اندلاع الحرب الإسرائيلية – الإيرانية: سيناريوهات ما بعد الانفجار الكبير
وليد الحيالي
في لحظة كان العالم منشغلاً بصراعات أوكرانيا وأزمات الطاقة وتحديات المناخ، جاء الانفجار الكبير: اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، ليقلب ميزان الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط رأسًا على عقب. لم تكن هذه الحرب مفاجئة بالكامل، لكنها جاءت كتحققٍ دامٍ لتراكمات طويلة من التوتر، وحرب ظلّ امتدت لعقود عبر الاغتيالات، والهجمات السيبرانية، والتجاذبات في مسارح مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن.
أولاً: من ميدان المعركة إلى الجبهة العالمية
الحرب في جوهرها ليست محصورة بين دولتين. فإسرائيل تدخل المعركة محمية بترسانة متطورة، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وربما مباركة ضمنية من بعض العواصم الغربية، في حين أن إيران تخوضها كحرب وجود، مدفوعة بإيديولوجية الثورة وتاريخ طويل من الحصار والمجابهة.
المتوقع؟ أن تنتقل الحرب من مجرد تبادل ضربات جوية إلى ما يشبه “حرب المحاور”: حزب الله يفتح جبهة الجنوب اللبناني، الحوثيون يهددون الملاحة في باب المندب، والمليشيات في العراق وسوريا تتحول إلى بيادق نيران.
ثانيًا: الخليج على صفيح ساخن
الخليج العربي سيكون المسرح الأكثر هشاشة. فإيران تدرك أن مفاتيح الضغط الكبرى تكمن في استهداف الاقتصاد النفطي العالمي، عبر مضيق هرمز، وعبر إرسال رسائل أمنية للموانئ والمنشآت الخليجية. ومع كل صاروخ يسقط في عمق الخليج، تتقلب أسعار النفط، وتترنح الثقة بالاستقرار العالمي.
لكن في المقابل، فإن أي تورط علني من بعض الدول الخليجية في دعم الحرب قد يجعلها هدفًا مباشرًا، ويعيد خريطة التحالفات العسكرية إلى مرحلة ما قبل “اتفاقات أبراهام”.
ثالثًا: الهامش الشعبي والغضب العربي
ما قد يغيب عن تقديرات بعض العواصم هو المزاج الشعبي في المنطقة. الشارع العربي، الذي كان ساكنًا تحت رماد الإحباط، قد يستفيق على وقع هذه الحرب، خصوصًا إذا اتخذت طابعًا عقائديًا أو تم تسييسها طائفيًا. الانتفاضات الشعبية قد تعود، ولكن هذه المرة ليس لأجل إصلاح اقتصادي، بل كرد فعل على الحرب والخذلان الإقليمي.
رابعًا: النظام العالمي… على المحك
ليس من المبالغة القول إن هذه الحرب قد تشكّل نواة حرب إقليمية كبرى، وربما شرارة لحرب عالمية بالوكالة، خاصة إذا اشتبكت المصالح الروسية والصينية فيها – ولو بطريق غير مباشر.
الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه في مأزق أخلاقي واستراتيجي. إما أن يواصل دعم الحليف الأمريكي والإسرائيلي، أو أن يغامر بمبادرة وساطة تفشل أمام نيران السماء.
وأخيرًا: هل من مخرج؟
الحرب الإسرائيلية–الإيرانية قد لا تنتهي بنصر حاسم لأي طرف، لكنها ستخلف:
• دمارًا ماديًا واسع النطاق.
• اضطرابًا جيوسياسيًا في المنطقة.
• تعزيزًا للأصوات المتطرفة على حساب الاعتدال.
• وإرثًا دمويًا سيعقد أي مشروع سلام مستقبلي.
لكن في زمن الكوارث الكبرى، قد يظهر بصيص أمل. فالحروب – كما علمنا التاريخ – قد تكون أحيانًا بداية لإعادة رسم المسارات، شرط أن يكون في الأفق من يقرأ الخرائط بعيون العقل، لا بغرائز الانتقام.