الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
متى يتّعظ المسؤول؟

بواسطة azzaman

نقطة ضوء

متى يتّعظ المسؤول؟

محمد صاحب سلطان

 

قد تكون الإجراءات المتخذة للحد من نشاطات الفئات الضالة، ممن يوغلون في الأذى للإقتصاد العراقي، محدودة وضعيفة لإسباب عدة، أبرزها ضلوع بعض مسؤولي الدوائر المسنودين من جهات، تعددت ألوانها وتشابهت أفعالها، في الهدر والإيذاء والهيمنة والتأثير على القرار الحكومي، ممن يتناغمون مع أولئك الفاسدين، بل لنقل وبصراحة تامة، إن (بعضهم) هم من يوجهون أولئك الفاسدين، ويجعلون منهم واجهات تنفيذية لمرام ومصالح المسؤولين أنفسهم، مع توفير الحصانة لهم، ومنع الإقتراب منهم ومن أعمالهم، حتى باتت الأمور تتخذ مسارات سيئة، وتزداد سوءآ كلما ضعفت الرقابة، وتلاشت المحاسبة، بيد إن تلك الممارسات ما عادت خافية على أحد، بل وصل الحال بالفاسدين الى التصريح العلني عن أفعالهم الدنيئة من دون وجل أو خوف، وكأن ما يقومون به، أضحى شيئا مشروعا، وعملا مقبولا، لابد من السير فيه، والإستمرار في أذى الآخرين، ولفظ كل ما من شأنه، أن يقول لهم، ذرة نقد أو نصيحة!، فهم لا يسمحون أن يقال لهم حتى (على عينك حاجب)!.

وكثيرة هي الشواهد، التي راح ضحيتها الابرياء، ممن توهموا بديمقراطية المسؤول وشفافية عمله المبهمة، فأصبحوا عبرة لغيرهم، ممن يرومون المواجهة والتحدي وقول الحقيقة، سواء أكان هؤلاء من داخل مؤسسات العمل أم من خارجها، ممن أوصلوا حقائق التلاعب والغش والفساد لبعض وسائل الاعلام، أو من الزملاء العاملين في الوسط الاعلامي نفسه، بعضهم من لقي حتفه بحادث مدبر، وآخرون أضحوا وراء الشمس، بإختطاف فاعله مجهول!، أو بإسكات الأصوات من خلال التلويح بقطع الارزاق والنيل من الكرامة والسمعة بمشوهات بغيضة يندى لها الجبين، أو  لجمهم بمغريات تسيل لعاب الضعفاء، من الذين يخشون العودة لجوعهم المزمن.

بيد أن كل شئ أضحى ممكنا وسهل الحدوث ،ما دام الفاسدين وحدهم في الساحة، يحرقون الملايين كما يشعل عود الكبريت رأس السيكارة! وهذا الأمر أصبح معتادا، عندما تزاوجت رموز المتلاعبين بسلطة موقع الوظيفة العامةمع رموز الفساد، وما عاد الناس يفرقون بين هذه وتلك، سوى بتغيير الرداء والطلة وتسريحة الشعر المزروع حديثا!، والسيارات الفارهة التي ما عدنا نعرف أنواعها حتى تستبدل، فضلا عن مظاهر الثراء الفاحش التي يتمرغل بها أولئك، مثلما تتباهى بها (قيادات الظل) من العشيقات والمتلاعبات بالعقول في الليالي الحمر!، فالمسؤول، أيا كان موقعه أو توصيفه الوظيفي، إذا ما إستخدم سلطته بصلاحياتها الكيفية المزاجيةالتي لا يحدها قانون، بل يستخدمها ضد القانون نفسه، فيتلاعب بمرؤسيه وبمقدرات مؤسسته كيفما يشاء، معتمدا على شلل عاجزة عن مواجهته ،ولكنها خير من يلبي رغباته ونزعاته ونزواته، نجده يتفرعن، بل لا يطيق سماع صوت آخر، إلا صدى صوته، لذلك نجد شلته لا تنطق إلا بمفرداته، ولا تفكر إلا بما يرغب فيه، وهنا يبرز دور بطانة السوء في فتح مغاليق الشخصية الشرهة المدفونة بداخله، فيقربون أولياء نعمتهم، من المتحينين الفرص لإسقاط أي مسؤول، لا يسير على وفق هواهم، وهنا تفتح الابواب على مصراعيها، لشخص يحاول التشبث بموقعه، وآخر يرى في إكتناز المال الحرام والسعي لتراكمه، هدفا، لا بد من الاستمرار في تحقيقه، حتى لو إنطبقت المصالح على المبادئ، وأخرجت كائنا يتنفس هواء الفساد ويعيش على غذاء الحرام، وتلك هي غصة البلعوم التي نعيشها، جراء هذا التزاوج المقيت، فما بين المسؤول والفاسد، وشائج عمقتها المصالح المتبادلة، المفيدة لهما والمضرة للمجتمع، وفي هذه الحال نتسائل وبحرقة الملهوف على المصلحة العامة:

يا ترى، متى يتعظ ويعي المسؤول دوره؟، الذي يفرضه موقعه الوظيفي والاعتباري وصلاحياته التي أقرها القانون الحاكم لمؤسسته التي يديرها، ولا يشرك بها إلا من له الحق في ذلك، وأقصد المواطن الذي يفترض أن يخدم، لا أن يخدم الفاسد!، وتلك لعمري أمنية، ما زالت معلقة في الهواء، نأمل لها النزول على أرض الواقع!.. جنبنا الله وإياكم مزالق الفساد والمفسدين.

 


مشاهدات 735
الكاتب محمد صاحب سلطان
أضيف 2025/05/24 - 1:23 AM
آخر تحديث 2025/06/01 - 2:00 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 145 الشهر 145 الكلي 11134799
الوقت الآن
الأحد 2025/6/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير