الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سد بخمة تشغيله يبطل التيمم

بواسطة azzaman

سد بخمة تشغيله يبطل التيمم

جمعة الدراجي

 

ان من اهم أولويات الدول  في حماية النظم البيئية اهتمامها بإنشاء السدود وتحسين كفاءة أنظمة الري وتطوير السياسات الخارجية والداخلية لحماية الموارد المائية بالتوجه لعقد بروتوكولات وفق قواعد وقوانين المياه ومحتكمة  الى الاتفاقيات الدولية المختصة بالمياه مثل اتفاقية هلسنكي لسنة 1992 او اتفاقية الانهار العابرة للحدود الدولية للأغراض غير الملاحية لسنة 1997 ، وهذين اهم اتفاقيتين دوليتين لتنظيم المياه بين البلدان المتشاطئة . وأي خلاف في تقاسم المياه بين البلدان هناك مرجعيات مشتركة وديناميات على المستويات الوطنية والدولية للعمل على التشريعات بسن القوانين البيئية واستدامة مصادر المياه بما يؤمن توفير عنصر المياه للحفاظ على النظام الهايدرولوجي بتوزيع عادل إلى كافة المواقع الجغرافية المستخدمة للمياه التي تتطلب جريان مستدام للمياه  .

ولأن النظام الهايدولوجي في العراق اقرب ما يكون متكامل من الشمال إلى الجنوب لذا تعد السدود والخزانات والنواظم وقنوات التسليك والتمرير وحتى الخزين الجوفي مترابطة ومتكاملة وداعمة لبعضها البعض وتحتمل المناورة وسد العجز أينما وجد وهذا ما أدركه السير وليام ويلكوكس عراب مشاريع الري في العراق باقتراح المشاريع الاروائية وتعزيز الأحواض المائية بالتسليك ، وهذا ما طبق  فعليا بتزويد نهر الفرات بالواسطة من حصة الإطلاقات من نهر دجلة .

بما يعزز التطوير وتبادل التحول نحو نهج الاستدامة بالمفهوم الشامل و ما تعمل عليه كافة دول العالم وسط تحديات كبيرة أفرزتها الأبحاث والدراسات بالتأثيرات المناخية على المستقبل القريب مما حدا بعدد من المنظمات الدولية والإقليمية المتخصصة في الأرصاد البيئة ومنها مثلا الاتحاد الدولي لحماية البيئة International Union for Conservation of Nature

(IUCN)  التي تهدف إلى حماية الطبيعة كي تكون حاضنة للأفكار ولمنهجيات الوسائل المبدعة لرفد المجتمعات والحكومات والمجتمع المدني بما يساعدها على تحقيق التنمية المستدامة .

نظام إداري

ويهدف هذا الجهد المعرفي إلى إلقاء الضوء الى مراعاة الاحتياجات البيئية من المياه عند صياغة سياسات توزيع المياه وفق نظام إداري متطور  يضمن استدامة النظام الاكيولوجي ويحقق التوزان المنشود بين استعمالات المياه المختلفة من شرب وزراعة وصناعات واستدامة المناطق ذات النظم البيئية الرطبة

 باعتبار ان السدود اهم العوامل لتعديل الجريانات الطبيعية للانهار  واعتبارها نقطة انطلاق لتنفيذ الجريانات البيئية للوصول إلى اسفل المجاري المائية ( الذنائب ) لتصريف مياه السدود وفق الحاجة بجداول مواسم الجفاف او الهطول المطري والتساقط الثلجي وفق قواعد التشغيل وتوقيتات العناصر المصرّفة وابسط ما يمكن قوله ان السدود الحديثة بتجهيزات تقنية توفر فرصا كبيرة لتنفيذ الجريانات البيئية .

ولأن الأهوار بيئات طبيعية حظيت باهتمام منظمات عالمية من المجتمع الدولي نرى سلب حقها الطبيعي او هناك خطأ بتقدير أهميتها وحجب حاجتها من المياه العذبة بحصة عادلة ومعقولة من المياه وان متخذ القرار المائي اما أن يكون غير مدرك لقيمتها الحقيقية التي تقدمها تلك الأنظمة الى الطبيعة او وقعوا ضمن دائرة تنفيذ السياسات وأجندات تجد مصالحها بجفاف بيئات الأهوار .

لذا نجد ان أولويات التوزيع للمياه تغفل احتياجات تلك النظم إلى المياه ، ومن المهم ان نشير إلى الترابط بين تطوير الطاقات الخزنية في السدود في المناطق التي تقع على الخطوط المطرية والتي فيها انخفاض ملحوظ لدرجات الحرارة وبين النظم البيئية للأهوار التي وجدت في جنوب العراق حيث درجات الحرارة المرتفعة وكأن طبيعة وجودها يحاكي المعادل البيئي لإحداث التوازن الحيوي لخلق بيئات تناسب النظام الأحيائي لدعم معيشة الإنسان من سكنة هذه المناطق. ان الإخلال بالمقدرات التكوينية الطبيعية التي تحتاج تدخل العقل البشري بوضع لمساته لصنع اكبر خزان للمياه في العراق لسد النقص الحاصل للمياه وسط تعطيش عمدي من دول التشارك المائي لا يفسر إلا بضغوط سياسية من نفس تلك الإرادات الدولية الساعية لتعطيش العراق لذا نهيب بالحكومة العراقية ان تقف إلى جانب قوانين الطبيعة لإنقاذ بيئتنا لمراجعة مواقفها ازاء سد بخمة Bekhme Dam الذي يواجه  تجاهلا قصديا من متخذ القرار المائي؟ او قرار التخلي عنه مفروضا من إرادات إقليمية ؟ وتعمد خروج هذه النسخة التاريخية من السدود العراقية المعول عليها لتعزيز الخزين المائي للمنظومة المائية والاصرار على ركونه خارج  الدراسة الاستراتيجية 2015- 2035 واستثنائه من التحديث الأول الذي تعمل عليه الشركة الإيطالية.  اما بعد عام 2003 دخل السد الى اللعبة السياسية كورقة ابتزاز ضاغطة يراد بها مكاسب سياسية او ورقة خلافية تضاف الى الاوراق ذات الطابع الخلافي بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان والمؤجل البت فيها لحين لا يمكن التكهن به . ان انجاز السد يشكل انجازا حكوميا لا مثيل له لو شرعت بتكملته ، لكن الحكومات المتعاقبة رجحت الانصياع إلى اجراءات لا مثيل لها ضد هذا السد . واستخدمت نسق التغافل واحجم كبار المسؤولين بعدم ذكره واعتبار الاصوات المطالبة باعادة العمل به اصوات نشاز . كونه على  رأس المشاريع الاروائية ليشكل اكبر كتلة كونكريتية او اكبر منشأ إروائي في العراق  ، إلى جانب خزان الثرثار كونه منخفض طبيعي بالتناظر .وان ادخل كأهم منشأ اروائي كفيل بمأثور القول تشغيل السد   ( يبطل التيمم ) ويملأ زمزمية الحالات الحرجة للتعطيش المتنامي والجفاف المستمر يوما بعد اخر رغم الموجات الفيضية وغرق المدن بينما سد بخمة تم التخلي عنه وهيكلت تصاميمه من قبل السياسي دون الرجوع إلى رأي الفني.

 

 

 


مشاهدات 29
الكاتب جمعة الدراجي
أضيف 2025/05/05 - 2:54 PM
آخر تحديث 2025/05/06 - 1:10 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 120 الشهر 6186 الكلي 11000190
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/5/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير