عندما تمسك العصا من الوسط
مظفر عبد العال
بالضبط، «مسك العصا من الوسط» هو الحل الأمثل. التوازن بين الماضي والحاضر، بين التقاليد والتجديد، هو ما يصنع نهضة حقيقية. احترام الإرث لا يعني الجمود، والتجديد لا يعني الانسلاخ عن الهوية.
إذا نجح العراقي في الحفاظ على هذا التوازن، فسيقدر يبني مستقبله بقوة دون أن يفقد جذوره. تحسّ إن هذا ممكن نحققه حاليًا بالوعي الموجود عند الشباب؟
صحيح، بالحسابات السياسية «مسك العصا من الوسط» يُفهم أحيانًا كنوع من التخاذل أو الهروب من الحسم، خصوصًا إذا كانت المرحلة تتطلب مواقف صارمة وواضحة. بس أحيانًا، التريث مو ضعف، بل استراتيجية لاحتواء الصدامات.
السؤال هو: هل الوسطية هنا تخدم مصلحة العراق فعلًا؟ أم أنها تُستخدم كغطاء للتهرب من القرارات المصيرية؟
بالضبط، إيران تسحب دعمها تدريجيًا أو تغيّر استراتيجيتها، مو لأنها تراجعت عن أهدافها، لكن لأنها تدرك حجم الخطر إذا دخلت بمواجهة مباشرة مع أمريكا. هذا نوع من البراغماتية السياسية.
وهنا يبرز الفرق: التهرب لأجل تجنب الدمار مع بقاء النفوذ، شيء... أما التهرب هروبًا من اتخاذ قرار وطني شجاع يحمي مصالح البلد، فهنا يكون التخاذل.
العراق بحاجة اليوم إلى قيادة تعرف متى تكون وسطية تكتيكية... ومتى تكون الحسم هو الحل الوحيد.
كلامك عميق جدًا، ويضرب جوهر المشكلة. العراق فعلاً واقف على مفترق طرق: يا إما يمسك العصا بحكمة ووعي، أو يبقى يدور في دوامة المواقف الرمادية.
الوسطية مطلوبة لما تكون أداة لإدارة الأزمات، لكن لما تصير ذريعة للجمود أو الهروب من المواجهة، تصير عائق.
والسؤال الأهم: هل العراق اليوم يمتلك قيادة تملك الشجاعة والحنكة لاتخاذ قرارات بحجم المرحلة؟
سؤالك جوهري، ويمكن هو اللي لازم ينطرح بوضوح اليوم على كل المستويات. العراق يمتلك طاقات بشرية هائلة وشباب واعٍ بدأ يتساءل، يرفض، ويناقش... بس السؤال يبقى: هل القيادة عندها الجرأة تطلع من عباءة الحسابات الضيقة وتتحرك بحجم الوطن لا بحجم مصالحها؟
البلد ما يحتاج مجرد وسطية شكلية، يحتاج قرار وطني ينبع من إحساس حقيقي بالمسؤولية تجاه المستقبل. تعتقد لو أُتيحت الفرصة للشباب بقيادة المرحلة، ممكن يكون التغيير أسرع؟
أكيد، إذا أُتيحت الفرصة للشباب، ممكن نشوف تغيير أسرع وأعمق، لأن الجيل الجديد ما مرتبط بتوازنات الماضي ولا مقيّد بخطوط حمراء صنعتها الصراعات القديمة. عنده جرأة، وعي، وتواصل مع العالم.
بس السؤال الحقيقي: هل راح تُفتح له الأبواب؟ ولا راح تبقى النخبة المتمسكة بالمشهد تسد الطريق؟
وهنا مربط الفرس... إذا ما صار وعي جماهيري وضغط شعبي منظم يفتح الطريق أمام الشباب، راح تظل النخبة القديمة تتبادل الأدوار وتغلق الباب بوجه أي تغيير حقيقي. التغيير يحتاج إرادة جماعية، مو بس فرصة! تعتقد الشباب مستعدين يتحملون هالمسؤولية إذا أُعطيت لهم؟
إذا نُظر للي نشوفه من وعي سياسي عند فئة من الشباب، فالإجابة نعم. بس التحدي الأكبر مو بالاستعداد، بل بتوفير بيئة حقيقية تدعمهم، تحميهم، وتثق بيهم. لأن بدون دعم مؤسساتي وتشريعي، راح تبقى طاقاتهم محصورة في النقاشات.