الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تنبهوا.. فهذه مخاطر سقوط النظام الإيراني

بواسطة azzaman

تنبهوا.. فهذه مخاطر سقوط النظام الإيراني

منقذ داغر

 

أدعوكم لقراءة هذا المقال بعقولكم لا بمشاعركم، فقد علمتني تجارب الحروب التي عايشتها وشاركت في بعض منها أن الحروب تُربح بالعقول لا بالقلوب، رغم أهمية الأخيرة بخاصة في حياتنا كشعوب شرقية. لذلك فأن الكتابة في الموضوع الذي سأتناوله هي أشبه بالركض-وليس حتى المشي- في حقل الغام بخاصة في ظل الاستقطاب الحاد بين جمهورَين أحدهما ناقم بشدة على ايران الى درجة تدفعه للقبول بالتعاون مع الشيطان ضد نظامها الحالي، وآخر تابع بشدة لإيران الى درجة الاستعداد للتضحية بمصالح العراق والعراقيين لكي يرى الولي الفقيه يحكم العراق وكل المنطقة. هذا لا يعني وجود جمهور وسطي كبير لكن للأسف أصواتهم غير عالية وليست مسموعة.

لا شك عندي أن إيران أسهمت بشكل كبير في إيصال العراق لما هو فيه وجعلت مصالحها الاستراتيجية -لا مصالح العراق-وتجاربها التاريخية وليس مستقبل العراق هي التي تحرك بوصلتها في كل ما قامت به منذ 2003 لليوم وهو كثير ومؤلم ولطالما عارضته في كل كتاباتي. مقابل ذلك فأن عقلي وقلبي لا يمكنهما الا أن يشعرا بسوء أكبر وعداء أكثر للعدو الصهيوني الذي لم يقصّر يوماً في قتل العراقيين والعرب بما في ذلك إسهامه المباشر في احتلال العراق وتدمير شعبه وأرضه ومقدراته، فضلاً عن شعاره المعلن واستراتيجيته التوسعية غير الخافية: “من النيل الى الفرات». لذا سأتعامل في تحليلي هذا مع الحقائق من منظور مصلحة العراق اولاً وأخيراً كما تعامل معنا كل من الكيان الغاصب وإيران طيلة العقود الماضية.

بعد أن شنت «إسرائيل» عدوانها على إيران فجر الجمعة 13 حزيران كتبت قائلاً إن الهدف سيكون ليس فقط تدمير الإمكانات النووية الإيرانية بل هو ضرب كل ما من شأنه إضعاف النظام الإيراني دون إسقاطه لأن لا أمريكا ولا دول المنطقة تريد هذا السيناريو الخطير.

احتمالية اشتراك

لكن مع استمرار التصعيد العسكري المتبادل بخاصة بعد الضربة الإيرانية لتل أبيب ليلة السبت 14 حزيران فقد بدأ التصعيد يأخذ منحى أكثر حدة وباتت احتمالية اشتراك أمريكا -وربما الغرب- في الحرب أكثر توقعاً بخاصة إذا ما لجأت إيران لغلق مضيق هرمز بعد أن تشعر أن ردعها الصاروخي لم يعد مجدياً وأن السيادة الجوية التي حققتها «إسرائيل» باتت مؤذية جداً للنظام الإيراني وتهدد وجوده. ومما يزيد من هذه الاحتمالات ما قاله نتنياهو في خطابه المتلفز مساء الجمعة والذي دعى فيه الشعب الإيراني للانقلاب ضد النظام حيث خاطبهم قائلاً: « بينما نحقق أهدافنا العسكرية فأننا نعبد الطريق أمامكم لتحقيق حريتكم...لقد آن الأوان لتتوحدوا حول راية وأرث تاريخي واحد لتستعيدوا حريتكم من النظام القمعي الشرير».  هنا يجب التحذير من مثل هذا السيناريو الذي يمكن أن تكون عواقبه وخيمة على العراق والمنطقة على الرغم من علمي بأن الكثيرين ربما سيفرحون ويهللون لحصول ذلك وبالتالي ينتقدون، بل ويهاجمون كل من يحذر من ذلك. فما هي الأسباب التي تدعو للتحذير من عواقب سقوط النظام الإيراني؟

1. التهديد النووي. فعلى الرغم من أن احتمالات التلوث النووي نتيجة قصف المفاعلات الإيرانية حاصلة حتى وأن لم يسقط النظام، الا ان المخاطر النووية ستكون أكبر بكثير في حال سقوط النظام مما هي عليه في حال بقي النظام. فلن تعود المسألة تتعلق فقط باحتمالات التلوث الإشعاعي، وهي تهديدات شديدة الخطورة على العراق وكل دول الجوار، لكنها ستمتد الى ابعد من ذلك حيث تمتلك إيران مخزونات كبيرة من اليورانيوم المخصب فضلاً عن امتلاكها المعرفة اللازمة لتصنيع أسلحة نووية. وفي سيناريو هوليوودي ممكن فأن هذه الإمكانات وهذه المخزونات يمكن ان تصبح خارج السيطرة بعد سقوط النظام. تصوروا مثلاً لو أصبح كل ذلك تحت سيطرة ميليشيا معينة أو تجار سلاح او غير ذلك!

2. النزوح والهجرة. يبلغ نفوس إيران حوالي 85 مليون نسمة يعيشون تحت نظام شمولي في ظروف صعبة. وقد شاهدنا سابقاً موجات النزوح الكبرى التي يمكن أن تحصل في ظل سقوط الأنظمة وانهيار منظومات الأمن والاقتصاد. وبما ان العراق يمتلك حدوداً طويلة وغير ممسوكة جيداً فضلاً عن العلاقات الاجتماعية والدينية،فأن من المتوقع استقبال ملايين المهاجرين من إيران وهو ما سيشكل ضغطاً امنياً واقتصادياً لا يمكن للعراق ولا حتى دول المنطقة الأخرى تحمله.

نظام بديل

3. التهديد الأمني. حتى لو افترضنا ان عملية السيطرة على ايران بعد سقوط النظام الحالي ستكون سهلة، فستثار أسئلة كثيرة عن طبيعة النظام البديل، وأهليته لمسك زمام الأمور وبخاصة الأمنية ومنعها من الانفلات. أقول، حتى لو حصل ذلك فعلينا ان لا ننسى ان هناك كثير من الفصائل المسلحة والمدربة والتي لديها تمويل جيد كانت تعمل تحت مظلة النظام الإيراني ومسيطر عليها من قبله. فماذا سيحصل لتلك الفصائل بعد ان تفقد بوصلتها وماهي انعكاسات ذلك على الواقع الأمني في العراق؟! قد يجادل البعض ان تلك الفصائل ستختفي لكن ذلك احتمال ضعيف بخاصة في ظل ما باتت تلك الفصائل تمتلكه من قوة ونفوذ غير قليلَين. من جهة أخرى فأن انهيار المنظومة الأمنية الإيرانية بعد سقوط النظام هناك سيترك حدود برية وبحرية طويلة بدون حراسة مما يضاعف من أمكانيات تهريب السلاح والمخدرات وكل شيء من إيران باتجاه العراق ودول المنطقة.

هذه هي بعض الاحتمالات السلبية الممكنة على الأمن الوطني العراقي أذا ما حصل هذا السيناريو الذي قد يهلل له البعض وهي احتمالات خطيرة على المجتمع والاقتصاد والامن العراقي. مع ذلك ينبغي القول ان على لنظام الحالي في ايران ان يراجع كل سياساته وسردياته واولوياته التي من الواضح انها باتت تهدد وجوده وليس فقط وجود الآخرين كما كان يحصل طيلة السنين السابقة. ان الانتقال من نظام «الثورة» الى نظام الدولة والتخلي عن فكرة تصدير الثورة هو أول ما يجب على النظام ان يفعله قبل فوات الأوان. كما عليه ان يدرك ان الخبز اهم لكرامة الانسان من السلاح وان الدول التي تعيش في القرن الحادي والعشرين عليها ان تتبنى سرديات هذا القرن وليست القرون التي سبقته. حفظ الله العراق وشعبه -كل شعبه – من كل مكروه وجعلها برداً وسلاماً على كل البشرية في كل اصقاع الأرض وبلدانها.

 


مشاهدات 44
الكاتب منقذ داغر
أضيف 2025/06/17 - 3:41 PM
آخر تحديث 2025/06/18 - 9:23 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 302 الشهر 11572 الكلي 11146226
الوقت الآن
الأربعاء 2025/6/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير