الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
قمة بغداد العربية.. إختبار الإرادة السياسية في ظل التعقيدات الإقليمية

بواسطة azzaman

قمة بغداد العربية.. إختبار الإرادة السياسية في ظل التعقيدات الإقليمية

محمد عبيد حمادي

 

تتجه الأنظار خلال الأسابيع المقبلة إلى بغداد، التي تستعد لاستضافة القمة العربية في ظل مناخ إقليمي ودولي بالغ التعقيد. فبين أزمات سياسية وأمنية غير مسبوقة تشهدها عدة دول عربية، وبين تصاعد التوترات الدولية، تتجسد أهمية هذه القمة ليس فقط في جدول أعمالها، بل في قدرتها على إرساء مسار جديد للعمل العربي المشترك.

بغداد، التي تبنت خلال الأعوام الماضية سياسة الانفتاح على جميع الأطراف الإقليمية والدولية، تراهن على أن احتضانها للقمة سيعزز موقعها كداعم للاستقرار ومساحة للحوار. ويبدو أن نجاح العراق في تنظيم عدة مؤتمرات إقليمية خلال الفترة الأخيرة، أعطى قناعة لدى العديد من العواصم العربية بجدية التوجه العراقي نحو لعب دور جامع بدلاً من أن يكون ساحة للصراعات.

ومع ذلك، فإن التحديات تبقى هائلة. القضايا المطروحة على طاولة القمة - من الحرب في غزة، إلى الأزمة في السودان، مرورًا بالمأزق السوري والانهيار الاقتصادي في لبنان واليمن - تعكس مدى عمق الانقسامات السياسية بين الدول العربية نفسها. كما أن اختلاف أولويات العواصم العربية، والتباين في الرؤى تجاه ملفات كبرى كالعلاقات مع إيران أو التطبيع مع إسرائيل، من شأنه أن يصعّب التوصل إلى مخرجات موحدة أو توافقية.

نفوذ اقليمي

تأتي هذه القمة أيضًا في لحظة حرجة تشهد فيها الساحة الدولية محادثات متجددة بين الولايات المتحدة وإيران، حول قضايا عدة أبرزها الملف النووي ومستقبل النفوذ الإقليمي الإيراني. ولا شك أن أي تطورات جوهرية في هذا المسار ستترك أثرًا مباشرًا على أجواء القمة، لا سيما وأن دولًا عربية عديدة ترى أن التفاهمات الإيرانية-الأمريكية قد تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط بطريقة لا تراعي بالضرورة المصالح العربية الجماعية.

رغم ذلك، فإن التقديرات الواقعية تشير إلى أن مجرد انعقاد القمة في بغداد، وسط هذه الظروف، يمثل في حد ذاته إنجازًا دبلوماسيًا. كما أن وجود رغبة واضحة لدى العديد من الدول العربية، ولا سيما الخليجية منها، في تقليل مستوى التوترات الإقليمية، قد يفتح الباب أمام توافقات أولية حول ملفات مثل دعم القضية الفلسطينية وأمن الطاقة وحماية طرق الملاحة.

في هذا السياق، تبدو قمة بغداد فرصة لإثبات أن العالم العربي، رغم أزماته العميقة، لا يزال قادرًا على الالتقاء حول أولوياته الأساسية. إن نجاح القمة لن يُقاس بعدد القرارات التي ستصدر عنها، بل بمدى قدرتها على إعادة بناء الثقة بين الدول العربية، وتمهيد الطريق نحو مرحلة أكثر استقرارًا وتعاونًا.

تحديات القمة جسيمة، لكن الفرصة قائمة. والعراق، بدوره، يقف أمام اختبار حقيقي لقدرته على ممارسة دور إيجابي في تهيئة المناخ لحوار عربي أكثر عمقًا ومسؤولية.

 

 


مشاهدات 69
الكاتب محمد عبيد حمادي
أضيف 2025/04/29 - 3:45 PM
آخر تحديث 2025/04/30 - 5:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 289 الشهر 32371 الكلي 10913018
الوقت الآن
الأربعاء 2025/4/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير