الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عدسة تشهد على التاريخ..  محمد الصوّاف مصور في قلب الأزمات

بواسطة azzaman

عدسة تشهد على التاريخ..  محمد الصوّاف مصور في قلب الأزمات

 

«المصور الحقيقي هو مَن يحوِّل عدسته إلى جسرٍ بين الواقع والعالم، يستنطق بلغة الضوءِ وقائعَ الأحداث، ويكشفُ عبر الصورة الصحفيةِ نبضَ، محوِّلاً اللحظاتِ الصامتةَ إلى صوتٍ يُهزُّ الضمير.»  

المصور العالمي يرى العالم كبذرةٍ تحتاج إلى إنبات، مهمته ليست “أخذ صورة”، بل زرع سؤالٍ أو ثورةٍ في عقل المشاهد، باستخدام عدسته كـجسرٍ بين اللامرئي والمرئي.

كما قال ستيف ماكوري/ مصور فوتغرافي أمريكي عالمي: “الصورة العظيمة تُحدّق فيك، لا أنت من تُحدّق فيها”.

منو هو محمد الصواف؟

محمد الصواف مواليد 1984 الكويت ، مصور محترف يعمل  لصالح الوكالة الصحافة الفرنسية منذ عام 2004 ولغاية الان،شارك الصواف في عديد من المهرجانات الداخلية والخارجية وكذلك حصل على دبلوم المدرب عربي معتمد من قبل أكاديمية أوسان كذلك قد شارك في إقامة مجموعة كبيرة من المعارض الفوتوغرافية وتدريب اعداد كثيرة من المصورين العراقيين وايضاً قمت بتحكيم عديد من المسابقات المحلية ودولية.أضاف الصواف حياتي هي رحلة مليئة بالتحديات والتجارب الغنية،  اتميز بقدرة على التقاط أعمق اللحظات الإنسانية والتعبير عنها من خلال عدستي. يسافر إلى مناطق الصراع والأزمات، مخاطرًا بحياته ليوثق الحقيقة ويعكس صورة واقعية للأحداث. يتعامل مع ضغوطات العمل والتحديات النفسية التي ترافق مهنة التصوير في ظروف قاسية، ويبقى ملتزمًا بإظهار الحقيقة من خلال عمله الفني. يتأثر شخصيًا بالأحداث التي يوثقها، حيث تترك بصماتها على نظرته للعالم وتجاربه الحياتية. يسعى دائمًا لنقل القصص الإنسانية بكل صدق وشفافية، مؤمنًا بأن صوره يمكن أن تكون أداة للتغيير والتوعية. في مسيرته، يجمع بين الفن والصحافة، مخلقًا تجربة بصرية تنقل المشاهدين إلى قلب الأحداث، مما يجعلهم شهودًا على التاريخ من خلال عيون مصور يسعى للتعبير عن الحقيقة والواقع

 كيف بدأت مسيرتك في التصوير؟ وما الذي الهمك لدخول هذا المجال؟ 

- بدأتُ مسيرتي في التصوير عندما كنتُ صغيراً، حيث كنتُ مولعاً بالكاميرات بفضل عمي، الذي كان يمتلك كاميرا وأحببتُ مراقبته وهو يستخدمها. كنتُ أدّخر مصروفي اليومي لشراء الأفلام وتحميضها، وكانت متعتي تكمن في رؤية الصور تظهر على الورق لأول مرة.

تحريف الاحداث

مع مرور الوقت، تحوّل الشغف إلى رغبة جادة في توثيق الحياة من حولي. عندما بدأت العمل في الصحافة، كان هدفي أن أنقل الواقع كما هو، دون تزوير أو تحريف. الأحداث التي مرّت بها منطقتنا، خاصة خلال الحروب والصراعات، جعلتني أدرك أهمية الصورة في نقل الحقيقة. أردتُ أن أكون شاهداً على التاريخ، ألتقط لحظات قد لا يراها العالم إلا من خلال عدستي.كل صورة ألتقطها تحمل معها قصة، وكل لقطة تمثل شهادة حية للأحداث التي عشتها وغطيطها. هذا الإلهام المستمر هو ما يدفعني لمواصلة العمل في هذا المجال رغم كل الصعوبات والمخاطر.

 من هم المصورون الذين تعتبرهم قدوة لك ؟ 

- هناك العديد من المصورين الذين تأثرتُ بأسلوبهم ومسيرتهم في عالم التصوير الصحفي، سواء كانوا عالميين أو محليين. من بين الأسماء التي أعتبرها قدوة:

1.روبرت كابا (Robert Capa) – أسطورة التصوير الحربي، الذي علّمنا أن “إذا لم تكن صورتك جيدة بما فيه الكفاية، فذلك لأنك لم تكن قريباً بما يكفي”. أسلوبه الجريء في تغطية الحروب، وخاصة الحرب الأهلية الإسبانية وإنزال النورماندي، ألهمني كثيراً في عملي الميداني.

2.جيمس ناجتواي (James Nachtwey) – مصور بارع في توثيق المعاناة الإنسانية في أماكن النزاعات، صوره تحمل بعداً إنسانياً عميقاً، وهو ما أسعى إليه دائماً في عملي.

3.دون مكCullin (Don McCullin) –  قدرته على التقاط لحظات الحرب والفقر والمآسي البشرية بأسلوب فني جعلني أؤمن أن التصوير ليس مجرد توثيق، بل رسالة قوية.

4.يوسف كارش (Yousuf Karsh) – رغم أنه مصور بورتريه، إلا أن قدرته على استخلاص شخصية الإنسان في صوره ألهمتني لفهم العلاقة بين الضوء والتعبير البشري.

أما على الصعيد المحلي، فأنا أقدّر جهود المصورين العراقيين الذين عملوا وسط المخاطر، ووثقوا الأحداث العصيبة التي مرت بها البلاد. بعضهم لم يُمنح التقدير الكافي، لكن أعمالهم ستبقى شاهدة على التاريخ.

كل مصور ألهمني بطريقة مختلفة، لكن في النهاية، التجربة الشخصية والميدان هما أفضل معلم لأي مصور صحفي.

-كيف تصف أسلوبك في التصوير؟ وما الذي يميزه عن غيره؟ 

أصف أسلوبي في التصوير بأنه واقعي، مباشر، وإنساني. أسعى دائماً إلى توثيق اللحظة كما هي، دون تزييف أو تصنّع، لأنني أؤمن أن الصورة الصحفية الحقيقية هي التي تنقل الحدث بصدقه الكامل، مهما كان مؤلماً أو صادماً.

ما يميّز أسلوبي هو:

1.   لا أحب التصوير من مسافة بعيدة، بل أحاول أن أكون جزءاً من المشهد، أشعر بما يشعر به الأشخاص الذين أصوّرهم. هذا ما يجعل صوري تحمل طابعاً شخصياً وقوياً.

2.   حتى في صور الحرب والدمار، أبحث عن القصة الإنسانية خلف المشهد. عين الطفل الخائف، يد المقاتل المرتجفة، دموع أم تنتظر ابنها، كلها تفاصيل تمنح الصورة روحاً تجعلها تتحدث دون كلمات.

3.   أحب التراكيب التي تجذب العين وتروي القصة بطريقة متماسكة. أستخدم التباين بين الضوء والظل، وأبحث عن الزوايا غير التقليدية التي تضيف بعدًا دراميًا للصورة.

4.   أحياناً، التفاصيل البسيطة تحمل في طياتها عمقاً عاطفياً أكبر من المشاهد الواسعة. قطرة دم على الأرض، حذاء طفل وسط الركام، نظرة عابرة... كلها عناصر تروي قصة دون الحاجة إلى تعليق

-ما هي النصائح التي تقدمها للمصورين الشباب الذين يطمحون لتحقيق النجاح؟ 

للمصورين الشباب الذين يطمحون للنجاح، أقدم هذه النصائح المستخلصة من تجربتي في التصوير الصحفي:

1.   إذا لم تكن تحب ما تفعله، فلن تستطيع الإبداع فيه. التصوير ليس مجرد مهنة، بل هو أسلوب حياة، وطريقة لرؤية العالم بطريقة مختلفة. ابحث عن الشغف في كل لقطة.

2.   الصور القوية تأتي من التواجد في قلب المشهد، لكن لا تعرض حياتك للخطر. تعلم متى تقترب ومتى تتراجع، ولا تجعل الحماس يعميك عن تقييم المخاطر.

3.   التصوير ليس مجرد ضغط على زر الكاميرا، بل هو نقل قصة كاملة من خلال صورة واحدة. اقرأ، استفسر، وتحدث مع الناس قبل أن تبدأ التصوير.

4.   اللقطة المثالية لا تأتي بسهولة. في كثير من الأحيان، ستنتظر لساعات أو حتى أيام للحصول على الصورة التي تحكي القصة بشكل مؤثر.

5.   المعدات مهمة، لكنها ليست كل شيء. العين المدربة تستطيع التقاط الجمال أو الدراما حتى بأبسط كاميرا. ركز على التكوين، الضوء، والتعبير العاطفي.

6.   لا تنسَ أن خلف كل صورة هناك إنسان له مشاعر وظروف. استأذن قبل التصوير عندما يكون ذلك ممكناً، وتجنب استغلال معاناة الناس من أجل لقطة مؤثرة.

7.   كل صورة تلتقطها اليوم قد تكون ذات قيمة في المستقبل. قم بترتيب صورك وأرشفها بشكل جيد، لأنك قد تحتاج إليها لاحقاً.

8.   راقب أعمال المصورين الكبار، لكن لا تحاول تقليدهم.

اجعل لكل صورة تلتقطها بصمتك الخاصة، وطور أسلوبك ليكون فريداً ومميزاً.

9.   اللحظات القوية تأتي فجأة، لذا يجب أن تكون جاهزاً في أي وقت. احتفظ بكاميرتك قريبة منك دائماً، وكن سريعاً في التقاط اللحظات الحاسمة.

10. لا تبقَ في الظل. شارك صورك في المعارض، وعلى منصات التواصل، وحاول إيصال قصصك إلى العالم. الصورة الصحفية القوية لا يجب أن تبقى مخفية.

-ما هو الدور الذي يلعبه التصوير في تغيير وجهات النظر والتأثير في المجتمع؟ 

التصوير يلعب دوراً محورياً في تغيير وجهات النظر والتأثير في المجتمع، لأنه قادر على نقل الحقيقة بصدق، وتحفيز المشاعر، وإحداث تغيير حقيقي. الصورة ليست مجرد لقطة ثابتة، بل هي شهادة حية، قادرة على كشف الظلم، توثيق الأحداث، وإلهام الناس لاتخاذ مواقف أو حتى تغيير أفكارهم.

التصوير الصحفي هو عين الحقيقة، خاصة في مناطق النزاعات والأزمات. الصور التي توثق الحروب، الثورات، والانتهاكات الإنسانية تكشف للعالم ما يحدث على الأرض، حتى لو حاولت بعض الجهات التلاعب بالمعلومات.

مثالاً صور الحرب في فيتنام، مثل صورة الطفلة “كيم فوك” التي تهرب من قنبلة النابالم، غيّرت وجهة نظر العالم تجاه الحرب وأثارت احتجاجات عالمية.

الصورة القوية يمكن أن تلمس قلب المشاهد وتجعله يشعر بإنسانية الآخرين. عندما يرى الناس صوراً لأطفال يعانون، أو لاجئين يبحثون عن مأوى، فإنها توقظ التعاطف وتحفّز على تقديم المساعدة.

مثالاً صورة الطفل السوري “إيلان كردي” الذي وُجد غريقاً على شواطئ تركيا كانت نقطة تحوّل في التعامل مع أزمة اللاجئين.

التصوير يمكن أن يكسر الصور النمطية ويصحح المفاهيم الخاطئة. فمثلاً، الإعلام قد يصوّر منطقة معينة بأنها مليئة بالعنف، لكن الصور التي تظهر الجوانب الإنسانية والثقافية لتلك المنطقة يمكن أن تغيّر هذه الفكرة الخاطئة.

مثالاً صور الحياة اليومية في العراق أو سوريا تُظهر أن هناك حياة مستمرة رغم الحروب، مما يكسر الصورة النمطية بأن هذه الدول مجرد ساحات معارك.

التصوير يجعل التاريخ ملموساً. فبدون الصور، قد تُنسى الكثير من الأحداث، أو يتم تحريفها. الصور تبقى شاهداً صامتاً، لا يمكن إنكارها، وتُستخدم كأدلة في المحاكم الدولية أحياناً.

مثالاً صور المحرقة النازية، أو صور الإبادة الجماعية في رواندا، كانت أدلة حاسمة لمحاكمة المجرمين.

الصور يمكن أن تكون أداة قوية في دعم قضايا مثل حقوق الإنسان، الفقر، تغير المناخ، والعدالة الاجتماعية

في النهاية... الصورة أقوى من ألف كلمة 

-ماهي الرسالة التي تسعى إلى ايصالها من خلال صورك؟ 

الرسالة التي أسعى إلى إيصالها من خلال صوري هي نقل الحقيقة كما هي، دون تزييف أو تحريف، وإبراز الجانب الإنساني في كل حدث. أريد أن تكون صوري شاهداً صادقاً على اللحظات التي عشتها، وأن تحكي قصص الأشخاص الذين قابلتهم، خاصة أولئك الذين لا يملكون صوتًا لإيصال معاناتهم أو نضالهم للعالم.

-كيف تحافظ على الإبداع والتجديد في عملك؟ 

الحفاظ على الإبداع والتجديد في التصوير الصحفي ليس بالأمر السهل، خاصة عندما تعمل لسنوات في الميدان وتواجه مشاهد متكررة. لكن بالنسبة لي، هناك عدة طرق تساعدني على البقاء مبدعًا وعدم الوقوع في فخ التكرار:

 1.   حتى في الأحداث المتكررة، أحاول دائمًا تغيير زاوية الرؤية. أبحث عن منظور مختلف، ألعب بالإضاءة، أو أقترب أكثر من التفاصيل التي قد لا يلاحظها الآخرون. أحيانًا، تغيير بسيط في زاوية التصوير يمكن أن يحوّل صورة عادية إلى لقطة استثنائية

2.   إذا شعرت أنني بدأت أكرر نفسي، أجرب أنواعاً جديدة من التصوير. على الرغم من أنني متخصص في التصوير الصحفي والحربي، إلا أنني أمارس أحياناً تصوير الحياة اليومية، البورتريه، وحتى التصوير الفني. هذا التنوع يعيد لي الشغف ويجعلني أرى الأمور من منظور مختلف

3.   السفر يعطيني فرصة لرؤية الحياة بعيون جديدة. عندما أذهب إلى أماكن مختلفة، أتعرف على ثقافات وأساليب حياة جديدة، وهذا ينعكس على طريقتي في التصوير. لا يجب أن يكون السفر بعيداً، أحياناً مجرد الذهاب إلى حي جديد أو منطقة لم أزرها من قبل داخل بلدي يمكن أن يكون مصدر إلهام

4.   أحرص على متابعة أعمال المصورين الكبار والمعاصرين، سواء في التصوير الحربي أو الفوتوغراف الوثائقي. رؤية أعمال جديدة تحفزني على التجربة والتطور، لكنها لا تجعلني أقلد، بل تدفعني للبحث عن بصمتي الخاصة

5.   التكنولوجيا تتطور بسرعة، وأحاول دائماً تعلم أساليب جديدة في التصوير والمعالجة. استخدام الطائرات بدون طيار (الدرون) أو الأبيض والأسود بطرق مختلفة يعطيني أفكاراً جديدة

6.   أحياناً، عندما أشعر بأنني فقدت الإبداع، أعود إلى التصوير الفيلمي أو أستخدم كاميرا قديمة لأذكر نفسي بأساسيات الضوء، الظل، والتكوين. هذا يجعلني أركز أكثر على جوهر الصورة بدلاً من الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فقط

7.   أحياناً، الإبداع يحتاج إلى استراحة. عندما أشعر أنني مرهق أو أنني أكرر نفسي، أتوقف عن التصوير لفترة قصيرة وأركز على مشاهدة الأفلام، قراءة الكتب، أو الاستمتاع بالموسيقى. هذا يساعدني على العودة بطاقة جديدة وأفكار مختلفة.

-ماهي هواياتك واهتماماتك خارج نطاق التصوير؟ 

خارج نطاق التصوير، لدي عدة هوايات واهتمامات تمنحني التوازن وتساعدني على الابتعاد قليلاً عن ضغوط العمل، لكنها في نفس الوقت تغذي مخيلتي وإحساسي البصري.

1.   أنا شغوف بالقراءة، خاصة في مجالات التاريخ، الفلسفة، والأدب. أحب قراءة السير الذاتية لصحفيين ومصورين وثقوا الحروب والأحداث الكبرى، لأنها تساعدني على فهم تجاربهم والاستفادة منها في عملي. كما أنني أجد في الروايات ملاذًا للغوص في عوالم مختلفة خارج الواقع القاسي الذي أعيشه كمصور صحفي.

2.   السفر ليس مجرد هواية، بل هو جزء من طبيعتي. أعتبره وسيلة لفهم الثقافات المختلفة، ورؤية العالم من زوايا جديدة. حتى عندما لا أكون في مهمة تصوير، أحب زيارة الأماكن القديمة والأسواق الشعبية، حيث أجد تفاصيل بصرية مذهلة تلهمني.

3.   قبل أن ألتقط بعض الصور، أحيانًا أرسم تخطيطًا بسيطًا للمشهد في ذهني أو على الورق. الرسم ليس احترافيًا، لكنه يساعدني على تكوين الصورة في مخيلتي قبل أن ألتقطها، خاصة في المشاهد الوثائقية أو البورتريهات.

4.   الموسيقى تساعدني كثيرًا على الاسترخاء والتأمل، خاصة عندما أعود من تغطية أحداث صعبة. أستمع إلى مجموعة واسعة من الأنواع الموسيقية، من الموسيقى الكلاسيكية إلى الأغاني التراثية العراقية، وأحيانًا الموسيقى التصويرية للأفلام.

5.   أنا مهتم جدًا بالأفلام الوثائقية، خاصة تلك التي تتناول الحروب، التاريخ، والقضايا الإنسانية. هذه الأفلام ليست مجرد مصدر إلهام، لكنها تساعدني أيضًا على تطوير رؤيتي السردية كمصور، حيث أن كل صورة يجب أن تحكي قصة كما تفعل الأفلام الوثائقية.

6.   أحب كتابة مذكراتي عن الرحلات والمهمات الصحفية التي قمت بها. أحيانًا أكتب عن القصص التي عشتها خلف الكاميرا، المواقف التي أثرت فيّ، أو حتى تأملاتي حول التصوير والحياة. هذا يساعدني على فهم تجاربي بشكل أعمق.

7.   لدي شغف بتدريب المصورين الشباب، سواء من خلال ورشات عمل أو محاضرات. أحب أن أشارك خبرتي وأساعدهم على تطوير مهاراتهم، لأنني أؤمن أن نقل المعرفة مسؤولية كبيرة.

8.   المشي الطويل في الأماكن العامة أو في شوارع المدن القديمة يمنحني فرصة للتأمل والتقاط التفاصيل الصغيرة التي قد لا ألاحظها في زحمة الحياة. كما أنني أمارس بعض التمارين للحفاظ على لياقتي، خاصة أن عملي كمصور يتطلب جهدًا بدنياً كبيراً.

-ماهي الأماكن التي قمت بزيارتها واثرت فيك؟

خلال مسيرتي كمصور صحفي، زرت العديد من الأماكن التي تركت أثراً عميقاً في نفسي، سواء بسبب الأحداث التي شهدتها هناك أو بسبب القصص الإنسانية التي عشتها. بعض هذه الأماكن لا تزال محفورة في ذاكرتي، لأن كل زاوية منها تحمل قصة، وكل صورة التقطتها هناك كانت تحمل مشاعر لا تُنسى.

1.   الموصل – العراق

الموصل كانت واحدة من أكثر المدن التي أثرت فيّ خلال تغطيتي لمعركة تحريرها من تنظيم داعش (2014-2017). رأيت المدينة وهي تنهار تحت القصف، رأيت العائلات تفرّ من الموت، والمقاتلين يخوضون معارك شرسة في أزقة ضيقة. أكثر اللحظات التي لا أنساها كانت عندما دخلت المدينة القديمة بعد التحرير، وشاهدت حجم الدمار الهائل والمآسي التي خلفتها الحرب. لكن في نفس الوقت، رأيت الأمل في عيون الناس الذين عادوا لإعادة بناء حياتهم.

2.   دمشق – سوريا 

دمشق هي المدينة التي بدأت فيها مسيرتي كمصور، ولها مكانة خاصة في قلبي. أحببت توثيق الحياة اليومية فيها، الأسواق القديمة، الحارات الضيقة التي تحمل رائحة التاريخ. كما أنني زرتها خلال فترات التوتر السياسي، وشاهدت كيف تؤثر الأزمات على تفاصيل الحياة اليومية للناس البسطاء.

3.الفلوجة – العراق 

غطيت المعارك في الفلوجة، ورأيت المدينة تمر بتحولات صعبة، من حرب طاحنة إلى محاولات الإعمار. لا يمكنني نسيان المشاهد التي التقطتها هناك، من الجثث التي كانت تملأ الشوارع، إلى لحظات النجاة عندما كان المدنيون يهربون تحت القصف. الفلوجة بالنسبة لي ليست مجرد مدينة، بل رمز لصراع طويل وتجربة غيرت نظرتي للحياة والموت.

4.   بيروت – لبنان 

بيروت هي مدينة تمتزج فيها التناقضات، بين الجمال والحزن، بين الحياة والدمار. زرتها عدة مرات، لكن أكثر زيارة أثرت فيّ كانت بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020. المشهد كان أشبه بكارثة نووية، البيوت مدمرة، والناس يبحثون عن أحبائهم تحت الأنقاض. التقطت صوراً لم أكن أتمنى أن أراها يوماً، لكنها أصبحت جزءاً من ذاكرة المدينة.

5.   سامراء – العراق 

تغطية الأحداث في سامراء، خاصة خلال الأوقات التي تعرض فيها مرقد الإمامين العسكريين للتفجيرات، كانت تجربة مؤثرة. المدينة تحمل تاريخاً طويلاً، وكانت في فترات معينة منطقة مواجهة ساخنة. لكن ما كان يلفت انتباهي دائماً هو إصرار الناس على العودة وإعادة بناء حياتهم رغم كل شيء.

6.   القاهرة – مصر 

زرت القاهرة عدة مرات، ورغم أنها مدينة مزدحمة وصاخبة، إلا أنني أجد فيها طاقة خاصة. أحببت تصوير الشوارع القديمة، الأسواق، والمشاهد اليومية للناس الذين يكافحون لكسب لقمة العيش. كما أنني استلهمت كثيرًا من تراثها السينمائي والثقافي، الذي انعكس على طريقة رؤيتي للتصوير.

7.النجف – العراق 

النجف مدينة لها خصوصية روحية كبيرة. خلال تغطيتي للمناسبات الدينية هناك، كنت أشعر وكأنني أعيش في زمن آخر، حيث تختلط مشاعر الحزن والولاء في مشاهد مهيبة. المقبرة وادي السلام كانت أحد أكثر الأماكن التي أثرت فيني، حيث ترى آلاف القبور التي تروي حكايات لا تُحصى.

8.   حلب – سوريا 

حلب مدينة عريقة، لكن زيارتي لها خلال الحرب جعلتني أراها بشكل مختلف تماماً. رأيت كيف يمكن للحرب أن تمسح تاريخاً عمره قرون في لحظات. مشاهد الدمار، الأحياء المهجورة، والوجوه التي أنهكتها الحرب، كلها منحتني إحساساً عميقاً بمسؤولية المصور في توثيق هذه اللحظات للتاريخ

-كيف تتعامل مع الضغوطات التي تواجهها في عملك؟ 

العمل كمصور صحفي، خصوصًا في مناطق النزاع أو أثناء تغطية الأحداث الصعبة، يضعني دائماً أمام تحديات وضغوط كبيرة. لكنني تعلمت كيفية التعامل مع هذه الضغوطات بمرور الوقت من خلال مجموعة من الاستراتيجيات التي تساعدني على الحفاظ على تركيزي وهدوئي أثناء عمل.

·              أُذكّر نفسي دائماً بأنني في مهمة لتوثيق الحقيقة. في وسط الفوضى والضغوطات، يجب أن أتذكر السبب الذي دفعني للعمل في هذا المجال، إيصال رسائل الناس، والشهادة على الأحداث. هذا يساعدني على أن أبقى متحمساً ومركزاً، وأن أعتبر ما أفعله رسالة إنسانية وليست مجرد وظيفة.

·              الضغوط النفسية تتراكم بسرعة في المواقف الصعبة، لذلك أحرص على أخذ فترات قصيرة للراحة، حتى لو كانت لحظات بسيطة بين التغطية والتصوير. أحياناً يمكنني الابتعاد عن الموقع لبضع دقائق، أتنفس بعمق أو أستمع إلى موسيقى هادئة. هذه الفترات تساعدني على إعادة شحن طاقتي الذهنية والجسدية.

·              تغطية الحروب أو الكوارث قد تكون مليئة بالمشاهد المؤلمة التي تؤثر على الإحساس البشري. في البداية، كان من الصعب الفصل بين الإنسانية والاحترافية. الآن، تعلمت كيفية التعامل مع هذه المشاعر وتوجيهها بما يخدم عملي. أحياناً يكون من المفيد أن أعيد التركيز على التقنية والأدوات بدلاً من التفاعل العاطفي الفوري مع ما يحدث حولي.

·              في كثير من الأحيان، نجد في الزملاء الصحفيين والمصورين مصدر دعم ومشاركة. نحن جميعاً نمر بتجارب مماثلة في البيئات الصعبة، لذا يساعدنا التحدث مع بعضنا البعض على تجاوز الضغوط وتبادل النصائح والتشجيع. في بعض الحالات، أبحث عن دعم نفسي مختص إذا كانت الضغوطات تؤثر على نفسيتي بشكل كبير.

·              لا يمكن التنبؤ بكل شيء في الميدان، لذا من المهم أن أكون مرناً وأتعامل مع الظروف المتغيرة بأسرع ما يمكن. إذا لم أتمكن من الوصول إلى مكان التصوير الذي خططت له، أبحث عن فرص جديدة لتوثيق القصة من زاوية مختلفة. هذا يساعدني على التحلي بالصبر وعدم الاستسلام للظروف.

·              العمل في بيئات صعبة يتطلب أيضًا العناية بالجسم والعقل. أحرص على ممارسة الرياضة بشكل منتظم للحفاظ على لياقتي الجسدية. كما أنني أعتني بنفسي نفسياً من خلال التأمل أو حتى القيام بأنشطة هادئة مثل القراءة أو الرسم بعد يوم طويل في الميدان. هذا يساعدني على الحفاظ على توازني الشخصي.

- كيف تُشكّل الثقافات المختلفة رؤيتك الفنية عند تصوير مشاهد متنوعة حول العالم؟   

الاختلافات الثقافية تلعب دوراً كبيراً في تشكيل رؤيتي الفنية كمصور صحفي. الثقافة ليست فقط جزءاً من الهوية الشخصية للأفراد، بل هي أيضاً جزء من السياق البصري الذي أعمل ضمنه. إن فهمي للثقافات المختلفة يساعدني على التفاعل مع المشهد بعمق أكبر، والتقاط الصور التي تعكس جوهر الحدث أو التجربة الإنسانية بطريقة فنية ومعبرة

   - صِف لنا تجربة واجهت فيها تحدياً غير متوقع وكيف تعاملت معه؟   

أثناء عملي كمصور صحفي، لا تقتصر التحديات على الظروف الأمنية أو البيئية فقط، بل تشمل أيضاً التحديات غير المتوقعة التي قد تغير مسار العمل في لحظة. إحدى التجارب التي واجهت فيها تحدياً غير متوقع كانت أثناء تغطيتي لعملية تحرير الموصل في ٢٠١٤.

·              في إحدى الأيام، كنت أعمل على توثيق المواجهات في الجانب الغربي من الموصل، حيث كانت المعارك تشتد بشدة. في تلك اللحظة، فوجئت بتغيير مفاجئ في الطقس. كانت السماء قد امتلأت بالغبار الكثيف، مما أثر على الرؤية بشكل كبير. في بعض الأوقات، لم أتمكن من رؤية مسافة أكثر من مترين أمامي بسبب الغبار والرياح العاتية. إضافة إلى ذلك، كانت هذه الظروف تؤثر على العدسات والكاميرات بشكل سلبي، مما جعل العمل في هذه الأجواء تحدياً كبيراً، في مثل هذه الظروف، كان من الضروري أن أبقى هادئا وأركز على المهمة. في البداية، واجهت صعوبة في التقاط الصور، حيث كان الغبار يعمق التحديات التقنية. لكنني قررت أن أحافظ على الهدوء وأتخذ بعض التدابير لتخفيف تأثير الطقس على معداتي

- ما الخطوات التي تتخذها لضمان احترام خصوصية وكرامة الأشخاص الذين تلتقط صورهم، خاصة في المجتمعات التقليدية؟   

ضمان احترام خصوصية وكرامة الأشخاص الذين ألتقط صورهم هو جزء أساسي من عملي كمصور صحفي، وخاصة في المجتمعات التقليدية حيث قد يكون هناك حساسيات أكبر حول كيفية عرض الأشخاص في الصور. منذ البداية، أدركت أن المسؤولية الأخلاقية تجاه الناس الذين ألتقط لهم صورًا تتطلب الاحترام الكامل لحقوقهم وحرياتهم الشخصية.

·              أحد أهم المبادئ التي أتبعها هو الحصول على إذن صريح قبل التقاط أي صورة، خاصة في المجتمعات التي قد تكون أكثر تحفظاً أو تقليدية. لا ألتقط صوراً إلا إذا شعرت أن الشخص أو الأشخاص المعنيين راضون عن ذلك. في بعض الأحيان، هذا يعني التحدث معهم أولاً وشرح الهدف من الصورة، سواء كان للاستخدام الصحفي أو الفني. في حالات مثل الاحتجاجات أو الأحداث العامة، قد يكون الطلب المسبق غير ممكن، ولكنني لا أتردد في طلب الموافقة إذا كان الشخص في الصورة قريبًا أو في وضع خاص.

·              كل مجتمع له قيمه وعاداته الخاصة التي يجب أن أكون على دراية بها. في المجتمعات التقليدية، قد يكون هناك تحفظ كبير على الصور الشخصية، خاصة في المواقف التي تتعلق بالعائلات أو النساء أو الأطفال. أحرص على تعلم القيود الثقافية التي قد تكون موجودة بشأن تصوير الناس في الأماكن الخاصة مثل المنازل أو المعابد أو الأماكن المقدسة. على سبيل المثال، في بعض المجتمعات، يمكن أن تكون الصور التي تظهر الوجه أكثر حساسية من التقاط صور غير مباشرة أو من مسافة بعيدة.

·              عندما أكون في مواقع كوارث أو صراعات، من الضروري أن أكون حساساً بشكل خاص تجاه الأشخاص الذين يمرون بتجربة قاسية. قد يتعرض بعضهم للدمار المادي أو العاطفي، لذلك يجب أن أكون حذرًا جدًا في كيفية تصويرهم. أحيانًا أختار ألا ألتقط صورة عندما أعتقد أن ذلك قد يزيد من معاناتهم أو يتسبب في إحراجهم. في حالات أخرى، أكون حريصًا على أن تكون الصور التي ألتقطها تعكس الوضع بشكل إنساني دون التسبب في إهانة أو خرق لخصوصياتهم.

·              الأطفال هم فئة حساسة جداً في التصوير الصحفي، خاصة في المجتمعات التقليدية. لا ألتقط صوراً للأطفال بدون موافقة أولياء الأمور أو الوصي القانوني. حتى في الحالات التي يمكن أن تكون فيها الصورة مهمة لتوثيق حدث أو قصة، أحرص على أن تكون الصور التي ألتقطها تُحترم خصوصيتهم ولا تُمثلهم في وضع يمكن أن يكون محرجًا أو غير لائق.

·              حتى بعد التقاط الصور، أحرص على استخدامها بحذر. لا أستخدم صوراً لأشخاص في وضعية ضعيفة أو في لحظات مؤلمة إلا إذا كان ذلك ضرورياً للسياق الصحفي أو الوثائقي، وأتأكد من أن الصورة تقدم القصة بشكل يليق بالأفراد الذين يظهرون فيها. كما أنني دائماً أكون حريصاً على عدم تعديل الصور بشكل يشوّه المعنى أو ينتهك كرامة الشخص.

·              أؤمن أن جزءاً من الاحترام هو تعليم الناس حول أهمية التصوير الصحفي ودوره في توثيق التاريخ. في بعض الحالات، أتناقش مع الأشخاص حول كيفية استخدام صورهم وتوضيح الهدف منها. إذا كان لديهم أسئلة أو مخاوف، أكون مستعدًا للإجابة على تلك الأسئلة وأوضح كيف سيتم التعامل مع الصور بشكل مهني وأخلاقي.

- كيف غيّرت التطورات التقنية (مثل الكاميرات الرقمية أو الذكاء الاصطناعي) طريقة تعاملك مع التصوير العالمي؟ 

التطورات التقنية، مثل الكاميرات الرقمية والذكاء الاصطناعي، قد غيرت بشكل جذري طريقة تعاملي مع التصوير الصحفي، وأثرت على أسلوبي الفني والعملي في توثيق الأحداث. هذه التقنيات فتحت أفقًا جديدًا للابتكار وتحسين جودة العمل، وكذلك أضافت تحديات جديدة تتطلب التكيف المستمر. إليك بعض الجوانب التي تأثرت بهذه التطورات:

من أهم الفوائد التي قدمتها الكاميرات الرقمية والتقنيات الحديثة هي تحسين معدات التصوير بشكل كبير. أصبح لدينا اليوم كاميرات مع حساسات عالية الدقة، عدسات متعددة الاستخدامات، وتقنيات تصوير متقدمة مثل التصوير عالي السرعة والتصوير في الإضاءة المنخفضة. الكاميرات أصبحت أكثر قوة في التعامل مع ظروف الطقس الصعبة، مثل الحرارة المرتفعة أو الأمطار الغزيرة، مما يسمح لي بالتصوير في أماكن خطرة أو ظروف صعبة مثل المناطق المتضررة من الحروب أو الكوارث الطبيعية.

7. تأثير الذكاء الاصطناعي على التنبؤ باللحظات المهمة

تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل التعرف على الوجوه والأنماط يمكن أن تساعد المصور الصحفي في التنبؤ بالأحداث المهمة

أصبحت التقنيات الحديثة تسهل أيضاً عملية نشر الصور وتوزيعها عالمياً. قبل التقنيات الرقمية، كانت عملية نشر الصور تتطلب وقتاً طويلاً عبر الوكالات الإعلامية أو الصحف التقليدية. الآن، يمكن نشر الصور عبر الإنترنت فور التقاطها، مما يزيد من الوصول العالمي ويتيح لها أن تصل إلى جمهور كبير بسرعة. هذا يساعدني في إيصال القصة أو الرسالة التي أريد توصيلها إلى عدد أكبر من الناس في وقت أقصر

-اخيرا هل حققت ما تتمنى من خلال التصوير؟

 

من خلال مسيرتي في


مشاهدات 62
أضيف 2025/04/19 - 12:15 AM
آخر تحديث 2025/04/19 - 3:34 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 814 الشهر 19471 الكلي 10900118
الوقت الآن
السبت 2025/4/19 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير