الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
كندا تحت الضغط وصراع العملاقين يهدد مستقبلها الاقتصاد

بواسطة azzaman

كندا تحت الضغط وصراع العملاقين يهدد مستقبلها الاقتصاد

سوزان ئاميدي 

 

في مشهد 2025 المتقلب، تجد كندا نفسها تسير في مسار محفوف بالمخاطر بين قوتين عالميتين: الولايات المتحدة والصين. هذه الحالة ليست مجرد انعكاس للتوترات الجيوسياسية الواسعة، بل اختبار حقيقي لمرونة الدبلوماسية الكندية وقدرتها على الصمود الاقتصادي.
كان فرض إدارة ترامب لتعريفات جمركية مرتفعة على الواردات الكندية خطوة استراتيجية تهدف إلى معالجة عجز التجارة الأمريكية والضغوط السياسية الداخلية. رد أوتاوا بتدابير مماثلة، وكان ذلك ضرورياً للدفاع عن مصالحها الاقتصادية، لكنه أدى إلى فترة طويلة من التوتر والشكوك في العلاقات الثنائية. هذا النزاع التجاري المتصاعد يكشف هشاشة الروابط التي كانت مستقرة سابقًا بين الجارين، ويثير تساؤلات حول مستقبل الاقتصاد الكندي.
في الوقت نفسه، دخلت الصين على خط النزاع بفرض رسوم انتقامية على صادرات كندا الزراعية الحيوية، مما زاد من تعقيد الوضع. ومع ذلك، أبدى الطرفان واستعداداً للحوار، مما يعكس إدراكاً مشتركاً بأهمية التعاون الاقتصادي رغم الخلافات. وهذا يشير إلى استراتيجية كندية واضحة لتوسيع شراكاتها بعيداً عن الاعتماد التقليدي على السوق الأمريكية.
برز قطاع الطاقة كنقطة محورية في إعادة رسم العلاقات، إذ أظهرت كندا مرونة عملية عبر زيادة صادرات النفط إلى الصين عبر خط أنابيب “ترانس ماونتن”. هذه الخطوة تمثل محاولة محسوبة لتقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على شريك اقتصادي واحد وسط تصاعد حالة عدم اليقين الدولية.
مع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، سواء من القيود الصينية على بعض الصادرات الكندية أو التوتر المستمر مع واشنطن، خصوصاً في ظل اقتراب إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. هذه المعادلة المعقدة تتطلب من كندا موازنة دقيقة بين مصالحها الاقتصادية والسياسية للحفاظ على سيادتها واستقرارها الاقتصادي.
في الختام، تمثل وضعية كندا في 2025 نموذجاً للتحديات التي تواجه الدول المتوسطة في عالم يتزايد فيه التنافس الاستراتيجي بين القوى العظمى. وستحدد قدرة كندا على تحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة مسارها الاقتصادي ومكانتها السياسية في السنوات المقبلة.
انعكاسات على الشرق الأوسط
ورغم أن هذا الصراع الاقتصادي يبدو ظاهرياً بعيداً عن منطقة الشرق الأوسط، إلا أن تداعياته قد تمتد بشكل غير مباشر إلى قلب التوازنات الإقليمية. فالتقلبات في سوق الطاقة العالمي، والتحولات في تدفق الاستثمارات والتجارة، تؤثر على اقتصادات تعتمد بشكل كبير على التصدير النفطي والاستيراد من الأسواق العالمية. كما أن إعادة تشكيل التحالفات الاقتصادية قد تفتح الباب أمام فرص جديدة أو تهديدات إضافية، مما يضع دول المنطقة أمام تحدي إعادة تقييم تموضعها الاستراتيجي في ظل عالم تتغير فيه موازين القوى بسرعة.
خاتمة
إن تجربة كندا وسط هذا الضغط الثنائي بين واشنطن وبكين لا تعكس فقط معاناة دولة تبحث عن توازن اقتصادي، بل تشكّل مرآة لواقع دول كثيرة تجد نفسها في موقع حساس بين القوى العظمى. وفيما تتجه مراكز القرار العالمية إلى إعادة رسم خرائط التحالفات والتجارة، فإن الشرق الأوسط لن يكون بمنأى عن هذه التغيرات، بل سيكون جزءًا فاعلاً أو متأثراً بها، حسب قدرته على التحرك بمرونة وذكاء في لحظة مفصلية من النظام العالمي .


مشاهدات 80
الكاتب سوزان امیدی
أضيف 2025/06/07 - 4:44 PM
آخر تحديث 2025/06/07 - 11:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 425 الشهر 5797 الكلي 11140451
الوقت الآن
السبت 2025/6/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير