الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الموسيقى وطلاب المدارس

بواسطة azzaman

الموسيقى وطلاب المدارس

ماهر نصرت

 

منذ أن كنّا طلاباً صغاراً تفيض نفوسنا بالبراءة والعفوية ونحن في كنف آبائنا حيث الطمأنينة والسلام سمعنا في مدرستنا ألحانُ خالدة ، مازال صداهh يشدوا في آذاننا فقد منحتنا الموسيقى المدرسية التي كانت مخصصة مع مناهجنا الدراسية آنذاك الأمل والجمال وحب الآخرين.

حتى رسمت لنا تلك الأيام المدرسية الجميلة مستقبلاً جميلاً مفعماً بالمودة والتآلف وسريرة النفس قبل أن تأتينا وحشية الحروب وما صحبته من دمار ورعب .

لقد تأثرت نفوسنا بتلك النغمات العذبة وجنحت أرواحنا مراتٍ ومرات مع روعة إلحانها وصدق رسلها وقد حصل هذا كله عندما كانت الموسيقى هي حصة أساسية من حصص دروسنا قبل خمسين عاماً .. كان درساً جميلاً  ينقلنا إلى عالم فيروزي مجسم ، عالم من الجمال والسعادة التي لاتوصف ونحن نسمع نغمات تلك الأوتار الشجية التي تمنحنا السعادة والانشراح وهي تنطلق من آلة العود التي بصحبة معلم الموسيقى الأستاذ الفاضل عبد اللطيف رحمه الله  .

كنا ننتظر درس الموسيقى ذاك بشوقٍ كبير ويأتي المعلم والابتسامة تلاصق شفتيه مستصحباً معه العود تلك الآلة الخشبية العجيبة التي كنا نراها ونتلمسها بحذرٍ شديد خوفاً من خدشها وعندما يبدأ درسه الموسيقي الجميل تغدو نفوسنا ملهمة وهي تتلقى طاقة ايجابية من خلال اللحن الرائع الذي تطلقها أوتار تلك الآلة الساحرة ونحن ننشد معه الأغاني الوطنية  بفرحٍ غامر وسعادة لاتوصف . أن الموسيقى المعتدلة تغذي الروح وتمنحها ثمة نسمات من الأمل والسعادة والطمأنينة ولا ندري لماذا الغيت تلك المادة الجميلة من الحصص الدراسية لطلاب المراحل الأولى نهاية السبعينيات وحرمت الأجيال اللاحقة من ذلك الدرس المشوق .

اننا نعلم بأن اكثر دول العالم لديهم حصص في الموسيقى وضعوه في اساسيات مناهجهم الدراسية ولا يوجد هناك في الكتب السماوية أو حديث نبوي يُحرّم الموسيقى أو يطعن بها بهذا الشكل العنيف الذي جائنا به بعض المتفلسفين من رجال الدين عن طريق فتاوى شخصية ثبت خطأها عبر الزمن ، فالموسيقى عطاء إلهي للبشرية ممكن ان تستعمل للخير وللشر بالوقت نفسه وهي تُستغل لخدمة الإنسان وإسعاده او تُستغل للأضرار به أو تعاسته ، فكل عملٌ ممكن أن يُستغل للخير وللشر بالوقت نفسه ، حتى الرياضة حرام عندما تُستغل بالمراهنات الأقرب الى القمار  .

لاشك بأن درس الموسيقى هو من المحفزات الروحية التي يوصي بها علم النفس لأغراض التنمية الذهنية والراحة النفسية فالموسيقى بالنسبة لطلبة المراحل الابتدائية هي عنصر مهم لبناء الفكر وترقيته بعد أن تتلقى عقول التلاميذ الفتية تلك النغمات الجميلة فتعمل على إفراز هرمون السعادة والرغبة على العطاء كما يفعل الألمان والانكليز في معالجة مرضاهم بالموسيقى ، وكما تفعل الدانمارك في زيادة ادرار حليب ابقارهم بعد اسماعهم الموسيقى ، هذا بالإضافة إلى ان تلك الإلحان الشجية تنشر الحب والتآلف والمودة بين نفوس التلاميذ وتتلاشى لديهم نزعة العدائية والطائفية والكره وإيذاء الغير مع الايام فالموسيقى بمقدورها ان تحول الإنسان من وحش كاسر إلى كائن مسالم مسامح يحب الآخرين  .

إننا  ندعوا أخصائيي علم النفس وعلم الاجتماع أن يبحثوا في هذا الأمر ويقدموا دراساتهم  الواسعة لوزارة التربية والتعليم عسى أن يضيفوا حصة موسيقية الى مناهج المدارس الابتدائية على وجه الخصوص بل حتى المتوسطة والإعدادية لتهذيب النفس من خلال ذلك العمل الحضاري المتقدم أسوة بالدول المتحضرة مثل ألمانيا واليابان فنرى ان هناك فرقاً واضحاً بين سلوك تلاميذهم المسالمين مع سلوك تلاميذنا المبني على أساس العداء والمغالبة وحب التسلط والسيطرة على الغير فالدروس العلمية والاجتماعية وحدها لاتكفي لعملية تهذيب النفس وتبييض ضمير طلبتنا إلا إذا امتزجت معها دروس معززة بالفن والموسيقى التي تمنحهم الحب والمودة وبذلك نقضي على العداء المجتمعي في مهده ونرتقي بأجيالنا نحو التآخي والتلاحم والبناء  .


مشاهدات 41
الكاتب ماهر نصرت
أضيف 2025/05/06 - 3:22 PM
آخر تحديث 2025/05/07 - 3:35 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 1092 الشهر 8476 الكلي 11002480
الوقت الآن
الأربعاء 2025/5/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير