أشعار السحر شجون أمرأة من الناصرية
ديوان معبأ وصارخ ضد الأنظمة التي مارست الطغيان للشاعرة كوكب السحر
قاسم ماضي
الشاعرة التي ظلت طوال حياتها حالمة وفي بيئة قاسية تنزف دما بسبب ما مرت به مدينتها ومدن العراق الأخرى
وهي تغوص في عالم مغاير ومختلف ، حتى أن قصائدها في هذا الديوان تكتسي برائحة الثورة والوقوف بوجه الطغاة الذين اهلكوا البلاد .
تقول في إحدى قصائدها المعنونة " بالتأكيد "
هذا الخراب وتلكم الأسباب
من قال فيكم صالح كذاب ص80
رغم التنوع في معظم قصائد الديوان ، فجاءت قصائدها لترسم الواقع العراقي المرير ،
وهي تحاكي هذه الضمائر الميتة لتكون شاهدة على هذا العصر المضطرب ، حتى كان هذا البوح صارخا لكل من حولها .تقول في قصيدة " المرض الغريب "
هل ترك الملائكة العراق
واوكل الشيطان
في الأقدار يعبث ص 75
و شاعرتنا تشحذ المكان بدلالة سياسية ، ولغة مفعمة بالجمال معبرة عن الواقع الذي يحيط بها ،
وتجعلنا نكتشف اسرار لغتها الهادئة ذات الدلالات المكثفة والمحسوبة .
وهنا تقول بقصيدتها المعنونة " المرض الغريب "
رفقا بأطفال العراق
كثيرهم أودى ،
ويلحق من تشبث ص 76
هذه المساحة التي اشتغلت عليها لتضيء درب الطفولة المفقود في بلاد غنية تهاجم الأطفال الذين هم الصوت البشري ، والخزين الإنساني الذي أراده الله سبحانه وتعالى .
كي تسترد جزا بسيطا من قيم الحياة المفقودة في زمن الذكورة الذي هو سائد بين اوساط الأدب .
وهي تكتب ديوانها الاول لتظل شاخصة وحاضرة في عالم الشعراء والأدباء كي تسهم بالتعبير عن ذاتها المستلبة لتحول من قصائدها وسيلة لاختراق هذا العالم الغائم الذي يحيط بها .
وفي إحدى قصائدها تقول "
جعلوك في الخضراء
مصلوبا على وتر النفاق
تدمير شعب عندهم
عسل واحلى في المذاق
لم يخجلوا يوما
ولا ندموا على دمك المراق " ص29
ويبدو ومن خلال الإهداء الذي يستفز القارئ ويحرك مشاعره أزاء التراكمات والمعاناة لما تمر به الشاعرة "بنت الناصرية " مدينة الأدب والفنون "
ومن وجع السنين وما مرت به من ظروف قاسية . ظلت تلامس شغاف قلبها عبر الكتابة التي اختارتها لتكون بديلا عن همومها . لتقول
لن يهنأ النذل وعدا
وهو يسرقني
حتما تقيء دما افواه سراقي ص 18
بعد أن وصلت الحياة كما تقول إلى مرفئ العبور حيث النهاية ، وهو العجزالجسدي والنفسي الذي مرت به " شاعرتنا " الدافئة بمفرداتها والحالمة بغد افضل .
وهنا تقول
" إلى كل من مدً يده إلي بود ورفق ، لكي يمنحني فرصة جميلة ما حلمت بها في يوم من أيام حياتي الطويلة " ومنهم " عبد الكريم الشطري ، علي العتابي ، والشاعر رافد جاسم ، والشاعر حماد الشايع " ص3
في مقدمة الديوان توضح تلك المأساة التي وقعت على هذه الشاعرة أي منذ ولادتها كما عاشت حياتها كما تعيش العراقيات دون اختلاف .
وهي البنت الوحيدة والكبرى مع اربعة ذكور لوالد كاسب وأم تقرأ وتكتب وتعلم القران .
وفي قصيدة بعنوان " لمدينتي " تقول
مدينة لم تزل والشعر يرفعها
أرث الجدود وأهل الفن من رفدوا
فيك الأصالة في أعلى مراتبها
العلم والحزم والإيثار والمدد
فيك المباهج والشطآن عامرة
قبلاً وبعدا ً فلا يحصي لها عدد ص9
هذا الغوص الشعري الذي يشغلها ظلت تراكماته منذ دخولها معهد المعلمات ، وهي تضع بصماتها الأولى ومن خلال مشاركاتها المستمرة بالفعاليات الأدبية .
ولأن الشعر موهبة وصاحبته تميزت بهذه الموهبة عبر تعدد قراءتها الفلسفية والشعرية .
وآخذت من مشاركتها في الأعمال المسرحية الكثير لتصبها في قالب يثير لدى القارئ هذه الأسئلة .
والشيء الأهم في هذه القصائد هو مدينتها الناصرية التي شكلت لديها هذا الآثر الكبير في مخيلتها الهائجة وكأنها تسير على السياب أو بقية الشعراء الذين كتبوا عن مدنهم .ففي قصيدة " ذي قار وفصل الصيف " ص10
الواح ُ طينك لن تجف
تظل تكتب أبجدية
عن نخلة وبظلها
جلست تدندن سومرية
ذي قار ُ من قيثارها
لبستُ إباء َ الاريحية
تقول د. هاشم الربيعي عن المكان في الشعر العربي القديم ، يبني لنا الضغط العاطفي والوجداني ، الذي يضغط به المكان على مخيلة الشعراء القدامى ، ونتج عن هذا الضغط أن اكتسب المكان دلالة رمزية بعد شحنه بمعان ذاتية ، تعبر عن احاسيس الحب والوفاء للمكان ، بوصفه جزءا من هوية القبيلة أو الأمة . تقول في إحدى قصائدها التي عنونتها " يتسابقون "
الفاسدون بطبعهم
لا يشبعون من الفساد ص24
الديوان يضم بين طياته العديد من القصائد المليئة بالشجن والمعاناة ، وكأنها تبحر في بلدها لتصيد هذه الموضوعات الواقعية وتضيف لها هذا الالق من الخيال . والديوان وهو من القطع المتوسط وعن دار نشر " دار المثقف للطباعة والنشر ويقع في93