مع و من ‌هموم المجتمع و رسمها ضمن أطار وحدانية الموضوع بأفكار و آراء التخيلية للشاعر، تجاوز الجدل لأنه يتجه نحو فن المنطق و حسن التفكير للأدب. لكن سرعان ماينفعل و يعود الی تعصبه العاطفي اللامنتهي، التأثيرات السياسية تهيمن علی أفكاره، ولن يترخی عن جدله الأنفعالي و هذه المرة السماء البكم ينضم للعمياء و الخرساء، العلاقة الحميمة مابين القلم من جهة و السيف والخنجر من جهة أخری تعني أنسداد طرق الأنفراج... و قبل نضوجها نلتقي بالنهر و أشياء أخری، حتی من ناحية الشكل هذين المقطعين الأخيرين يختلفان عن جميع المقاطع البقية. من لمحة نظرية القاریء يشعر بذلك....

وفق المقارنة مابين النص الكوردي والترجمة عربيا لابد من تصحيح مايدور في ثلاثة سطور، رغم ذلك هناك غياب لغة شعرية هنا أعيد القول بأن ترجمة الشعر لابد أن يكون شاعرا بارعا أو ناقدا جيدا،   وتكون الأصح

لم يأوينا آخر خيوط الشفق    

لم يتلف النهر لرقصة الشوكة    

قميصه المكوي     

 مابين (( عدم وجود مأوی في آخر خيوط الشفق والنهر الذي لرقصة الشوكة لن يتلف قميصه المكوي  )) ليست دلالات عابرة أو تهميشية و أنما عبارة عن مايعاني منه الشاعر من ويلات و مآسي رغم محاولات الأجهاض يشعر بأنه لم يصل الی مايريد يعبره، لذلك يستمر في أمتداد كينونته الفكرية، وأنه في حالة غيبوبة الكتابية الا أنه لايود أن يقع في الفشل بأيصال رسالته الشعرية المفهومية،  هذه الحالة تكون موجودة ( حالة الغيبوبة ) أي حالة اللاوعي تكون موجودة عند الكثير من الشعراء أثناء الكتابة، أنا أجد ضغوطات فكرية علی أبجدية كتابته حول هذا الموضوع الشاق، نستمر بقراءة القصيدة و نتحول الی مقطع  آخر .....

أشتعل سراج من حسنك

الوجهات صوب النظرة من جديد ....

النظرة ....

أثار أقدامها فوق بساطة الأمل .....

النظرة ....

تذوق برتقالية ....

تشبه للناظر ضوء ...

 النظرة ...

يأخذها النعاس عند الصباح ...

النظرة جوهر و لب  المقطع المشار اليه أعلاه، النظرة هي التأمل أثناء التفكير بشیء ما و كمصطلح لها أسس و قواعد و مبادیء، لوصف شیء ما سواء كان علميا أو فلسفيا أو أدبيا، من هذا المنطلق و المفهوم لنظرة الشاعر يريد بناء ثقته و تفاءله لفكرة جديدة بموضوعه في القصيدة هذه، كما أشرنا سلفا بأنه يستمر و يقف بوجه الأجهاض الذي يختنقه يأمل في الأتجاهات التي تصحوا من بكرة أبيها نحو النظرة، هنا النظرة شغله الشاغل، كلما المراء ينظر يتلقی المزيد من الأتجاهات و أفكار متعددة و متنوعة، كل هذه الأتجاهات نحو النظرة، أذن حلقة حلزونية فيمابينها تدور، مرات علی سجادة الأمل، الأمل هنا نظرة أنعطاف الشاعر نحو التجديد والجمالية تبشر بفك الخناق و الأنفراج نحو البشائر، نظرات كطعم البرتقال هذه النظرة صوب الأنفتاح و الأنتعاش، أجل أنه وصل الی الأنتعاش أو لازال في غياب الفكرة ؟ لكونه يستمر و يقفز الی النظرة ( تذوق البرتقال، كالشمس في العين ) هذه تأملات للخروج من المأزق الذي يمسكه، لكن سرعان ما أن النظرة في الصباح الباكر ينعس و ينام و يرجع الی نقطة الصفر، أذن هناك مزاولة و الأستمرارية في القصيدة..........

أشتعل سراج من حسنك

المدينة عطشی .... مفجوعة ...

الشارع في موسم الفناء ....

هارمونيا الفاقة و مروج الخوف ....

ما كان بوسع الجراحات أن تفعل

أكثر ....

 

القمر

الساهد الساهر دوما ...

ما شأنه و تفاحة ....

تفاحة تنبذ كل الدنيا

ثم تجمعها .

القمر ...

ماشأنه ...

أم كان الخريف في الجبال أم المدينة ...

أن كان له نضال دفين أم لا ؟

القمر ...

ما شأنه ...

و تلك الصواعق الحامية

أنجدتنا أبدا نيابة عن

الرغيف والدواء ...

 

أيتها الغمامة الدانية ...

ياجوهر الضياء ....

أيا المكرم مضياف الموت ...

سارت الجيوش من ها هنا ...

مهر ...

آثاره لم تزل باقية ...

بالحراب طعن علی هذا المسار ...

عادت الجراحات كما كانت ...

الغمامة الدانية ...

جوهر الضياء ...

مضياف الموت ...

 

طارحنا المجد بسويعة تحليق ...

لذا لم نر سوی شجيرة الدفلی

تحدق فينا ...

تترع كؤوسنا ...

و هكذا دواليك أبتدأنا ...

نقطع أشجارنا واحدة واحدة

الی أن جفلن من عيوننا ...

فأودعنا ( النور ) في ديجور الليل ...

الغمامة الدانية ...

جوهر الضياء ...

مضياف الموت ...

 

لم تكن الشمس قد غابت بعد...

كنا نحن من ارتوی من الجمال ...

كنا نحن من شربنا الأيام الی النز

الأخير ...

لن تكن الشمس قد غابت بعد ...

الغمامة الدانية ...

جوهر الضياء ...

منذئذ...

جاءت بسمة

من أعماق الجراحات ...

جاء خنجر

أستل مع نفخ الزوبعة ...

سل؛م الأمل ...

بالألحان المقموعة ...

بموسيقی الصميم ...

كما أشرنا سلفا بأن قراءتنا هذه ضمن المفاهيم والدلالات في القصيدة، و نتطرق أيضا لوحدة الموضوع، يجوز لنا بأن نقول ( أشرق سراج من حسنك ) بدلا من ماهو مكتوب في النص المترجم، عند قراءة النص ليس هناك فقط الأهتمام بتاريخ الأدب أو النص، القاریء يزاول مفهوم القراءة،الذي يقدمه بقي مرهونا بمايطرحه النص الأدبي بحد ذاته. الشاعر يروي معاناته و آلامه لحبيبته، الأرض و الوطن يسلخ الشاعر من لغة الحب لحبيبته و يحترق مابين أروقة تلك الشظايا التي تعبث حيويته (( القراءة التي تتخذ الفهم العميق للنص المقروء هدفا لها، أي أن القاریء يجب أن يحلل و يقيم مايقراءه من نصوص، كما عليه محاولة تأملها للوصول الی لب المكتوب فبعض النصوص تحتوي أكثر مما يبدوا من الوهلة الأولی )) “ ٧ “ أظن أننا في لب القصيدة، حينما يری الأشراق من سراج حسنها من جهة مابين أنتعاش حبيبته و أفكاره المحتلة من جهة آخری المدينة و الشارع و الواحة والهارمونيا، يأس و معدوم ماكان بوسع الجراحات يفعل أكثر و الا لئن فعلها، هذا هو الخريف بمعانیه المأساوية...

  (( التفكير النقدي أو الناقد؛ هو القدرة على التفكير بوضوح، وتناول التفاصيل، وتحليلها وفهم العلاقة المنطقية بين الأفكار، وهو ليس وسيلة جديدة لتحديد مدى صدق أو زيف النص)) “ ٨ “  من هنا يلتجأ الی القمر ليجنده و يمحوا أو يزيل همه و يدوي جراحاته اللامنتهية لكن يعود لأتعس الحالات من ضوء القمر يفكر بالتفاح، و التفاحة تأخذنا الی قراءة رموزها في الأدب، غالبا كان الشعراء القدامی يلتجأون لنمط الرموز في قصائدهم، ولكن ليس بهذه الدقة التي يلجأ لها شعراء الحداثويين أو الجدد، التفاح له قراءة يذكرنا بأسطورة آدم و حواء و قصتهم التي تعتبر بالخطيئة، و التفاح له رائحة عطرية لطيفة وقوية بأستثناء ألوانه الجذابة من الأحمر والأصفر ومايشابه بخدود جنس اللطيف.

بعد فاجعة حلبجة أصبحت التفاحة رائحة الموت و الأبادة الجماعية لذلك الشاعر يتأكد بأنه من هذه الفاجعة يذكرنا و يروي جروحه في المدينة و الشارع و الواحة و كلها دليل لقراءتنا هذه، نود أن نقول بأننا نجد مقاطع أخری داخل هذا المقطع كأنما قصيدة داخل قصيدة جمالية الكتابة تبرز و القاریء يشعر بتحول ما ولكن لن ينتبه ما هو لنوع التحول المقاطع داخل المقطع أسلوب نادر يتبعه نژاد لكي يقول للقاریء مابين حكايات بلادي هناك مئات من القصص المأساوية ينزف الدم من جروحها ولن يتوقف النزف، ولم يلتجأ لكينونة حسنها و السراج المشرق.....

فما فائدة شعاع القمر والأجواء المشوهة و الرائحة الكريهة علی الأرض، أجل أن التفاح تنبذ الدنيا كله أي السلاح الكيمياوي الذي مغذي بهذه الرائحة، دلالة الخريف و مقارنته بالمأسآة تجاوز أفراط بالحالة الجمالية للخريف، المرء حينما يجد شعاع القمر تنبثق علی الألوان الزاهية لهذا الفصل، و تجرنا للوحات أبداعية جميلة مليئة بالتأملات لحياة أفضل و أسعد الا أن الشاعر يختبئها ضمن جروحه يبرز لنا ويلات شعبه، رؤية ضيقة لأنفاس كتابية طويلة لن يخمد، ويشاطرنا معه ب


مشاهدات 257
أضيف 2025/06/20 - 10:58 PM
آخر تحديث 2025/06/30 - 4:19 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 115 الشهر 115 الكلي 11153727
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير