أصدقاء كبار نفتقدهم
قاسم حسين صالح
□ الدكتور جلال الماشطة، الكاتب الصحفي والاعلامي الكبير عمل في راديو موسكو، وراديو سويسرا، رئيس مكتب جريدة الحياة ،ومترجم لروائع من الكتب الأدبية والفلسفية، وناشط بارز بين الهيئات الدبلوماسية العربية والروسية وو...، شغل منصب المستشار الأعلامي والسياسي لرئيس الجمهورية الراحل جلال الطالباني حتى عام 2012..وسفيرا لجامعة الدول العربية في موسكو.ما كنت اعرفه شخصيا.. تفاجأت باتصاله هاتفيا قائلا: ستكون سيارة بانتظارك قرب تمثال الملك فيصل.
دخلت المنطقة الخضراء للمرة الأولى. جلست. قال: انا توقفت عن الشرب لأسباب صحية..بس بيت السبع ما يخلى من العظام..شتحب تشرب؟. قلت له: قهوة.
عرض عليّ ان اكون في شبكة الأعلام العراقي فاعتذرت. سافرنا معا الى السليمانية لحضور اول مؤتمر دولي للعراق ،وكان هو ممثلا لرئيس الجمهورية..وكان صديقا استثنائيا في اخلاقه وتواضعه وثقافته وتاريخه النضالي.
توفي في موسكو بعد ان بقي أسابيع في غرفة الأنعاش بسبب عجز كلوي وتوفي في (26 نيسان 2016) بعمر 72 عاما.
سلاما ابا فارس..لك الذكر الطيب وستبقى في ذاكرة محبيك والوطن.
ودعوة لأهل مدينة الحلة التي ولد فيها عام 1944 ...لعمل تمثال له.
□
□ الدكتور مهدي الحافظ. كان اول لقاء به في بيت عدنان الباججي بشارع الأميرات في المنصور. كنت اترأس وفدا جامعيا رفيع المستوى (بينهم الراحل الدكتور حسين امين الذي اتصل بي هاتفيا طالبا ان يكون ضمن الوفد).
كنا نطالب بمساواة اساتذة الجامعات في العراق باقرانهم في دول الخليج.فسألني الدكتور عدنان (عضو مجلس الحكم). كم تريدون؟ قلت له..نرجع الى السبعينات ..كان يتقاضى فيها الاستاذ الجامعي 500 دينار عراقي ..تعادل في وقتها 1500 دولارا.
كان مهدي الحافظ وزيرا للتخطيط..جالسا قبالتي، فقال : نرجو ان تكون طلباتكم معقولة ،ولعلمكم ..ان العراق بلد فقير.
استفزني..انفعلت..وضعت رجلا على رجل وخاطبته بحدة: الذي اعرفه عنك انك درّست بجامعات في بلدان متخلفة واخرى متقدمة، وان الأستاذ الجامعي فيها مقدر ومحترم. وتعرف جيدا ان الأستاذ الجامعي في امريكا مقدم حتى على عضو الكونغرس، وان الرئيس الأمريكي اذا انتهت مدة ولايته يخير بين ان يكون محاميا او استاذا جامعيا.
وما لا تعرفه ياسيد وزير التخطيط ..ان الأستاذ الجامعي في سنوات الحصار باع كتبه وعمل سائق تكسي ليعيل عائلته..ولم يغادر العراق...قلت العبارة الأخيرة وسبابة يدي سددتها نحوه.. فانكمش وعرق وجهه..ولحظتها التفت نحوي عدنان الباججي ضاحكا وقال: دكتور قاسم..يبين الدور راح يجيني!
لحظة انفض أللقاء تقدم نحوي الدكتور مهدي ووضع يده بيدي وقال: شسويت بيّ دكتور قاسم!.. وصرنا اصدقاء نلتقي في امسيات ويحكي لي عن نواب زمانه.
مهدي الحافظ ..ولد في الديوانية عام 1943 وتوفي عام 2017..ولأنه جميل الوجه وحلو الأبتسامة..فمازحته له بطريقة كما لو كنت على يقين ..اشك انك من اهل الديوانية..فهم ملحان مثلنه احنا اهل الناصرية!
الذكر الطيب لكما ..جلال الماشطة ومهدي الحافظ.. ودعاؤنا بالرحمة والمغفرة.