عقيدتنا الجويّة أم الأجوائيّة؟

فاتح عبدالسلام

 بعد عشرين سنة وأكثر، بات الكلام عمليا وفعليا عن حاجة العراق لحماية أجوائه من الاختراقات المقصودة او العرضية، وكأننا نبدأ من الصفر بالرغم من وجود منظومات معينة. هذه ليست حقيقة جديدة، الجميع يعرف انّ البلاد ليست لها إمكانية حماية الأجواء بإمكاناتها الذاتية، وانّ البديل الوحيد كان يمكن ان يحصل من خلال اتفاقية قابلة للتنفيذ والالتزام مع الولايات المتحدة بوصفها الدولة التي تسلمت ملف العراق بالكامل مع نيسان 2003

ليس هناك داع للحديث اليوم عن نشر منظومات دفاع جوي عراقية، يعرف المختصون انها لا تستطيع ان تتعامل مع الطيران المتفوق لمقاتلات اف 16 واف 35 وسواها، بل انّ العراق قد يتعرض لضربات جوية من رد فعل فوري من قبل الطيارين الذين يعبرون الأجواء لضرب اهداف في إيران، اذا شعر الطيّارون بفتح رادارات مضادة لهم من اية جهة كانت.

تسليح الجيش العراقي مرّ باختبار عسير حين فقد الجيش بعض قوته وعتاده في احتلال تنظيم داعش مدناً في غرب البلاد، ثمّ جرى بعد ذلك إعادة التجهيز، لكنّه تسليح غير مصمم لمواجهة حروب كبيرة أو تداعياتها كالتي تجري بين إسرائيل وإيران.

إعادة النظر في العقيدة الدفاعية للجيش، تعني قيام استراتيجية جديدة ينبغي بحثها لتأمين البلاد ضد الاخطار، فاختراق الطائرات الإسرائيلية واختراق المسيّرات والصواريخ الإيرانية للأجواء العراقية سيبقى أمراً مستمراً في هذه المعارك الأخيرة أو سواها مادامت أسباب الصراع مستمرة وذات الأنظمة قائمة، فلا وزن للعراق في حسابات إيران وإسرائيل حين تتصل الأوضاع والتطورات بالأمور الاستراتيجية الخاصة بهما أو بأحدهما. هذا كله في كفة، والعجز السياسي طوال هذه السنوات العشرين، وعدم سماح التشققات الفرعية قيام هوية وطنية قوية في كفة أخرى.

العراق في معادلات لا تخصه لكنه أساسي لها، وحتى يستطيع إيجاد العناصر السيادية الخاصة به، وليس من خلال القوة والتسليح والجيوش، فذلك ليس حلا في زمن هناك تفوق عسكري لا يعد ولا يحصى من دول أخرى، وانما من خلال رسم سياسات وعقد اتفاقيات، دولية وإقليمية ومن خلال رؤية للبلدان الحديثة في وضع شعوبها ومستقبلها على سكة البناء والتنمية وتحسين شروط الحياة للناس.