دروس من رسالة المدرسة السنغافورية

محمد الربيعي

تنتشر هذه الايام عبر مواقع التواصل الاجتماعي رسالة مؤثرة من مدرسة في سنغافورة الى اولياء الامور، خلاصتها كالتالي:

«مع اقتراب الامتحانات، يتزايد قلقكم بشان اداء ابنائكم، وهذا امر مفهوم. لكن تذكروا جيدا ان كل طالب فريد من نوعه، يمتلك مواهب وقدرات مختلفة. فبين تلاميذنا ستجدون فنانين لا يشترط ان يتقنوا الرياضيات، ومبدعين قد لا يكون اتقان التاريخ ضروريا لمسيرتهم، وموسيقيين لا يعتمد تفوقهم على درجات الكيمياء، ورياضيين صحتهم ولياقتهم البدنية تفوق اهمية علاماتهم في الفيزياء. اذا حصل ابنكم على درجات ممتازة، فهذا رائع ويستحق التقدير.

اما اذا كانت نتائجه اقل من المتوقع، فلا تجعلوه يفقد ثقته بنفسه او يشعر بالاهانة. طمئنوا ابناءكم بان هذا مجرد امتحان واحد، وان هناك امورا اهم بكثير في الحياة تنتظرهم. اخبروهم بوضوح انكم تحبونهم مهما كانت علاماتهم، وان حكمكم عليهم لن يكون بناء على ارقام الاختبارات. فدعمكم وتشجيعكم هم المفتاح الحقيقي لنجاحهم. تذكروا ان امتحانا واحدا او علامة سيئة لن تسرق منهم احلامهم او مواهبهم الكامنة.»

هذه الرسالة تداولتها العديد من وسائل الاعلام والمواقع التعليمية في السنوات الاخيرة، ونسبت بشكل واسع الى مدارس سنغافورية او لربما في دول متقدمة اخرى، للدلالة على نهج تربوي متطور يركز على شخصية الطالب وقدراته المتنوعة، وليس فقط على التحصيل الاكاديمي. الرسالة تعكس فلسفة تربوية ايجابية تسعى الى:

* تخفيف الضغط النفسي عن الطلاب والاهالي خلال فترة الامتحانات.

* تقدير المواهب والقدرات المتنوعة للاطفال، وعدم حصر النجاح في المسارات الاكاديمية التقليدية (كالهندسة والطب).

* بناء الثقة بالنفس لدى الاطفال، حتى لو كانت نتائجهم الاكاديمية ليست مثالية.

* تعزيز الدعم الاسري غير المشروط، وايصال رسالة حب وتقبل للطفل بغض النظر عن ادائه في الامتحان.

سواء صدرت هذه الرسالة حرفيا من مدرسة سنغافورية معينة ام لا، فان المحتوى الفلسفي والتربوي الذي تحمله يمثل نموذجا للتفكير المتقدم في التعليم الذي يسعى لتحقيق التوازن بين التفوق الاكاديمي وتنمية الشخصية الشاملة والمواهب الفردية.